في عام 2003، قام المريخ بدنوه الأقرب إلى الأرض في ما يقرب من 60,000 سنة، واستغل تلسكوب الفضاء هابل الفرصة لمراقبة الكوكب الأحمر في حين لم يكن يبعد من الأرض إلا 34,647,420 ميلًا (55,757,930 كم).

إذا كنت ترغب في زيارة الكوكب الأحمر، كم من الوقت سوف يستغرق ذلك؟ الجواب يعتمد على عددٍ من الأشياء، بدءًا من وضع الكواكب إلى التكنولوجيا التي من شأنها أن تدفعك إلى هناك، دعونا ندرس بعضًا من أهم النقاط.

كم يبعد مدى المريخ؟

و لتحديد الوقت الذي سيُستغرق للوصول إلى المريخ، يجب أن نعرف المسافة بين الكوكبين أولًا.

المريخ هو الكوكب الرابع من الشمس، والثاني الأقرب إلى الأرض (كوكب الزُهرة هو الأقرب)، ولكن المسافة بين الكواكب تتغير باستمرار لأنها تطوف حول الشمس.

ومن الناحية النظرية، فإن أقرب ما يمكن أن تقترب منه الأرض والمريخ من بعضهما البعض هو عندما يكون المريخ في أقرب نقطةٍ له بالنسبة إلى الشمس «الحضيض» والأرض في أبعدها «الأوج»، وهذا من شأنه أن يضع الكوكبين على حد 33.9 مليون ميل (54.6 مليون كيلومتر) فقط، ومع ذلك، لم يحدث هذا قط في التاريخ المُسَّجَل، وحدث أقرب دنوٍ مسجلٍ للكوكبين في عام 2003، عندما كانا على حد 34.8 مليون ميل (56 مليون كيلومتر) فقط.

أبعد نقطة للكوكبين عن بعضهما البعض هي عندما كانا كلاهما في أبعد نقطةٍ من الشمس، على الجانبين النقيض من النجم «الشمس»، عند هذه النقطة يمكن أن يكونا على مسافة 250 مليون ميل (401 مليون كم) عن بعضهما.
ويبلغ متوسط المسافة بين الكوكبين 140 مليون ميل (225 مليون كم).

سرعة الضوء

يسافر الضوء عند 186,282 ميلًا في الثانية تقريبًا (299,792 كم في الثانية)، ولذلك فإن الضوء الساطع من سطح المريخ يستغرق ما يلي من الوقت للوصول إلى الأرض (أو العكس بالعكس):

● أقرب وصول ممكن: 182 ثانية، أو 3.03 دقائق.
● أقرب وصول مسجل: 187 ثانية، أو 3.11 دقائق.
● الوصول الأبعد: 1،342 ثانية، أو 22.40 دقيقة.
● في المتوسط: 751 ثانية، أو ما يزيد قليلًا عن 12.50 دقيقة.

أسرع مركبة فضائية حتى الآن

أسرع مركبةٍ فضائيةٍ أُطلقت من الأرض كانت مهمة نيو هورايزونز التابعة لوكالة ناسا، والتي زارت بلوتو في عام 2015.
غادر المسبار الأرض في يناير عام 2006 بسرعة 36,000 ميلًا في الساعة (58,000 كيلومترًا في الساعة).

إذا سافر مثل هذا المسبار في خطٍ مستقيٍم إلى المريخ، فإن الوقت الذي يستغرقه للوصول إلى المريخ سيكون:

● أقرب وصولٍ ممكن: 942 ساعة (39 يوما).
● أقرب وصولٍ مسجل: 967 ساعة (41 يوما).
● الوصول الأبعد: 6,944 ساعة (289 يوما).
● في المتوسط: 3,888 ساعة (162 يوما).

ولكن أصبحت الأمور معقدةً بعد ذلك…

وبطبيعة الحال، فإن المشكلة مع الحسابات السالفة هي أنها تقيس المسافة بين الكواكب كخطٍ مستقيم، السفر عبر أبعد مرورٍ للأرض والمريخ سيكون منطويًا على رحلةٍ مباشرةٍ عبر الشمس، في حين أن المركبة الفضائية يجب أن تتحرك بالضرورة على مدارٍ حول نجم النظام الشمسي.

على الرغم من أن هذه ليست مشكلةً لأقرب وصولٍ، عندما تكون الكواكب على نفس الجانب من الشمس، وهناك مشكلة أخرى، تفترض الأرقام أيضًا أن الكوكبين يبقيان على مسافةٍ ثابتة، أي أنه عندما يتم إطلاق مسبار من الأرض في حين أن الكوكبين هما في أقرب نقطةٍ لبعضهما، سوف يبقى المريخ على نفس المسافة بعيدًا على مدار التسعة والثلاثين يومًا التي استغرقها المسبار للسفر.

ومع ذلك، فإن الكواكب في الواقع تتحرك باستمرارٍ في مداراتها حول الشمس، يجب على المهندسين حساب المدارات المثالية لإرسال مركبةٍ فضائيةٍ من الأرض إلى المريخ.

عامل حساباتهم ليست المسافة فقط ولكن كفاءة الوقود أيضًا، كرمي نبلة سهم على هدف متحرك، يجب أن يحسبوا أين سيكون الكوكب عندما تصل المركبة الفضائية، وليس أين هو عندما تغادر المركبة الأرض، يجب على السفن الفضائية التباطؤ أيضًا عند الدخول لمدار كوكبٍ جديدٍ لتجنب تجاوز الكوكب وعبوره.

المدة التي يستغرقها الوصول إلى المريخ تعتمد على المكان الذي يقع فيه الكوكبين في مداراتهما عند انطلاق المهمة، كما تعتمد على التطورات التكنولوجية لأنظمة الدفع.

وفقًا لموقع مركز طيران فضاء غودارد التابع لوكالة ناسا، فإن تشكيلة الفريق المثالي لإطلاق مركبة فضائية إلى المريخ سوف تحصل على هذا الكوكب في تسعة أشهر تقريبًا، واقتبس الموقع عن أستاذ الفيزياء كريغ باتن (Craig C. Patten)، من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو (UCSD): «يستغرق الأمر من الأرض سنةً واحدةً إلى مدار الشمس، ويستغرق المريخ حوالي 1.9 سنة (نقول سنتان لحسابٍ سهل) لمدار الشمس، المدار الإهليلجي الذي يحملك من الأرض إلى المريخ أطول من مدار الأرض، ولكنه أقصر من مدار المريخ، وبناءًا على ذلك، يمكننا تقدير الوقت الذي تستغرقه المركبة لإكمال هذا المدار عن طريق حساب متوسط مدار الأرض ومدار كوكب المريخ. ولذلك، سيستغرق الأمر حوالي سنة ونصف لإكمال المدار الإهليلجي».

ويتابع قائلًا: «في الأشهر التسعة التي تستغرقها المركبة في الوصول إلى المريخ، فإن المريخ يتحرك مسافةً كبيرةً حول مداره، حوالي ثلاثة أضعاف الطريق حول الشمس، عليك أن تخطط مسبقًا للتأكد من أنه بحلول الوقت الذي تصل إلى مدار المريخ، أن يكون المريخ في المكان الذي تحتاج أن يكون فيه عمليًا، وهذا يعني أنه يمكنك بدء رحلتك عندما تصطف الأرض والمريخ بشكل صحيح فقط، يحدث هذا كل 26 شهرًا فقط، وهذا يعني أن هناك نافذة إطلاق واحدة كل 26 شهرًا».

وقال باتن أنه يمكن تقصير الرحلة عن طريق حرق المزيد من الوقود، وهي عملية ليست مثالية مع التكنولوجيا الحالية.

يمكن أن تساعد التكنولوجيا المتطورة على تقصير الرحلة، وسوف يكون نظام الإطلاق الفضائي (SLS) التابع لوكالة ناسا بمثابة العمود الفقري الجديد لنقل البعثات القادمة، وربما البشر، إلى الكوكب الأحمر.

ويجري حاليًا بناء واختبار نظام (SLS)، مع أول رحلة مخطط لها لعام 2019.

دفع الفوتون يعتمد على قوة الليزر لتسريع المركبة الفضائية إلى سرعات تقترب من سرعة الضوء.

يعمل فيليب لوبين (Philip Lubin)، أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا (UCSB)، وفريقه على دفع الطاقة الموجهه للاستكشاف بين النجوم (في-العمق – DEEP-IN)، وقال فيليب: «يمكن لهذه الطريقة دفع مركبةٍ فضائيةٍ روبوتيةً تبلغ 220 رطلًا (100 كيلوغرام) إلى المريخ في ثلاثة أيامٍ فقط».

يقول لوبين في ندوة ناسا المبتكرة للمفاهيم المتقدمة (NIAC) لعام 2015: «هناك تطورات حديثة حولت هذا من الخيال العلمي إلى الواقع العلمي»، وأضاف: «لا يوجد سبب معروف لعدم تمكننا من القيام بذلك».

كم استغرَقتْ من الوقت؟

ستجد هنا قائمةً لفترات عدة بعثات تاريخية إلى الكوكب الأحمر، تواريخ إطلاق البعثات مدرجة لغرض الإطلاع عليها:

● مارينر 4 (Mariner 4) أول مركبة فضائية إلى المريخ، أُطلقت سنة 1964، واستغرقت 228 يومًا للوصول إلى المريخ.

● مارينر 6 (Mariner 6)، أُطلقت سنة 1969، واستغرقت 155 يومًا.

● مارينر 7 (Mariner 7)، أُطلقت سنة 1969، واستغرقت 128 يومًا.

● مارينر 9 (Mariner 9)، أول مركبةٍ فضائيةٍ إلى مدار المريخ، أُطلقت سنة 1971، واستغرقت 168 يومًا.

● فايكينغ 1 (Viking 1)، أول مركبةٍ أمريكيةٍ تهبط على سطح المريخ، أُطلقت سنة 1975، واستغرقت 304 أيام.

● فايكينغ 2 (Viking 2) مركبة مدارية ومركبة هبوطٍ، أُطلقت سنة 1975، واستغرقت 333 يومًا.

● مارس غلوبال سورفيور (Mars Global Surveyor)، أُطلقت سنة 1996، واستغرقت 308 أيام.

● مارس باثفايندر (Mars Pathfinder)، أُطلقت سنة 1996، واستغرقت 212 يومًا.

● مارس أوديسي (Mars Odyssey)، أُطلقت سنة 2001، واستغرقت 200 يوم.

● مارس إكسبريس أوربيتر (Mars Express Orbiter)، أُطلقت سنة 2003، واستغرقت 201 يوم.

● مارس ريكونايسانس أوربيتر (Mars Reconnaissance Orbiter)، أُطلقت سنة 200، واستغرقت 210 أيام.

● مارس ساينز لابورتوري (Mars Science Laboratory)، أُطلقت سنة 2011، واستغرقت 254 يومًا.


  • ترجمة: أحمد صفاء
  • تدقيق: صهيب الأغبري
  • المصدر