10686867_316929638497846_1656861155082620031_n

ما هي لبنة هذا الكون و هل صحيح أن الذرة هي أصغر وحدة بناء في الكون؟ ما هي المادة؟ و كيف تحصل المادة على خصائصها؟ لماذا أستطيع الغطس في الماء و لا يمكنني المرور من خلال الجدار؟ من أين جاءت المادة و إلى أين هي ذاهبة؟ هذه هي الأجوبة التي سأجيب عليها في هذا المقال. لكن أولاً أريد أن أنوه أنني سأتكلم بطريقة علمية غير ملتزمة بالمسميات العلمية للعناصر. هذا يعني أن هدفي هو شرح علوم الذرة ضمن لغة مبسطة بعيداً عن المسميات الإختصاصية و ذلك لسهولة السرد و تبسيط بعض المفاهيم. أيضاً لن أذكر جميع التفاصيل العلمية و سألخص النظرية العامة للذرة بحيث يستطيع القارئ الإستفادة من المقال و البناء عليه لفهم الموضوع بشكل أعمق في حال قرر البحث أكثر.

مقدمة :

في سنة ٤٦٠ قبل الميلاد اقترح الفيلسوف اليوناني ديموقريطوس وجود جزيء صغير جداً يكون هو أساس بناء كل شيء في الكون. كانت فكرته أننا إذا قمنا بتقسيم قطعة من أي مادة إلى قسم أصغر فأصغر فأصغر سنصل لمرحلة لا يمكننا قسم هذه المادة بعدها و تكون هي أصغر جزيء من تلك المادة. أطلق ديموقريطوس اسم “أتوم” على هذا الجزيء و كانت هذه بدأية رحلة الإنسان في فهم عالم الذرة. كلمة Atom ترمز إلى أصغر نسخة ممكنة من أي مادة و لكن سنكتشف ضمن هذا المقال أن الذرة ليست أصغر مكونات المادة. وقبل أن نستبق الأحداث لابد أن أفسر من أين تأتي المادة أصلاً و ماهي المواد المكتشفة في الطبيعة.

المادة و الإنفجار العظيم :

من أين تأتي المادة؟ من أين أتت كل هذه الأشجار و الجبال و الأنهار و الكواكب و المجرات؟ في هذا المقال و لكي لا يتشتت القارئ بمواضيع فلسفية تتعلق بالعقائد الدينية سنبدأ رحلة تكون المادة من اللحظات الأولى بعد الإنفجار العظيم. الإنفجار العظيم هي نظرية علمية مقرنة بكمية هائلة من الدلائل العلمية التي تثبت أن الكون له لحظة بداية و أن الكون بدأ بالتوسع بسبب انفجار هائل عظيم. هذا الإنفجار شكل الوقت و الزمن و العناصر و الذرات و القوانين الفيزيائية. سأقسم الإنفجار إلى مراحل و أجيال.

المرحلة الأولى :

الهيدروجين و الهيليوم:

في اللحظات الأولى (مئة مليار تريليون من التريليون من الثانية) بدأ الكون بالتوسع بسرعة هائلة حيث كان يضاعف حجمه ٩٠ مرة في الثانية.

تخيل أن الكون بحجم الذرة و ثم تضخم إلى حجم كرة التنس بشكل فوري. استمر هذا التضخم و التوسع بشكل متسارع لمدة ٣٨٠ ألف سنة تقريباً. في هذه المرحلة كانت درجات الحرارة أعلى من أن يتكون أي عنصر من عناصر الطبيعة. حتى الضوء في هذه المرحلة لم يكن يشع بسبب درجات الحرارة العالية. كان الكون عبارة عن طاقة هائلة متسارعة بدرجات حرارة أعلى بمليارات الدرجات عن درجات الحرارة اليوم.

بعد مرور ٤٠٠ ألف سنة من التوسع بدأت درجات حرارة الكون بالانخفاض. انخفضت درجة الحرارة بنسبة مليار مرة. في هذه المرحلة و بسبب هبوط الحرارة تشكلت أول عناصر الكون عن طريق التفاعل النووي. طبعاً العلم اليوم قادر على تفسير التفاعلات التي أدت إلى نشوء ذرات الهيدروجين و توصيف القوة النووية بشكل مفصل لكننا لن ندخل بهذه التفاصيل في هذه المرحلة من المقال و سأعود إليها لاحقاً لأفسر كيف تتماسك الذرات مع بعضها. إذاً عمر الكون في هذه المرحلة ٣٠٠ ألف سنة. درجات حرارة هائلة (مليارات المرات أعلى عن الحرارة الحالية). إذا قمنا بجرد الكون بهذه المرحلة نجد تكون للمكان بسرعات هائلة و نشوء ذرات الهيدروجين لكن الكون مازال مظلم بسبب عدم وجود مادة لتنعكس عليها فوتونات الضوء (سنتكلم عن الفوتونات لاحقاً).

بعد مرور ٣٠٠ ألف سنة من عمر الكون هبطت درجة الحرارة إلى ٣٠٠٠ درجة مئوية (تقريباً درجة حرارة سطح الشمس اليوم). في هذه المرحلة بدأت ذرات الهيدروجين في التفاعل فيما بنها مما أنتج مادة جديدة اسمها الهيلويم. إذ أصبح في الكون مساحات هائلة من المكان و مادتين تتكون من ذرات الهيدروجين و الهيليوم. أصبح بامكان ذرات الهيلوم و الهيدرجين التنقل داخل المكان و بدأت ذراتهما تتفاعل لتشكل مادة جديدة اسمها الليثيوم… نسبة الخلطة الكونية في هذه المرحلة هي (٧٥٪ هيدروجين و ٢٥٪ هيليوم و نسب لا تذكر من اللليثيوم).

بعد ١٥٠ مليون سنة من التفاعل و التمدد المستمر و المتسارع لا يزال الضوء غير موجود. بعد نصف مليار سنة من ولادة الكون و تفاعل الهيدروجين و الهيليوم و بسبب انجذاب هذه الذرات مع بعضها و تفاعلها فيما بينها تشكل لدينا الجيل الأول من النجوم. تفاعل هذه الذرات بدأ يشكل كتل هائلة من الغاز (هيدروجين و الهيلوم). هذا النجوم لم تعمر كثيراً فبعد تشكلها بوقت قصير و بسبب التفاعلات النووية في داخلها و بسبب قوة الجاذبية الناتجة عن حجمها الهائل (١٠٠ مرة أكبر من الشمس) بدأت بالانهيار وانفجرت بشكل هائل مرة آخرى.

هذا الإنفجار أنتج عناصر و ذرات جديدة من المادة هي بدورها أيضاً تفاعلت فيما بينها و أنتجت عناصر جديدة و هكذا حتى يومنا هذا. لهذا نحن نقول أن كل ذرة من ذرات جسمك أتت من النجوم.

المرحلة الثانية و الثالثة و تشكل المجموعة الشمسية:

بعد تشكل خلطة جديدة من المواد بسبب انفجار الجيل الأول من النجوم بدأت الجاذبية في جذب هذه المواد مع بعضها من جديد لتشكل جيل جديد من النجوم التي أيضاً تفاعلت و انفجرت من جديد لتشكل المزيد من المواد. هذه العملية مستمرة و لم تتوقف. بعد ٩ مليار سنة من الإنفجار العظيم تشكلت مجموعتنا الشمسية ضمن مجرة من مليارات المجرات في الكون. المجموعة الشمسية هي من الجيل الثالث حيث أنها تتضمن عناصر لا يمكن أن تتشكل إلا من خلال انصهارات نووية تراكمية أعلى بآلاف الدرجات عن الحرارات الحالية التي نرصدها لشمسنا.

طبعاً أنا أمر مرور سريع و مبسط جداً فيما يتعلق بهذا المحور الذي يتطلب كتب لتفسيره. من أفضل الكتب التي قرأتها عن هذا الموضوع هو كتاب العالم ستيفن هوكنز “A brief history of time” و كتاب للعالم نيل ديغراس تايسون “”Origins أنصح بقراءة هذه الكتب لفهم تطور الكون من اللحظة اللأولى حتى مرحلتنا هذه. بعد قراءة هذا المقال أمل أن يصل القارئ لفهم عام و مبسط عن البنية الذرية للمادة. القوى الأربع الكونية: القوى الأربعة الكونية هي الجاذبية و الكهرومعناطيسية و القوة النووية القوية و القوة النووية الضعيقة. قصة اكتشاف كل واحدة من هذه القوى تحتاج لمقال منفصل لما تتضمنه من دروس و معلومات قيمة، لكني في سبيل الوصول لصلب هذا المقال “الذرة” سأنتقل بشكل مختصر جداً بين هذه القوى.

طبعاً قصة التفاحة التي وقعت من على الشجرة بجانب العالم اسحاق نيوتن هي قصة خيالية غير صحيحة تهدف لبخس هذا العالم حقه و أن تسخّف هذا الإنجاز العلمي. قضى نيوتن وقته في البحث عن قالب و معادلة رياضية تفسر الجاذبية و كان من أهم إنجازاته ابتكار “رياضيات التفاضل و التكامل (calculus)” والتي مكنته من الوصول إلى معادلته الشهيرة التس تفسر قوة الجاذبية على مستوى الكواكب بشكل دقيق.

في زمن نيوتن كان الاعتقاد أن الجاذبية هي قوة جذب عن بعد بين الأجسام (هذا هو الفهم السائد اليوم في العالم العربي). لكن عبقرية ألبرت أنشتاين طورت قانون نيوتن و طرحت نظرية علمية تفسر ظاهرة الجاذبية بطريقة مختلفة تماماً و هي أن لكل مادة كتلة و بناء على حجم هذه الكتلة فإن النسيج الزمكاني ينحني حول الكتلة. هذا الإنحناء في الزمكان يجذب الأجسام المجاورة. الجسم ذو الكتلة الأكبر يحني النسيج الزمكاني أكثر فيجذب له الأجسام المجاورة أكثر.

الكهرومغناطيسية:

في أواخر القرن التاسع عشر اكتشف العالم الأمريكي جيمس ماكسويل سرعة التيار الكهربائي و ربطه بسرعة الضوء. هذا الاكتشاف كان بمثابة ثورة علمية إذ أن الحضارة البشرية للمرة الأولى استطاعت فهم التيار الكهربائي بشكل مفصّل و استطاعت ربطه مع المغناطيسية و فهم أن الإثنين ليس إلّا شكل من أشكال الضوء. باختصار وضح العالم ماكسويل أن التيار الكهربائي و المغناطيسية هما وجهان لقوة واحدة و أن الكهرباء هي ليست بسرعة الضوء و إنما هي الضوء بحد ذاته. لكن مع ذلك كان لايزال يوجد لدى العلماء العديد من المشاكل التي تتعلق بسرعة الضوء و كيف نفسر ثباتها بغض النظر عن المنظور الذي يرصد السرعة. إلا أن جاء الحل عن طريق انشتاين الذي أنقذ الموقف بطرحة نظرية النسبية الخاصة المتعلقة بكون سرعة الضوء ثابتة و طرحة معادلته الشهيرة e=mc2 و التي مهدت الطريق أمام ربط المادة و الطاقة و فهم أساسيات الذرة.

القوى النووية القوية و القوى النووية الضعيفة:

بعد أن طرح أنشتاين نظرية النسبية فُتح الباب على مصراعيه في فهم ماهية المادة و الخوض في علوم الفيزياء الكمية و التي تتمحور حول توصيف الواقع من منظور ذري يفسر لنا جميع الظواهر التي نرصدها في الكون. انصب العلماء لفهم هذا العالم الغريب و العجيب. ضمن البحث في الفيزياء الكمية تم اكتشاف القوتين النوويتين (القوية و الضعيفة) و التي سأتحدث عنهما في المحاور القادمة.الذرة هي الأصغر أم لا؟بعد اكتشاف الذرة و مفهوم كتلة الذرة و ربطها مع الجاذبية أراد العلماء اكتشاف من ماذا تتكون الذرة.

في أواخر القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين كان العلم قد توصل لمرحلة اكتشاف أن الذرة هي ليست أصغر العناصر و أنه يوجد داخل الذرة جرئيات أصغر تعمل في نظم ألية عمل الذرة. افترض العالم JJ Thomson في عام ١٨٩٧ وجود جزيء داخل الذرة يصغر عنها ب١٠٠٠ مرة. هذا الجزيء المفترض كان الإلكترون و هو أول الجزيئات التي اكتشفها العلم في العالم دون الذري. في عام ١٩٠٦ استطاع العالم تومسون إثبات وجود الكترون وحيد داخل ذرة الهيدروجين عبر تجارب تطبيقية لن أدخل بها في هذا المقال لكن هذه التجارب فتحت بوابة العلوم الذرية و بدأت التجارب و البحوث في فكفكة أسرار هذا العالم الصغير.

اكتشاف الإلكترون كان بداية الرحلة في اكتشاف الجزيئات دون الذرية، و لكن كيف نرصد هذه الجزيئات و هي أصغر من الذرة و ليس لدينا أي معدات لرصدها؟ الطريقة التي ابتكرها العلماء هي شبيهة بأخذ ساعة يد و كسرها على الأرض ثم البحث بين المسننات و العقارب لفهم ماهية عمل الساعة. فعلاً تم ابتكار آلة اسمها مصادم الذرات. مبدأ الآلة يعتمد على ارتطام الذرات مع بعضها ضمن طاقات هائلة ثم رصد ماينتج عن هذا التصادم. الهدف من رصد جسيمات دون الذرية تحقق و تبين أن الذرة تتكون من عدة جزيئات صغيرة جداً جداً…. لنتابع

النموذج القياسي (The standard model):

أنا تحدثت في بداية المقال عن الهيدروجين و كيف كانت أول مادة تشكلت بعد الانفجار الكبير. الهيدروجين رمزه الذري “١” و ذلك نسبة لعدد البروتونات الموجودة في نواته الذرية لكن ما هي هذه البروتونات و ماهي الإلكترونات و ماهي النيوترونات؟ هذه هي العقارب و المسننات التي ظهرت بعد تصادم الذرات.

في الماضي (القرن التاسع عشر) كان العلماء يفترضون أن كل ما نشاهده من مادة ينتمي إلى مجموعة من العناصر الكيميائية (٨٠ عنصر) تتألف من ذرات لا تنقسم و تشكل كل ما نراه في الطبيعة. لكن لاحظ العلماء أن كل مادة كيميائية لها خصائص و تفاعلات مختلفة. هل يوجد ٨٠ ذرة مختلفة؟ أم يوجد ماهو أصغر من الذرة و يحكم أليات تفاعل المادة و خصائصها؟ حين قام العلماء بصدم الذرات مع بعضها البعض في بدايات و منتصف القرن العشرين كانت النتيجة اكتشاف عالم جديد مليء بالعديد من الجزيئات دون الذرية.

بعد مليارات من الدولارات و عدة جوائز نوبل بالفيزياء استطاع العلماء من تفكيك الذرة و وضع قالب يحاكي كيفية عمل هذه الجزيئات مع بعضها. نسمي هذا القالب “The standard model” أو النموذج القياسي . في هذا المقال أنا لن أذكر جميع الجزيئات دون الذرية و سأتطرق فقط للجزيئات الأساسية و التي تشكل أغلب من ما نشاهده حولنا. في معنى أخر سأتكلم فقط عن العقارب و المسننات الأساسية المسؤولة عن عمل الساعة، لكن هذا لا يعني أن بقية العقارب و المسننات غير مهمة و إنما نستطيع توصيف العمل الذري و أغلب المواد التي حولنا بشكل عام عن طريق الجزيئات التي سأذكرها. الهدف من هذا المقال هو إطلاع القارئ على العمل الذري بشكل عام دون تفصيل هذه الآليات بسبب تعقيدها و صعوبة فهمها ضمن مقال علمي عام.

لنبدأ….

علينا فهم ثلاث جزئيات مهمة و هي البروتون و النيوترون و الإلكترون. البروتون و النيوترون تشكلان نواة الذرة و الإلكترون هي الشحنات الكهربائية التي توازن النواة. فإذا كانت النواة إيجابية تكون الإلكترونات سلبية. بشكل عام، كل خصائص المادة ممكن أن تفسر عن طريق هذه الجزيئات الثلاثة.

النواة:

نواة الذرة (البروتون و النيوترون) ليست جزئيات أساسية و هذا يعني أنهما تتكونا من جزئيات أصغر منها بينما الإلكترون هي جزيء أساسي أي غير قابل للإنقسام أو التصغير. إذا نظرنا داخل الإلكترون لن تستطيع رؤية أي شيء. بينما إذا نظرنا داخل النواة فسنرى بروتون و نيوترون و إذا نظرنا داخل البروتون و النيوترون فسنجد جزيئات جديدة اسمها الكواركات. الكواركات هي أصغر الجزيئات الدون الذرية في الكون و لا شيئ أصغر منها (حتى الآن). الكواركات ٦ أنواع. Up, Down, Charm, Strange, Top, Buttom لكني في هذا المقال سأتكلم عن نوعين فقط و هما النوعين الذين يشكلان أغلب ما نراه من حولنا (Up and Down). هذه الكواركات هي أصغر جزيء و غير قابلة للإنقسام و دائماً تاتي في كمية ٣ كواركات.

نواة أي ذرة (كتلة الذرة) تتألف من نوعين من الكواركات. كواركات up و كواركات down. الاسم ليس له علاقة باتجاهات و هو مجرد اسم اختاره العالم Murray Gell-Mann لأنه هو من اكتشفها. الكوارك Up لديه شحنة كهربائية ايجابية بقيمة الثلثين (+٢/٣) و الكوارك Down لديه شحنة كهربائية سلبية بقيمة الثلث (-١/٣)

لنعود للبروتون و النيوترون، كما ذكرت سابقاً أننا عندما ننظر داخل نواة الذرة نجد البروتون و النيوترون و عندما ننظر داخل البروتون و النيوترون نجد الكواركات up و down و هذا ببساطة تركيب أي نواة ذرة. قيمة الكواركات هي ما يحدد الوزن الذري للمادة. البروتون دائماً له شحنة إيجابية و النيوترون دائماً له شحنة محايدة تساوي صفر.

مثلاً الهيدروجين ليس لديه نيوترون و له بروتون واحد هذا يعني أننا في حال نظرنا داخل ذرة الهيدروجين سنجد نواة تتشكل من بروتون وحيد فقط. إذا نظرنا داخل هذا البروتون سنجد أنه يتشكل من ٣ كواركات (دائماً الكواركات ثلاثية). ترتيب هذه الكواركات هو up up down لماذا؟ لأن قيمة الوزن الذري للهيدروجين هي ١ و لكي يتشكل لدينا بروتون قيمته ١ يجب أن تكون الكواركات مصفوفة بشكل يكون نتيجة الشحنة الكهربائية يساوي ١

كما ذكرت سابقاً قيمة ال up تساوي ٢/٣ (ثلثين). نحن لدينا كواركين up هذا يعني ١,١/٣ واحد و ثلث. الآن حين نضيف الكوارك الثالث الdown و الذي يساوي -١/٣ (ثلث سلبي) فهذا يعني أن قيمة البروتون أصبحت ١

هذه البروتونة الوحيدة الإيجابية تحتاج إلى إلكترونة سلبية تدور حولها لكي تتوازن الذرة. إذاً أصبح لدينا بروتون = ١ و إلكترون = -١ و هكذا نكون وصفنا ذرة هيدروجين متوازنة.

ماهي فائدة النيوترون؟

النيوترون يربط البروتونات مع بعضها. كما ذكرت لك سابقاً أن البروتون له شحن كهربائي ايجابي مما يشكل قوة تنافر بين البروتونات في حال كان لدينا أكثر من بروتون و هنا يأتي دور النيوترون حيث يلعب دور الجزيء الحيادي الوسيط الذي يربط هذه البروتونات مع بعضها و يمتص تنافرها الإجابي. إذا نظرنا داخل التيوترون سنجد ثلاث كواركات بترتيب Down Down Up أي (-١/٣) + (-١/٣) + (٢/٣) = ٠ (صفر)

إذاً الكواركات هي اللبنة الأساسية التي تتشكل منها نواة الذرة بالإضافة إلى الإلكترون نكون كونا ذرة متوازنة. دعونا نناقش بعض الشروط و القوانين اللازمة في تكوين ذرة مستقرة. – يجب أن يكون عدد البروتونات متساوي مع عدد الإلكترونات
يجب أن يكون عدد النيوترونات متساوي مع عدد البروتونات لكي لا تتنافر البروتونات مع بعضها
الكواركات لا تأتي إلّا بشكل ثلاثي و لا يمكن فصلها عن بعضها بسبب القوة النووية القوية
القوة الكهرومغناطيسية هي ما يمنع نواة الذرة من الإنهيار بسبب تنافر النيوترونات مع البروتونات

لننظر داخل ذرة الهيليوم… في الكون و بعد الإنفجار العظيم وبعد تشكل الهيدروجين تشكل الهيليوم و هذا سببه أن المرحلة القادمة من تطور الهيدروجين هي ذرة الهيلوم. لهذا إذا ما حللنا أي مكان من الفضاء الخارجي سنجد أن نسبة الهيدروجين هي 74% و ٢٦٪ هيليوم. هذه النسبة نفسها في كل أنحاء الكون و هي دليل دامغ على نظرية الإنفجار العظيم و على نظرية the Standard Model لتوصيف العمل الذري.

داخل نواة ذرة الهيليوم يوجد برتونتين و نيوترونتين. هل تستطيع توصيف نواة الذرة من ناحية الكواركات؟

(فوق + فوق + تحت) + (فوق + فوق + تحت)

إذا قمنا بحساب قيمة هذه الكواركات فسنكتشف أن قيمة شحنتها الكهربائية هي ٢ و لذلك من المقترض أن نجد حول نواة ذرة الهيليوم إلكترونتين لكي تكون ذرة الهيلوم مستقرة.

لننظر داخل ذرة الكربون…سنجد ٦ بروتونات + ٦ نيوترونات + ٦ إلكترونات.

سأتوقف عند هذا القدر في توصيف الذرة و سأتطرق لبعض القوانين التي تحكم علاقات هذه الجزيئات. لكن يجدر الذكر أنه يوجد محور كامل أنا لم أتطرق له و هو المدارات الذرية أو Oribitals و ذلك لصعوبة شرحها ضمن سلة المعلومات التي اخترت أن أطرحها ضمن هذا المقال. ربما أكتب عنها في مقال منفصل أستطيع من خلاله طرح محاور أكثر تساعد في تفكيك موضوع المدارات الذرية.

الكهرومغناطيسية هي القوة المسؤولة عن تماسك الذرات مع بعضها البعض و هي التي تسمح لنا بدفع الأشياء. الإلكترونات الموجودة في القشرة الخارجية حول الذرة تتنافر مع الإلكترونات من ذرات أخرى. مثلاً حين أمسك تفاحة بيدي التفاحة تتأثر بقوة الجاذبية و تتجه نحو نواة الأرض إلى أن الإلكترونات في يدي تتنافر مع الإلكترونات الموجودة في التفاحة فتبقى التفاحة في يدي دون القدرة على العبور من خلال يدي. تتجسد هذه الحالة في عالمنا اللاذري و كأنني ممسك بالتفاحة، لكن في الواقع ذرات يدي لا تلمس ذرات التفاحة بسبب التنافر الكهرومغناطيسي. موقع الإلكترونات داخل الذرة يعطي المادة مواصفاتها و لهذا السبب نحن لدينا هيدروجين و كربون و حديد و أوكسيجين و هيليوم الخ.

حالات المادة:

الحرارة و الضغط تؤثران على شكل المادة فإما تكون المادة على شكل جامد أو سائل أو غازي أو بلازما. كل ما عرضنا المادة للحرارة كلما زادت حركة العناصر و ابتعدت عن بعضها و كلما خفضنا من حرارتها كلما تماسكت العناصر مع بعضها. تماسك أو تباعد العناصر في المادة يحدد مدى تماسك الإلكترونات مع بعضها و بالتالي مدى فعالية تنافرها مع الإلكترونات من مواد أخرى. هذا يعني أنه عندما تضع يدك ضمن الماء فإن اللإلكترونات التي في يديك تستطيع المرور بين الإلكترونات الموجودة في الماء بسبب تباعدها و في حال بردت هذه العناصر و تكاثفت مع بعضها فإن إلكتروناتها تتقارب من بعضها (حالة التجمد) و عندها لايمكن تمرير يدنا من خلالها الجليد. في الحالة الغازية نحن نستطيع المرور من خلال المادة بسبب تباعد العناصر أكثر فأكثر و أما الحالة الرابعة و هي البلازما و التي تتمثل بارتفاع درجات الحرارة لمرحلة تبدأ الإلكترونات فيها بالإنفصال عن الذرة بحيث تصبح الإلكترونات الحرة الغير المرتبطة مع بروتونات. في هذه الحالة تكون المادة بشكل غازي ناقل للكهرباء ولهذا تستخدم في بعض الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز أو ضوء النيون. إن حالة البلازما هي الحالة الأكثر رواج في الكون إذ أن ٩٩٪ من المادة موجودة في الكون هي على شكل البلازما وذلك بسبب ارتفاع دراجات الحرارة في النجوم بسبب الانصهارات النووية. المرة القادمة حين ترى البرق في السماء تذكر أن ارتفاع دراجات الحرارة للصقعة الكهربائية التي تمر في الأجواء تحول الغازات التي تمر بها إلى بلازما إلى أن تبرد و تعود لحالتها الغازية من جديد.

حديقة الجزيئات:

أنا في هذا المقال ذكرت الكواركات على أنها ٦ كواركات لكني ركزت على نوعين فقط و ذلك لتبسيط الأفكار و لكن في الواقع يوجد عشرات الجزيئات الأساسية الشبيهة بالكواركات و التي لها وظائف مختلفة. من المهم معرفة هذه المعلومة في هذه المرحلة ثم البحث أكثر لفهم علاقات هذه الجزيئات مع بعضها البعض.

– يوجد لدينا الكواركات، تحدثنا عنها و هي ثلاث أجيال و أنا ذكرت الجيل الأول فقط
– يوجد لدينا اللبتونات، و هي جزيئات أولية أساسية منها الإلكترون الذي ذكرته في هذه المقالة
– يوجد لدينا الجزيئات الإفتراضية، مثل جزيء الجاذبية و هي جزيئات فرضية لم تكتشف بعد.
– يوجد لدينا الجزيئات الحاملة للطاقة مثل الفوتونات أو البوزونات أو الغلوأن و التي تربط الكواركات مع بعضها.

من أهم هذه الجزئيات التي تم اكتشافها في ٢٠١٢ هو جزيء الهيغز بوزون و الذي يعتبر من أهم الإكتشافات في القرن الواحد و العشرين إذ أنه سياعدنا على فهم أليات تشكل كتلة المادة.

العلماء يعتقدون أن المادة لا كتلة لها حتى تتفاعل مع جزيء الهيغز و أن هذا الجزيء موجود في كل مكان و هو ما يمكن أن يربط لنا القوة الجاذبية مع العالم الذري. الإعتقاد أن الجزيئات الليبتونية مثل الفوتون (الضوء) لا تتفاعل مع الهيغز و لذلك هي عديمة الكتلة و تعتبر الأسرع في الكون إذا أنها تنتقل عبر النسيج الكوني دون التفاعل مع الهيغز الموجود في كل مكان.

للأشخاص الذين يتملكون منتجات أبل يوجد تطبيق للأطفال اسمه the particle zoo رائع في شرح جميع الجزيئات بطريقة سلسة

القوة النووية القوية:

نحن لا نرصد هذه القوة بشكل واضح في حياتنا اليومية إلا أنها هي المسؤولة عن تماسك ذرات أجسادنا مع بعضها البعض و هي تعتبر أقوى القوى الكونية الأربعة (الجاذبية، الكهرومغناطيسية، النووية القوية، النووية الضعيفة).

نحن تحدثنا سابقاً أن البروتون و التيوترون و كيف أنهم يتكونوا من الكواركات و كيف أن الكواركات دائماً تأتي بشكل ٣ و لا يمكننا تفريق الكواركات عن بعضها. القوة النووية القوية هي المسؤولة عن هذه الخاصية و التي دون وجودها لما وجدت المادة أصلاً…. لنتخيل الكواركات كقطع من الليغو. ثلاث قطع ملونة بثلاث ألوان. أزرق، أحمر، و أخضر.

هذه القطع متماسكة مع بعضها من خلال مسنناتها المعروفة في قطع الليغو. من شروط الطبيعة أننا كل ما حاولنا ابعاد القطع عن بعضها كلما زادت القوة أكثر. في حال عرضنا القطع إلى طاقة هائلة نستطيع خلق قطعة ليغو جديدة تنشأ بين القطع التي نحاول تفريقها.

الكواركات في حالة تماسك نووية و من المستحيل تفريقها عن بعضها و في حال قمنا بذلك فهي تستخدم الجزيئات الحاملة للطاقة غلوأون و التي تعمل على تثيبت القطع مع بعضها. سأحاول شرح هذه الظاهرة بأفضل طريقة ممكنة، لنتخيل أن الكون هو عبارة عن بنك مركزي للطاقة. يسمح الكون لنا بأن نقترض الطاقة بشكل مجاني على شرط أن نعيد هذا القرض بشكل فوري. يعني أننا إذا اقترضنا جزيء غلوأون من الكون فعلينا اعادة هذا القرض المجاني بشكل مباشر.

بحكم أن كل ما زادت المسافة بين الجزئيات سيزيد الوقت لانتقال المعلومات و بحكم أن الكون يلزمنا باعادة الطاقة بشكل آني و فوري فهذا يعني أن على الجزيئات التي تقترض هذه الطاقة المجانية أن لا تبتعد كثيراً عن بعضها للتمكن من رد القرض بشكل مباشر دون أي تأخير.

قطر التأثير للقوة النووية القوية هو عبارة عن قطرين و نصف من حجم البروتون. هذا يعني أن جميع بروتونات داخل هذا المدى هي تحت تأثير القوة النووية القوية لكن في بعض العناصر يكون عدد البروتونات أكبر من مدى التأثير للقوة النووية القوية مثل العناصر التي تأتي بعد بزموت /Bismuth ٨٣ ضمن قائمة العناصر الطبيعية. على سبيل المثال بولونيوم / Polonium فيه ٨٤ بروتون و هذا يعني أن بعض هذه البروتونات سيقع خارج مدى القوة النووية القوية مما يؤدي إلى تأثير الكهرومغناطيسيه على البروتونات التي تقع خارج المدى و هكذا يكون لدينا مواد اشعاعية تخسر من بروتوناتها بسبب تأثير الكهرومغناطيسية.

لتوضيح هذه الفكرة بشكل أفضل لنتخيل أن البروتونات و النيوترونات هي مجموعة من الكراة المعدنية و لنتخيل وجود سلة في مننصف الغرفة موجودة هذه الكرات المعدنية في داخلها. الآن لنفترض أن جدران الغرفة مصنوعة من المعناطيس و أن الكرات المعدنية لا تتأثر بهذه قوة المغنطة طالما أنها داخل السلة. السلة في هذا المثال تمثل القوة النووية القوية إذا أنها تجمع الكرات المعدنية مع بعضها و تمنعها من الإتجذاب نحو الجدران المغناطيسية. في حال كان عدد الكرات المعدنية أكبر من حجم السلة الموجودة في منتصف الغرفة سنجد أن بعض هذه الكرات المعدنية سيتجه نحو جدران الغرفة. في هذه الحالة نسمي المادة أنها مادة مشعة.

القوة النووية الضعيفة:

القوة الضعيفة تسمى ضعيفة لأن نطاق تأثيرها هو نطاق ضيق جداً و هو عبارة عن ١٠٪ من مساحة البروتون تقريباً. هذه القوة مسؤولة عن تغير ماهية الجزيئات من نوع إلى نوع عبر عملية تسمى عملية اضمحلال اشعاعي حيث تتحول البروتونات الزائدة الموجود في النواة إلى جزيئات أساسية آخرى. القوة النووية الضعيفة هي المسؤولة عن تغير خاصية الكواركات من up إلى down مما يؤدي إلى تحول البروتون إلى نيترون أو جزيئات أخرى لم أتطرق إليها في سياق المقال.

في النهاية أتمنى أن أكون قدمت لك لمحة عامة عن النظرية الذرية و ماهية العلاقة بين العناصر الدون ذرية. أنا طبعاً لم أشرح كافة المحاور المتعلقة بالموضع لكنني قمت بتغطية كافة المحاور الرئيسية المتعلقة بالوصول لفهم عام عن الموضوع.

هذا المجال هو مجال كبير جداً و مثير للاهتمام و الفضول. نعم قد يبدو الموضوع معقد في البداية لكن ما إن تفهم الأساسيات تصبح رحلة البحث سهلة و ممتعة. هدفي من المقال أن أكون حفزت لديك الفضول للبحث أكثر.

[divider]

[author ]إعداد : مصطفى عابدين (يمكنك التواصل مع الكاتب بالضغط على الاسم) | تدقيق علمي : Bilal Najjar ، Hazim Alsaif[/author]

[divider]

مصدر 1 ، مصدر 2 ، مصدر 3 ، مصدر 4 ، مصدر 5 ، مصدر 6 ، مصدر 7 ، مصدر 8 ، مصدر 9 ، مصدر 10 ، مصدر 11 ، مصدر 12 ، مصدر 13 ، مصدر 14