أعلن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) مؤخرًاً أنّ مشكلة الأفيون قد باتت مشكلة قومية طارئة.

وتوعّد بقضاء الكثير من الوقت وبذل جهود حثيثة وإنفاق الكثير من الأموال لحل أزمة الأفيون، لأنّها «مشكلة خطيرة لم نواجه مثلها قط».

هذا كلامٌ مغلوط.

بدايةً، في آواخر ستينيات القرن العشرين لاقت أزمة الهيروئين رواجًاً شبيهًاً وحظيت بانتشار واسع، باستثناء وجوه متعاطي الهيروئين، كما اسودّت صورة مدمن الهيروئين، باستثناء وجهه في وسائل الإعلام، وأصبح مُعدمًاً ومرتبطًاً بجنحات متكررة بهدف تمويل عادته.

إنّ الغالبية العظمى من متعاطي الأفيون لا يتحولون إلى مدمنين.

هذا وتزداد فرصهم بالإدمان فيما لو كانوا من ذوي البشرة البيضاء أو ذكوراً أو يافعين أو عاطلين عن العمل، أو إذا ترافق ذلك مع وجود اضطرابات عقلية.

ولذا، فمن الحرج جدًّا إطلاق تخمينات حول المرضى الذين يتلقون العلاج فيما لو أخذنا بعين الاعتبار تلك العوامل بدلاً من التركيز على الهدف غير الواقعي للقضاء على الأفيون.

يتضمن علاج الإدمان على الأفيون، في العديد من البلدان كسويسرا وهولندا وألمانيا والدانمارك، أخذ حقنات يومية من الهيروئين، تمامًاً كما يأخذ مريض السكري حقنات الأنسولين، ويرافق ذلك علاج للمشاكل الصحية والنفسية للمريض.

ويشغل هؤلاء المرضى الوظائف ويدفعون الضرائب ويعيشون حياة مثمرة ومُعمرة بصحة جيّدة.

ومع ذلك، لم تُطرح في الولايات المتحدة برامج كهذه للنقاش حتى.

لقد كان عدد الأمريكيين الذين جرّبوا الهيروئين للمرة الأولى مستقرًّاً لما يقارب العشرين عامًاً.

إنّ تعاطي الهيروئين على وجه الخصوص، والأفيون على العموم لن يؤدّي أية نتائج فيما لو راقنا الأمر أم لا.

وهذه ليست مباركة لتعاطي الأفيون، لكنّها تقييم واقعي لإثبات تجريبي.

فمواجهة أزمة الأفيون بتعليقات جاهلة تلقيها شخصيات سياسية وباستخدام غير مناسب للأموال العامة، لن يؤتي بثماره لضمان صحّة المتعاطين.

لربما علينا ولو لمرّة أن نختبر الحلول التي يقرّها العلم والتي أثبتت جدارتها على أرض الواقع.

من المؤكّد أنّ الموت جراء جرعة مفرطة من الأفيون وحده أمر وارد، ولكنّ هذا يتسبب بوفاة شريحة قليلة من أصل آلاف الوفيات المرتبطة بالأفيون.

والعديد من الوفيات سببها مزج الأفيون مع مسكن آخر (كالكحول)، أو مع أحد مضادات الهيستامين (مالبروميثازين)، أو مع البنزوديازيبين (كالزاناكس والكلونوبين).

لذا فالبشر لا يموتون بسبب الأفيون، بل بسبب جهلهم.

مواضيع ذات صلة:


  • ترجمة: محمد حميدة .
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر