قام فريق من الباحثين من جامعة نيفادا ورينو، بجمع البيانات الفضائية خلال 16 عاما للبحث عن المادة المظلمة.

دراستهم لم تترك أي أثر على المادة المظلمة التي تبدو كأنها لاتزال بعيدة المنال لكنها تساعد الآن على تضييق مجال البحوث المستقبلية.

في مرمى الشباك

تشكل المادة المظلمة 85 في المئة من جميع المواد في الكون، و على الرغم من كثرة الأدلة الفلكية التي تشير إلى وجودها فإن الرصد المباشر لللمادة المظلمة حتى الآن لم يتحقق، وهذا يعني أننا نعرف القليل جدا حول هذا الموضوع.

الآن، أساتذة من جامعة نيفادا ورينو، (UNR) قد ضيقوا البحث عن المادة بعيدة المنال.

هناك العديد من الأشكال المفترضة للمادة المظلمة، ولكن فريق UNR المكون من أندريه ديريفيانكو وجيوف بليويت يشتبه في أنها تنشأ من مجالات الكم التي تشكل الكائنات فائقة الدقة والتي لا ترى إلا بالميكروسكوب.

والفكرة هي أن المادة المظلمة تتجمع في شكل فقاعات أو جدران من شأنها أن تمتد عبر النظام الشمسي وما بعده. وتحقيقا لهذه الغاية، قرروا البحث عن أي دليل على أن هذا الجسيمات تعبر في مسار يتقاطع مع مسار الأرض.

فكر الفريق في التركيز على مجالات المواد المظلمة الخفيفة التي قد تسبب اختلافات في الثوابت الأساسية للطبيعة، مثل كتل الكواركات والإلكترونات و الشحنات الكهربائية.

هذه التحولات في الثوابت الطبيعية يمكن أن تغير مستويات الطاقة الذرية، والتي حددها الفريق لقياس الترددات الذرية.

وتعتمد الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على إشارات التوقيت الدقيقة التي توفرها الساعات الذرية، ولذلك فهي مناسبة طبيعية للتحقيق.

يقول ديريفيانكو لنيفادا اليوم: «إنه مثل جدار يتحرك عبر شبكة من الساعات ما يتسبب في موجة من الخلل للساعة الذرية التي تنتشر عبر نظام GPS بسرعات المجرة». «الفكرة هي أنه عندما تتداخل كتل المادة المظلمة معنا، فإنه يظهر تأثيره على كتل الجسيمات والقوى وكذلك على قوى الجسيمات البينية.

ربما يكون تأثيرًا ضعيفًا للغاية لكنه لا يزال ملحوظًا و قابلًا للقياس. و يمكن للأجهزة فائقة الحساسية مثل الساعات الذرية أن تكون حساسة لمثل قوى السحب هذه من المادة المظلمة».

هالات المادة المظلمة هي جزء افتراضي من المجرات التي تحيط بقرص المجرة وتمتد إلى أبعد من حافتها المرئية.

إذا كان درب التبانة لديه هالة من المادة المظلمة، فالأرض ستتحرك من خلالها بسرعة 300 كيلومتر في الثانية (186 ميل في الثانية)، أو واحد من ألف من سرعة الضوء.

في محاولة للكشف عن المادة المظلمة، سعى فريق من العلماء على رصد تأثيرها على الساعة التي يمكن أن تظهر كلما انتقلت الأرض وأقمارها من خلال هالة درب التبانة.

وقد نظروا إلى بيانات من 16 من الأقمار الصناعية من اصل 32 قمر صناعي في شبكة GPS التي يبلغ طولها 000 50 كيلومتر، فضلا عن معدات تحديد المواقع الأرضية التي تُحدَّث كل 30 ثانية.

تم استخدام الامكانيات العالمية، بما في ذلك مختبر ناسا للدفع النفاث، لمعالجة هذه البيانات، وتبادل ديريفيانكو نتائج أبحاث الفريق مع نيفادا اليوم: «لم نعثر في هذه البيانات الأرشيفية على أي دليل على جدران مجال المادة المظلمة خفيفة الوزن في مستويات حساسية أجهزتنا الحالية».

تضييق الخناق

إذا فهمنا شكل وحجم وسلوك المادة المظلمة، يمكننا فتح الأسرار لكيفية تشكيل المجرات، وحتى معرفة كيفية تطور الكون، وبالتالي فإن استنتاجات فريق UNR قد تبدو مخيبة للآمال ظاهريًا فقط.

ومع ذلك، فإن البحث في الكشف عن المادة المظلمة ليس مجرد التوصل إلى استنتاجات فردية، بل هو حول المساعدة في تشكيل البحوث التي تأتي بعد ذلك، وكما لاحظ ديريفيانكو، دراسة فريق UNR تلغي عددا من الاحتمالات لهذا النوع من نماذج المادة المظلمة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الباحثون على الطريق الصحيح، ولكن فقط باستخدام المعدات الحساسة بما فيه الكفاية للكشف عن المادة المظلمة.

وقال بنجامين روبرتس المؤلف الرئيسي لورقة الفريق البحثية، التي نشرت في دورية «ناتشر»: «صحيح أنه لا توجد أدلة قاطعة بعد النظر في البيانات خلال 16 سنة ، ريما بسبب أن التفاعل أضعف أو أن عيوب المسارات أثناء التداخل مع مسار الأرض معدلها أقل» ، وقال لنيفادا اليوم. «تشير بعض العلامات إلى أنه قد يخلف عيبا أصغر في المسار».

أي بحث جديد في المادة المظلمة له قيمته، حتى عندما يخبرنا بألا نبحث في هذا الاتجاه، وهي نقطة لم ينسَها ديريفيانكو حين قال: «نحن نقترب خطوة أخرى إلى اكتشاف كيفية رصد المادة المظلمة، وفي النهاية لتحديد ما هي بشكل أكثر دقة وأي نوع من الجسيمات هي».


  • ترجمة : مصطفى العدوي.
  • تدقيق: محمد نور
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر