يصاب معظمنا مرتين على الأقل سنويًا بالزكام ، ولكن ما السبب؟

بدأ موسم الزكام والأنفلونزا يطلّ برأسه القبيح علينا، ولا يمكننا أن نكون بمنأى عن السعال والعطاس.

ولكن لماذا نحن أكثر عرضة للإصابة بنشق الزكام المصحوب بسائل مخاطي خلال فصل الشتاء؟
العدوى الفيروسية التي تسبب نزلات البرد أو الأنفلونزا هي مصدر إزعاج بلا شك.

ووفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (Centers for Disease Control and Prevention (CDC: «يعتبر الرشح السبب الرئيسي في تغيّب الأطفال عن مدارسهم والكبار عن عملهم كل عام».

في حين أن أغلب نزلات البرد تميل للشفاء دون تناول عقاقير، إلا أنّ الأنفلونزا تحصد أرواح ما يقارب الـ 250،000 إلى 500،000 شخص في جميع أنحاء
العالم سنويًا.

إذًا، ما الذي يعرفه العلماء حول كيفية إفساح درجات الحرارة المنخفضة المجال أمام الفيروسات لتنتشر كالنار في الهشيم؟

الرشح ضد الأنفلونزا:

أولًا، نحن بحاجة إلى التمييز بين الرشح والأنفلونزا، لأن الفيروسات التي تسببهما لا تتصرف بنفس الطريقة بالضرورة.
في معظم الأحيان، يظهر الرشح بثلاثية من الأعراض: التهاب الحلق، انسداد الأنف، والسعال.

هنالك أكثر من 200 فيروس يمكنه التسبّب بالرشح، ولكن الفيروسات الأنفية هن المسببات الأكثر شيوعًا.

ومن المثير للاهتمام أن حوالي ربع المصابين بفيروس الرشح محظوظون بما فيه الكفاية لعدم اختبارهم لأيّ من الأعراض على الإطلاق.

سبب الأنفلونزا هو فيروس الأنفلونزا، وهناك ثلاثة أنواع لهذا الفيروس: فيروس أنفلونزا أ وفيروس أنفلونزا ب وفيروس أنفلونزا ج.

يشترك الرشح والأنفلونزا بالعديد من الأعراض، ولكن عدوى الأنفلونزا غالبًا ما تترافق مع ارتفاع في درجة الحرارة أيضًا وألم، و تعرّق بارد أورعشات.

والآن بعد أن عرفنا الفرق بين الرشح والانفلونزا، دعونا نلقي نظرة على الوقت الذي نميل فيه للوقوع فريسة لهذه الفيروسات.

الأنماط الموسمية:

تراقب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC) نشاط الأنفلونزا عن كثب. الإصابة بالأنفلونزا أمرٌ وارد في كل أوقات السنة، ولكن معظم الحالات تتبع نمطًا موسميًا متوقعًا نسبيًا.

وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC) تبدأ العلامات الأولى لنشاط الأنفلونزا عادةً في أكتوبر / تشرين الأول تقريبًا، وغالبًا ما تكون ذروتها في منتصف فصل الشتاء.

ولكن في بعض السنوات، يمكن للأنفلونزا أن تدوم حتى شهر أيار\ مايو.

وكان الشهر الذروة لنشاط الأنفلونزا في الفصول الممتدة بين الأعوام 1982-1983 إلى 2015-2016 هو شهر شباط \ فبراير، يليه شهر كانون الأول\ ديسمبرومن ثم آذار\ مارس وشهر كانون الثاني\ يناير.

أما المواقع المعتدلة الطقس الأخرى في جميع أنحاء العالم فتشهد أنماطًا مماثلة، مع اعتبار درجات الحرارة الباردة والرطوبة المنخفضة العوامل الأساسية، وفقًا لما أظهره تحليل عام 2013.

غير أنه لا ينطبق الأمر ذاته على المناطق المدارية.

هناك، قد تشهد تفشي المرض خلال الأشهر الماطرة والرطبة أو خلال مراحل متسقة نسبيًا من حالات الأنفلونزا على مدار السنة.

إذا كان هذا يبدو لك غير متوقّعًا، فأنت لست وحدك.

في حين أن بيانات الأنفلونزا تدعم مثل هذا الارتباط، ليس لدى العلماء أدنى فكرة عن كيفية مقدرة الفيروسات على ممارسة أقصى قدر من الضرر في كل من درجات الحرارة المنخفضة والمرتفعة والرطوبة المنخفضة والمرتفعة.

ومع ذلك، هناك العديد من النظريات، تتراوح من تأثير البرد على سلوك الفيروسات ومدى قوّة الجهاز المناعي لدينا ضد العدوى، إلى الوقت الطويل الذي يقضيه المرء في الأماكن المزدحمة والأقل تعرضًا لأشعة الشمس.

الهواء البارد يؤثر على خط الدفاع الأول لدينا:

فيروسات الرشح والأنفلونزا تحاول التغلغل في أجسادنا عبر أنوفنا، لحسن الحظ لدينا بطانة أنفية تتمتّع بآليات دفاع متطورة ضد هذه الميكروبات الدخيلة.

مخاط الأنف:

تقع الفيروسات في حصار مع العقدة اللزجة، والتي تنتقل بواسطة الشعيرات التي تسمى بالأهداب والتي تخطط ممرات الأنف لدينا ونبتلع كامل المخاط وتبطل الأحماض المعدية مفعول الميكروبات.

ولكن الهواء البارد يبرّد المجرى الأنفي ويبطئ من إزالة المخاط. ويصبح بإمكان الفيروسات الآن الالتصاق لفترة أطول محاولة التغلغل بالمخاط بهدف التفشي في أجسامنا.

وحالما يخترق فيروس هذه الآلية الدفاعية، يتولّى جهازنا المناعي مهمّة مقاومة الدخيل. تغمر الخلايا البلغمية، وهي خلايا مناعية متخصصة، وتهضم الفيروسات. ولكن الهواء البارد يرتبط أيضًا بانخفاض في هذا النشاط.

وفي الواقع، يفضّل الفيروس الأنفي درجات الحرارة المنخفضة، مما يجعل عدم الاستسلام للرشح مهمةً صعبةً حالما ينخفض مقياس الحرارة.

ووفقًا لدراسة أجريت في عام 2016، فإن هذه الفيروسات تميل لارتكاب ما يسمّى بالانتحار الخلوي أو موت الخلايا المبرمج ، أو تميل لمواجهة الإنزيمات التي تجعل عملها قصيرًا عندما تكون درجات حرارة الجسم طبيعية.

فيتامين د (وقضاء الوقت في الداخل) هم محض خرافات:

خلال فصل الشتاء، تكون مستويات الأشعة فوق البنفسجية أقل بكثير مما هي عليه في الصيف.

ولهذا تأثير مباشر على كمية فيتامين د التي يمكن لأجسادنا إنتاجها.

وقد تبيّن أن فيتامين (د) يشارك في صنع جزيء مضاد للميكروبات، وقد أُثبِت في الدراسات المختبرية أنَّ هذا الجزيء يحدّ من مدى إمكانية تكاثر فيروس الأنفلونزا.

ونتيجة لذلك، يعتقد البعض أن تناول مكملات فيتامين (د) خلال أشهر الشتاء يمكن أن يقي من الإصابة بالأنفلونزا.

وأظهرت نتائج التجارب السريرية التي نُشِرت في عام 2010 أن أطفال المدارس الذين تناولوا فيتامين د 3 يوميًا، انخفض خطر إصابتهم بالأنفلونزا أ.

ومع ذلك، فإن نتائج تجربة سريرية أخرى – نُشرت في وقت سابق من هذا العام – وجدت أن مستويات مرتفعة من مكملات فيتامين (د) ليس لها أي تأثير.

لذلك، لجنة التحكيم لا تزال في حيرة من أمرها حيال آثار فيتامين د.

وهناك سبب آخر يُعزى إليه عادة سبب الإصابة بالرشح والأنفلونزا في أشهر الخريف والشتاء وهو أننا نقضي المزيد من الوقت في الداخل بمجرد أن يكون الطقس قاسيًا.

ويعتقد أن لهذا تأثيرين: تساعد المساحات المزدحمة الفيروسات على الانتشار من شخص إلى آخر، كما أن التدفئة المركزية تسبب انخفاضًا في رطوبة الهواء مرتبطة بتفشي الأنفلونزا.

ومع ذلك، يعيش العديد منا حياته في أماكن مزدحمة على مدار السنة، وفي العزلة، وبالتالي لا يمكن لهذه النظرية أن تفسّر معدلات الأنفلونزا. وبدلًا من ذلك، يعتقد بعض العلماء بأنّ درجة الحرارة والرطوبة والسفر والازدحام كلها تسهم في خطر انتقال الفيروس على العموم.

كيفية درء الفيروسات وعلاج الأعراض

فرص إصابتك بالرشح في فصل الشتاء مرتفعة جدًا في الواقع، يقدر مراكز (CDC) أنّ البالغين لديهم من 2 إلى 3 نزلات البرد سنويًا.

أفضل طريقة لحماية نفسك هي غسل يديك دوريًا بالماء والصابون، وتجنّب لمس العينين والأنف والفم، والبقاء بعيدًا عن الأشخاص المصابين.

وتنطبق هذه القواعد على الأنفلونزا أيضًا توصي (CDC) باللقاحات السنوية للأنفلونزا باعتبارها أفضل وسيلة للوقاية من العدوى.

يجب عليك دائمًا الاتصال بطبيبك في حال كان لديك ارتفاعًا في درجة حرارة لا تزول، وفي حال استمرّت أعراض المرض بالظهور عليك، أو ازدادت سوءًا، أو لم تكن طبيعية، أو إذا كان لديك أي ألم في الصدر.


مواضيع ذات صلة:


  • تدقيق: أسمى شعبان
  • ترجمة: محمد حميدة
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر