69b98bd4-5d38-41cf-8e94-ffe48619f66c-1020x612

طوّر مجموعة من العلماء في جامعة College London تقنية تمكّنهم من تسجيل و ملاحظة و حتى التلاعب بنشاط الخلايا العصبونية في الحيوانات و ذلك باستخدام ذبذبات الضوء

هذه التقنية شُرِحَت في مجلة Nature Methods و هي تقنية تجمع بين طريقتين من فن تكنولوجيا الأعصاب المعقدّة.
و لربما ستمنح الباحثين القدرة على التخلّص من استخدام الأقطاب الكهربائية المتناهية في الصغر و البطيئة و التي تستعمل في فحص النشاط العصبي بالإضافة إلى استعمالها في دراسة الدماغ على المستوى الخلوي بطريقة لم يسبق لها مثيل.

الطريقة الأولى هي تطبيق تقنية علم البصريات الوراثي optogenetics و ذلك عن طريق تعديل جينات معينة في فئران التجارب لتكون قادرة على التعبير عن مجموعة من البروتينات (مأخوذة من نوع من الطحالب) تسمّى بـ Channelrhodopsins في خلايا عصبية معينة.

من شأن هذا البروتين جعل الخلايا حساسة للضوء مما يسمح للباحثين بأن يتحكّموا بالخلايا العصبية من خلال تشغيلها أو إطفائها اعتماداً على نوعية البروتين المستخدم و على ماهية الطول الموجي للضوء، هذه الطريقة يمكن أن تُطَبَق بقياس أجزاء من الثانية خلال تسليط ذبذبات من ضوء الليزر على دماغ الحيوانات من خلال الألياف البصرية

الطريقة الثانية هي تصوير الكالسيوم calcium imaging، ففي الطبيعة تعتبر إشارات الكالسيوم مهمة جداً في معظم العمليات الحيوية لدى الخلايا العصبية، و الخلايا تتعرض لارتفاع مفاجئ في مستويات الكالسيوم عندما تبدأ بإرسال الإشارات العصبية.
و باستخدام صبغات مشعّة تعطي ضوءاً أخضراً، أي الإشارة لارتفاع مستوى الكالسيوم، و عند ربطها مع فوتونات مجهرية ثنائية، فإن الباحثين سيكونون على مقدرة من رصد أثر تلك الآثار التي تتركها الصبغات عند كل إرتفاع و بالتالي ملاحظة الخلايا النشطة.

و بهذه الطريقة سيتمكّن العلماء من قراءة النشاط العصبي لكل الخلايا العصبية مجتمعة في أنسجة الدماغ الحي أو على شرائح المختبر.

هذه الصبغات تكون قابلة للحقن، و بالتالي فإن تعقّبها بدقة يكون صعباً نوعاً ما، و على خلفية هذا الموضوع قام العلماء بتطوير مستقبلات كالسيوم معدّلة جينياً لتسهيل عملية التعقّب للتخلّص من هذه المشكلة و بالتالي ستكون فئران التجارب قادرة على التعبير عن هذه المستقبلات و بالتالي ملاحظة الإشعاع المصاحب لارتفاع مستوى الكالسيوم.

كل واحدة من هذه الطرق تكون فعّالة جداً عندما تُطَبق لوحدها، فعلى سبيل المثال في بداية عام ٢٠١٤ قام الباحثون في معهد MIT باستخدام تكنولوجيا البصريات الوراثي optogenetics لتمييز الخلايا العصبية المسؤولة عن الذكريات في أدمغة فئران التجارب و من ثم التلاعب بها، في المقابل قامت مجموعة من العلماء في Janelia Farm باستخدام تتبع جزيئات الكالسيوم calcium imaging لتصوير و محاكاة نشاط كل خلية عصبية في الأدمغة البدائية لدى بعض الأسماك.

و كسابقة في هذا الموضوع قام Adam Packer و مجموعة من زملائه بتطوير سلالة كاملة من الفئران تستطيع التعبير عن بروتين Channelrhodopsin بالإضافة إلى بروتينات مستقبلات الكالسيوم في الخلايا العصبية في منطقة من الدماغ و هي الجزء الذي يستقبل المعلومات الحسية من الشعيرات الموجودة على سطح الجلد، هذا سيفتح المجال للعلماء لاستخدام تقنية علم البصريات الوراثي جنباً إلى جنب مع تصوير الكالسيوم فائق السرعة في دراسة القدرة على تنشيط الخلايا و ذلك كبداية لطريق تصوير كيفية تفاعل تجمّعات الخلايا العصبية اتجاه أي محفّز عبر شق شفاف يُصنَع في جمجمة الحيوان المدروس.

هذا الدمج بين الطريقتين سمح للعلماء بتحديد أي من العصبونات تساهم في إتمام مهام يحددونها هم و من ثم القيام بتتبع عمل تلك العصبونات بدقة عالية.
و للتأكد من دقة التقنية قاموا ببرمجة جهاز يسمى بـ spatial light modulator (معدل مكان الضوء) و الذي يقوم بتجزئة الضوء و تحويله إلى ضوء ثلاثي الأبعاد هولوغرامي و القيام بتحفيز ست خلايا عصبية تظهر بشكل يشبه الوجه المبتسم، كما في الصورة.

هناك الكثير من الأساليب الأخرى التي من الممكن إتباعها في قراءة و كتابة نشاط العصبونات و لكنها مليئة بالعقبات.

و فيما يتعلق بالأقطاب الكهربائية الصغيرة فإنه من الممكن استخدامها لوحدها في تحفيز بعض الخلايا و تسجيل عمل بعض الخلايا الأخرى أو يمكن دمج عملها مع تقنية تصوير الكالسيوم، إلا أن تضارب بين المدخلات و المخرجات أثناء القراءة يمكن أن يحدث جراءَ الدمج و بالتالي سيكون له تأثير على النتائج.

من خلال هذه الطريقة الجديدة، فإن تردد الضوء المُستَخدم في التحفيز لا يتداخل مع الضوء المنبعث من مستقبلات الكالسيوم و لذلك هناك تضارب شبه معدوم يحدث بين القناتين حيث أن الضوء ثلاثي الأبعاد المستخدم في التحفيز يعمل بطريقة المسح السريع و الذي يستغرق أجزاء صغيرة جداً من الثانية.

التجربة تُظهِر أن كل طرق التحفيز المعتَمِدة على الضوء يمكن أن تُستَخدَم في تحفيز و تسجيل نشاط الخلايا العصبية و التدخّل بها في التجمعات العصبية
و تُظهِر أيضاً قدرتها على الإستمرار في ملاحظة النشاط العصبوني لمدة أسابيع متواصلة وحتى شهور في الحيوانات الحية النشطة.

في هذه الأثناء سيحاول العلماء في تطوير هذه الطرق في محاولة دراسة و فهم الرابط بين الدماغ، السلوكيات و شيفرة الأوامر العصبية.
“نحن متحمّسون جداً لهذا الموضوع” يقول Michael Häusser. و يضيف “هذه الدراسة وحّدت بين اثنتين من الثورات العلمية في عالم الأعصاب، فخلقت عهداً جديداً يمكننا فيه التخلّي عن الأقطاب الكهربائية و استخدام الضوء لوحده في فحص الإرسالات العصبية خلال أي سلوك عصبي“

[divider] [author ]ترجمة : روان ثوابتة | مراجعة و تعديل : سيف البصري[/author] [divider]

المصدر