عند حدوث الصاعقة البرقية فإنَّ الجسيمات في الجوف الساخن تنقسم، ويتحلل المشع منها في الشفق، أما أشعة غاما فتمطر متجهةً نحو الأرض.

وقد أثبت تيرواكي إنوتو (الفيزيائي في جامعة كيوتو اليابانية) لأول مرةٍ في ورقةٍ نُشرت يوم الثالث والعشرين من نوفمبر أنَّ الصواعق البرقية تعمل كمسارعٍ للجسيمات الطبيعية.

تؤكد نتائج إنوتو ومؤلفيه المشاركين لأول مرة استبصارًا وتنظيرًا حول هذه الظاهرة يعود تاريخه إلى عام 1925.

في ذلك الوقت، اقترح العلماء أنَّ الجسيمات المشعة تحت التوتر يمكنها أن تمرَّ من خلال دويٍ وومضاتٍ عاصفةٍ رعدية، هذه الجسيمات تبعث الطاقة في أطوالٍ موجيةٍ دقيقة، والتي كشفها إنوتو وزملاؤه للمرة الأولى.

إليكم ما يعنيه ذلك!

عندما يُومض البرق، يقع تبادلٌ سريعٌ للإلكترونات بين الغيوم وسطح الأرض (أو بين غيمتين).

وبما أنَّ الجسيمات لا تسافر عبر الفراغ، فإنها على طول الطريق تتصدّع وتتحطم مرارًا وتكرارًا في جزيئات غاز الغلاف الجويّ، كلُّ تلك الاصطدامات تُسخّن الغاز وتحوله إلى ما يُسمى البلازما، والذي يتوهج مع انبعاثٍ لإشعاع الجسم الأسود (نوعٌ من الإشعاع الكهرومغناطيسي ينبعث من بعض الأجسام العاتمة).

يمكن للناس أن ترى البعض من هذه التوهّجات على صورة وميضٍ مشرقٍ مميزٍ من البرق، لكن هناك بعضُ الانبعاثات ذات تردداتٍ لا يمكن للعين البشرية كشفها كالأشعة السينية وأشعة غاما.

تُظهر نتائج إنوتو أنَّ تلك الحزم من الطاقة غير المرئية – وخاصةً أشعة غاما – تُثير النيتروجين والأكسجين المتواجد في الغلاف الجويّ، الأمر الذي يؤدي إلى طرد النيوترونات من الجزيئات التي تواجهها أشعة غاما.

وبعبارةٍ أخرى، تؤدي العملية إلى الانشطار النوويّ، وبذلك تُصبح الأمور مثيرةً حقًا، فنواة “النتروجين 14”-التي تملك أربعة عشر نيوترونًا- مستقرة، لكن عندما يطرد واحدةً من تلك النيوترونات بعيدًا، يُترك النتروجين بثلاثة عشر من النيوترونات وهو نظيرٌ مشعٌ غير مستقر.
وذات الأمر مع “الأكسجين 16” فهو مستقرّ، لكن “الأكسجين 15” أقل استقرارًا.

بعد ذلك تنحلّ جزيئات النتروجين 14والأوكسجين15 وينطلق من كل نظيرٍ غير مستقرٍ نيوترينو و بوزيترون إضافي (شريك المادة المضادة للإلكترون)، وكلاهما جسيماتٌ أولية ذات خصائص غريبة.

النيوترينو يذهب بعيدًا ولا يمكن الكشف عنه تقريبًا، لكن البوزيترونات أو الإلكترونات المضادة، فإنها تصطدم مع توائمها: الإلكترونات المحيطة والمتواجدة في الغلاف الجويّ.

وعندما تلتقي المادة والمادة المضادة فإنهما تُفنَيان في شكل وميضٍ ذي طاقةٍ مميزة.

في هذه الحالة، الوميض هو أشعة غاما مع طاقة 0.511 ميغا إلكترون فولت.

وهو الوميض الذي اكتشفه إنوتو وزملاؤه متدفقًا من عاصفة برقية، مما يدل أنَّ الصواعق الرعدية العملاقة هي مسرّعات للجسيمات الطبيعية المندفعة من خلال السماء.


  • ترجمة: أشرف بن نصر
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر