( اشرب الخمر، وستجد نفسك تتحدث اللغات الأجنبية بطلاقة)، كان هذا ما جاء في بحثٍ جديدٍ تناول العلاقة بين القدرة على تحدث اللغات الأجنبية وشُرب الكحول، بعد أن أُجرِيت تجربةٌ على مجموعةٍ من المشاركين، وأظهرت النتيجة تحسّنًا ملحوظًا في تحدثهم للغات الأجنبية بعد شرب الكحول، مما يشير إلى فوائد الكحول التي تفوق سلبياته المؤثرة على العقل، وعلى أي حال،لم تمر هذه التجربة مرور الكرام، إذ حذّر فريق الباحثين من التركيز عليها، ولكن إذا تأملناها قليلًا فإننا سنري بعض الرؤى المدهشة حول القلق المرتبط بتحدث الإنسان للغات الأجنبية، وكيف يمكن للكحول أن تتغلب عليه (القلق).

لقد صرّح عضو فريق (إنغا كيرسبيرجن) من جامعة ليفربول، بأن دراستهم هذه تُظهر الجانب المضيء للكحول وما له من تأثيرٍ مفيدٍ لمن يود أن يتعلم لغةً جديدةً، إذ اشتملت الدراسة على خمسين شخصًا من المتعلمين الجدد للغة الألمانية.

ونُفذت التجربة خلال اختيارٍ عشوائيٍ لمجموعةٍ من الأشخاص، وقُدم لهم المشروب، يحتوي مشروب كل شخصٍ على كميةٍ من الكحول، تختلف عن الآخر، وهي كميةٌ محدّدةٌ وفقًا لوزن كل شخص منهم، فمثلًا “الشخص الذي يزن 145 رطلًا، يحتوي كل نصف لترٍ من مشروبه على 5% من البيرة الخالصة”، وبالتأكيد هناك في المقابل من لا يحتوي مشروبه على أي كحول، ثم طُلب منهم أن يتحدثوا لمدة خمس دقائق، بعد أن انهوا المشروب؛ ليسجلوا لهم صوتهم وهم يتحدثون الألمانية، وقد قيّم اثنان من متحدثي اللغة الألمانية تسجيلات المشاركين، دون أن يكون لديهم أي علمٍ بتجربة المشاركين مع الكحول، وطُلب من المشاركين أيضًا أن يقيّموا أنفسهم بعد نهاية المحادثة، ولكن دون أن يكون للكحول أي تأثيرٍ سلبيٍ على تقييمهم لأنفسهم، وعلى الناحية الأخرى قيّمهم المسئولين عن التقييم، وكانت النتيجة مُدهشةً للجميع، إذ وجدوا أن أصحاب المشروب الذي يحتوي على الكحول حصلوا على تقييم أفضل من غيرهم، خاصةً في تقييم النُطق، والصوت، وانتهت التجربة على ذلك، ولكن، ماذا بعد؟.

إن معظمنا يعرف سلبيات الكحول على العقل ووظائفه التي تشمل الذاكرة، والتركيز، وغيرها من الوظائف التي لا يمكن الاستغناء عنها، ولا تخفى حاجتنا لكل هذه الوظائف لنتحدث، ولكن في الوقت نفسه هناك دراساتٌ وأبحاثٌ أثبتت أن للكحول فوائد في زيادة الثقة بالنفس، وتقليل (الخوف الاجتماعي – Social anxiety)، وهذه أشياءٌ نحن أيضًا في حاجةٍ إليها لنتحدث لغةً جديدةً، وهي مفيدةٌ خاصةً لمن تعّلم اللغة حديثًا، ويحتاج للثقة.

لقد صرحت الباحثة جيسيكا ويرثمان من جامعة ماستريخت بهولندا، بأن هناك تقنية يمكن أن تحل توفر فوائد الكحول، ولكنها تقنيةٌ بحاجةٍ للمزيد من الأبحاث؛ ليتم وضعها موضع اهتمام.

وبالعودة لمحور الدراسة، تجدر الإشارة إلى شيء يجب مراعاته جيدًا، وهو: «لا يمكننا أن نعمم بهذه الدراسة التي شارك فيها فقط خمسون شخصًا، فهي مجرد دراسة، ولكنها تبقى مثيرةٌ، وتجعلنا نسأل أنفسنا كيف يمكن لقليلٍ من مشروبٍ أن يُحدث تغييرًا مؤثرًا كهذا، وما يحتاج حقًا أن نهتم به، هو ما سلطّت الدراسة الضوء عليه (النُطق)، فهو أكثر ما تحسّن عند المشاركين في التجربة، وربما تحثنا كمية محدودة من الخمر على الاهتمام بأمورٍ تستحق، كعلم النُطق، والصوتيات”.

وأوضح فريتز راينر، عضو فريق الباحثين من جامعة ماستريخت بهولندا، أن المشاركين في التجربة، تناولوا جرعةً قليلةً من الكحول (5%)، وأن الجرعة الكبيرة ربما لا تؤتي ثمارها، وفي الختام، تذكر أن (شرب الخمر فقط لن يفيدك دون تعلّم).

لقد نُشر هذا البحث في (Journal of Psychopharmacology).


  • ترجمة : محمد خالد سمير.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر