معظمنا يتصور أنّ الجهاز المناعي موجود في كل جزء من جسمنا، إلا أنّ هذا التصور خاطئ حيث أنّ بعض المواقع أو الأماكن في الجسم لا تصلها مكونات الجهاز المناعي مطلقًا ومنها الجزء الداخلي من العين، والخصيتين، والدماغ، والمبيض، والمشيمة ولذلك يطلق عليها بالمواقع المميزة مناعيًا Immune privileged sites .

وجد الباحثون مؤخرًا بعض الحواجز المشابهة لتلك الحواجز الموجودة في المواقع المميزة مناعيًا (immune privileged sites) والتي سبق ذكرها أعلاه في الأمعاء الدقيقة (Small intestine) والتي تمنع وصول مكونات الجهاز المناعي إلى التجويف الداخلي للأمعاء الدقيقة، ومهاجمة الأحياء الدقيقة مثل بكتريا الإشريكية القولونية E. coli.

الحواجز المعوية The intestinal barriers

القناة الهضمية (Gastrointestinal tract) عبارة عن نظام بيئي مُعقّد يحتوي على العديد من الجراثيم المعوية (Microbiota)، التي تنمو وتتطور جنبًا إلى جنب مع المضيف، كما أنها تُنشِئ علاقة تبادل منفعة بينها وبين المضيف.

حيث أنّ المضيف يحتاج إلى الجراثيم المجهرية من أجل الحصول على الطاقة من الغذاء عن طريق تحطيم الجزيئات المعقّدة وتحويلها إلى جزيئات بسيطة من قبل هذه الجراثيم، كما أنّها تشكّل الحاجز الأول للحماية من مسبّبات الأمراض المُحتملة، في حين يوفّر لها المضيف العناصر المغذية والمكان المناسب للنمو.

على الرغم من هذه العلاقة المتبادلة بين المضيف والجراثيم، إلا أنّ وجود هذه الكائنات الحية الدقيقة يسبب مخاطر صحيّة هائلة له، وبناءً على ذلك تطوّرت العديد من الاستراتيجيات في الأمعاء الدقيقة لحماية المضيف من خطر الإصابة بهذه الجراثيم، وفي الوقت نفسه تسمح للمضيف بالتسامح مع هذه الجراثيم، وبالتالي عدم تمييزها على أنّها كائنات غريبة، وتشمل هذه الاستراتيجيات التقسيم التركيبي للأمعاء الدقيقة والذي يقلل من وصول وانتشار البكتيريا إلى داخل الصفيحة المخصوصة (Lamina propria) للأمعاء الدقيقة، وبالتالي يوفّر الحاجز المناعي المتخصّص عدم دخول هذه البكتريا إلى الجزء الداخلي من الأمعاء الدقيقة، ولذلك وجود أي خلل أو عيب في هذه الحواجز يؤدي إلى الإصابة بهذه الجراثيم.

يوجد في الأمعاء الدقيقة نوعين من الحواجز :

1- الحاجز الظهاري المعوي (The intestinal epithelial barrier (IEB

يُعد الحاجز الظهاري المعوي (The intestinal epithelial barrier (IEB بمثابة حاجز الدفاع الأول الذي يمنع انتقال البكتيريا المعوية من تجويف الأمعاء (Lumen) إلى داخل الصفيحة المخصوصة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الخلايا الكأسية (Goblet cells) ، تقوم بإنتاج طبقة من المخاط، وكذلك خلايا بانيت (Paneth cells)، حيث تعمل هذه الخلايا على إفراز بعض الببتيدات المضادة للميكروبات، وبالتالي تقدم دعمًا إضافيًا للحفاظ على وظيفة الحاجز الظهاري المعوي. كما موضح في الشكل أدناه .

الحاجز الظهاري المعوي

2- الحاجز الوعائي المعوي (Gut–vascular barrier (GVB

تقع الشعيرات الدموية مباشرة تحت الطبقة الظهارية للأمعاء (Intestinal epithelium)، حيث تتكون من الخلايا البطانية (Endothelial cells) التي تنتج مجموعة من البروتينات التي تعمل على ربط الخلايا البطانية للأمعاء مع بعضها البعض بقوة لتشكيل الحاجز الوعائي المعوي.

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط بالخلايا البطانية المكونة للوعاء الدموي نوعين من الخلايا وهي كل من الخلايا الدبقية المعوية (Enteric glial cells)، وكذلك بيريسيتس (Pericytes) حيث تشكلان معًا الوحدة الوعائية المعوية، وبالتالي تمنعان من خروج الخلايا المناعية من الوعاء الدموي ومهاجمة بكتريا الأمعاء E. coli .

وفي النهاية، يمكننا القول بأنّ هذه الحواجز تمنع وصول بكتيريا الأمعاء E. coli إلى الجزء الداخلي من الأمعاء الدقيقة وخاصة الصفيحة الأساسية، كما أنّها تمنع مكونات الجهاز المناعي من مهاجمة هذه البكتيريا والقضاء عليها.


  • إعداد: أحمد علي حسين
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر

مواضيع ذات صلة: