لطالما كان التحدي دومًا في علم الاتصالات الكموميّة هو القدرة على إطالة حالة التشابُك للجسيمات.

وبما أن نقل المعلومات الكمومية يتم عن طريق هذه الجسيمات المتشابِكة، فإن طول وقت التشابك يؤثّرعلى المسافة التي يمكن أن تنتقلها المعلومات.

تُحقِّق نظم الاتصالات الكمومية ذلك باستخدام وصلات الألياف الضوئيّة المباشرة، وهي بالأحرى محدودة لأنّ الطريقة التي تمتصُّ الألياف بها الضوء يمكن أن تُسبِّب اضطرابًا في التشابك اللازم لنقل المعلومات الكمومية.

لبناء شبكة إنترنت كمومية، والتي هي في الأساس شبكة من (أجهزة التوجيه- router) المتشابكة كموميًّا والمُرتبطة بأليافٍ تستطيع تخزين المعلومات الكمومية، تتطلّب قدرة الراوترات بالعمل على تخزين وإرسال جزيئات متشابكة.

من المفترض أنّ فريق باحثين من جامعة فيينّا Vienna في النّمسا، بقيادة رالف ريدينجر Ralf Riedinger، قام بتشكيل جهاز توجيه (راوتر) كهذا.

الجهاز عبارة عن (آلة نانويّة-nanomachine) قادرة على استقبال وتخزين المعلومات الكمومية المُرسلة خلال وصلات ألياف ضوئية عادية.

(Ralf Riedinger)

ويحتوي على زوج من المِرْنانات السيليكونية المُصنَّعة نانويًّاnanofabricated (مصنعة بأبعاد تُقاس بالنانومتر) والتي تستخدم (ليثوغرافيّة الشعاع الالكتروني-Electron beam lithography) و( التنميش بأيون البلازما المُتفاعِل plasma reactive-ion etching)، وهي أشعَّة سيليكونية دقيقة تهتزُّ كوتر الغيتار.

لكي تتمكّن الآلة من تخزين المعلومات الكمومية، تحتاج الأشعة السيليكونية إلى الاهتزاز بتردُّدٍ محدّد.

توصّل فريق ريدينجر إلى التردد المحدد، الذي يبلغ 5,1 غيغاهرتز(أو طول موجي يبلغ حوالي 1,553.8 نانومترًا)، وذلك بعد تصنيع حوالي 500 مِرْنان سيليكون واختبار كل شريحة لإيجاد أزواج متطابقة.

قال الباحثون في ورقة نُشرت على الإنترنت: «وجدنا 5 أزواج تستوفي هذه الشروط من ضِمن 234 جهازًا تم فحصَه لكلّ شريحة».

وُضِعَت كل من الشريحتين في الثلاجة، في حين بقيتا مرتبطتين ببعضهما البعض بواسطة سلك ليف ضوئي بطول 70 مترًا، مُغطّية مسافة 20 سم (7.8 بوصة). بعد ذلك تم شبك مرنانين بنجاح.

قال الباحثون: «نحن نُنشئ ونُبرهن التشابك بين جهازين ميكانيكيين نانويين عبْرَ شريحتين تبعُدان عن بعضهما مسافة 20 سم».

في تجربتهم لإثبات المبدأ، قام الباحثون أولًا بتبريد المرنانات إلى الصّفر المُطلَق تقريبًا لابقائهم في حالة أرضيّة كمومية.

لتوليد التشابك، قاموا بربط المرنانين بواسطة أسلاك ليف ضوئي يحتوي فوتونات وفق التردد الرنيني المحدد.

على الرغم من أن اختباراتهم أجريت على بعد 20 سم، لكن هذه البُنية يمكن إطالتها بشكل ملحوظ.

وقال فريق ريدينجر: «لا نرى أيّة قيودٍ إضافية لتمديد هذه البنية إلى عدة كيلومترات أو أكثر، إن الجهاز المعروض هنا قابل للتوسُّع مباشرة لمزيد من الأجهزة ويمكن دمجهم في شبكة كمومية حقيقية».

باختصار، ما قاموا ببنائه هو أساسًا جهاز توجيه (راوتر) كمومي يعمل بنجاح- وهو جهاز يمكن أن يكون حاسمًا في تحقيق الانترنت الكمومي.

والأفضل من ذلك، ووفقًا للمراجعة التقنيّة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، يمكن تعديله لنقل المعلومات عبر ترددات الموجات الميكرويّة وبالتالي ربطها بالحواسيب الكمومية التي تعمل على هذه الترددات.

قال ريدينجر وزملاؤه: «إن الجمع بين نتائجنا وأجهزة (ضوئي ميكانيكية-optomechanical) والقادرة على نقل معلومات كمومية من المجال البصري إلى مجال الموجات الميكرويّة يمكن أن يوفّر الأساس لانترنت كموميّ مستقبليّ باستخدام حواسيب كمومية فائقة التوصيل (فائقة الناقليّة)».

وكما أنّ الحواسيب الكمومية سوف تُغيِّر قدراتَنا في حلّ المشاكل، فإنّه من المتوقَّع أنّ الإنترنت الكمومي سيحدِث تغييرًا جذريًّا في الاتصالات.
ويعود ذلك جزئيًّا كونه يَعِد بأمان أكثر، وذلك بفضل التشفير الكمومي والذي يُسلّم الرسائل التي يحتمل عدم قابلية اختراقها. يعتقد الخبراء أننا على بُعد عَقد فقط عن تحقيق شبكة كمومية آمنة وتعمل بنجاح.


  • ترجمة: لميا عنتر.
  • تدقيق: قصي السمان.
  • المحرر: عامر السبيعي
  • المصدر