قد تم اكتشاف نفق حممٍ بركانيةٍ بحجم مدينةٍ على سطح القمر، ويقول الباحثون: إنه يمكن أن يكون بمثابة مأوىً لرواد فضاء القمر، ويقولون أيضًا: إن نفق الحمم البركانية هذا، يمكن أن يحمي رواد الفضاء الذين يعيشون على القمر من الظروف الخطرة على سطح القمر، وأضافوا: إن مثل هذا النفق يمكن أن يأوي مستعمرةً قمريةً.

في هذه الصورة تشكل ثقب عملاق في القمر بواسطة قناة حمم بركانية قديمة، وهو الذي فُتح عند منحدر ماريوس هيلز
(الصورة لحساب: مركز غودراد لعلوم الفضاء (Goddard)/ ووكالة الفضاء ناسا (NASA) / وجامعة ولاية أريزونا – Arizona State University).

وقال الباحث المشارك في الدراسة جونيتشي هاروياما (Junichi Haruyama)، وأحد أبرز الباحثين في وكالة الفضاء اليابانية جاكسا (JAXA) في تقرير (كيفية الوصول إلى القمر في 5 خطواتٍ صغيرة): “من المهم معرفة أين موقع، وما حجم أنفاق الحمم القمرية، إذا كنا سنعمل على بناء قاعدةٍ قمرية”.

لقد هبط البشر لأول مرةٍ على سطح القمر منذ أكثر من 48 عامًا، ولكن لم يتمكن أحد من البقاء هناك لمدةٍ أطول من ثلاثة أيام؛ ذلك لأن القمر مكان محفوف بالمخاطر، ولديه درجات حرارةٍ واسعة النطاق، وعلى عكس الأرض، ليس للقمر غلافًا جويًا أو مجالًا مغناطيسيًا؛ لحماية الحياة على سطحه من أشعة الشمس القاسية، والإشعاع.

يقول الباحثون: إن بزات الفضاء لا يمكن أن تحمي رواد الفضاء من هذه المخاطر على مدى فتراتٍ طويلةٍ من الزمن، بَيد أن أنفاق الحمم البركانية يمكن أن تساعد في حماية أيٍ من مسافري الفضاء، وأوضحوا أن أنفاق الحمم البركانية هي القنوات التي تتشكل عندما يبرد تدفق الحمم البركانية، وتنمو قشرة صلبة، ثم تثخن هذه القشرة وتصنع سقفًا على تيار الحمم البركانية التي لا تزال تتدفق، وبمجرد توقف الحمم البركانية، تُستنزف القناة أحيانًا، تاركةً وراءها أنبوبًا فارغًا،
ويقول هاروياما: إن الباحثين يريدون دراسة هذا النفق الحممى؛ لأنهم ” قد يحصلون على أنواعٍ جديدةٍ من عينات الصخور، وبيانات تدفق الحرارة، وبيانات رصد الزلزال القمري”.

وتم اكتشاف النفق عندما قام المسبار القمري الياباني سيلين (SELENE) المختصر لكلمة (Selenological and Engineering Explorer) – المعروف أيضًا باسمه المستعار، كاغويا (Kaguya) – بجمع البيانات بالقرب من منحدر ماريوس هيلز للقمر، وهو مدخل النفق، وعندما قام الباحثون في جاكسا بفحص البيانات في وقتٍ لاحق، وجدوا نمط صدى صوتي مميز، فقالوا: إن الانخفاض في كثافة الصدى المتبوع بذروة صدى ثانيةٍ كبيرة، هي الإشارات التي توحي إلى حدٍ كبيرٍ لوجود منطقةٍ جوفاء، مثل النفق.

واكتشف العلماء أيضًا أنماط صدى مماثلة في عدة أماكنٍ بالقرب من الفتحة – الثقب العملاق المذكور آنفًا-، مما يشير إلى أنه قد يكون هناك المزيد من الأنفاق القمرية في المنطقة.

ومع ذلك، لم يتم تصميم مسبار سيلين ليطير بالقرب من القمر، ومن ثم تبقى وكالة جاكسا شراكةً مع علماء وكالة ناسا، ويعملون على بعثة مختبر استعادة الجاذبية والبنية الداخلية للقمر، المعروفة اختصارًا باسم (غريل –GRAIL) – (Gravity Recovery and Interior Laboratory)، وهو مشروع يسمح للعلماء بجمع بياناتٍ ذات جودةٍ عاليةٍ على مجال جاذبية القمر، إذ برهنوا أن مناطق عجز جاذبية القمر – وهي أقل كتلةٍ – يمكن أن تساعد في تحديد الأماكن الجوفاء تحتها.

وقال الباحث المشارك في الدراسة جاي ميلوش (Jay Melosh) الباحث المشارك في بعثة غريل، وأستاذ بارز في علوم الأرض، والغلاف الجوي، والكواكب في جامعة بوردو، في ولاية إنديانا الأمريكية، في التقرير: “كانوا يعرفون عن وجود منحدرٍ في ماريوس هيلز، ولكن لم يكن لديهم أي فكرةٍ إلى أي مدىً قد يكون التجويف تحت الأرض قد ذهب”، وأضاف أيضًا في عرض الشرائح الخاص بالكاتبة ناتالي ولشوفر (Natalie Wolchover) (الأشياء اليومية السبعة التي تحدث بشكل غريب في الفضاء)، الذي نصه: “استخدمت مجموعتنا في بوردو بيانات الجاذبية على تلك المنطقة للاستدلال على أن الفتحة كانت جزءًا من نظامٍ أكبر، وباستخدام هذه التقنية التكميلية للرادار، تمكنوا من معرفة مدى عمق وارتفاع التجاويف”.

إن للأرض أنفاقَ حممٍ بركانيةٍ أيضًا، لكنها ليست كبيرةً على النحو التي اكتُشفت على سطح القمر، وقالوا إنه إذا كانت تحليلات الجاذبية للعلماء صحيحةً فإن أنفاق الحمم بالقرب من ماريوس هيلز، يمكن أن تضم مدينةً أمريكيةً كبيرةً كفيلادلفيا بسهولة.

مدينة فيلادلفيا يمكن أن تنساب بسهولةٍ داخل نفق الحمم القمرية النظري هذا
(الصورة لحساب: ديفيد بلير (David Blair) الأستاذ في جامعة بوردو).

ويقول الباحثون إن علماء آخرين تكهنوا بأن القمر يحتوي على أنفاقٍ من الحمم البركانية، لكن النتيجة الجديدة، التي تجمع بين بيانات الرادار والجاذبية، توفر أفضل الأدلة، والتقديرات حول حجم هذه الأنفاق.

وهذه النتيجة قد تقطع شوطًا طويلًا، عندما اجتمع نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس (Mike Pence) مع مجلس الفضاء الوطني الذي أُعيد إنشاؤه مؤخرًا في 5 أكتوبر، إذ أكد مجددًا أن إدارة ترامب ستركز على إرسال رواد فضاءٍ إلى القمر بدلًا من المريخ.

وقال بينس في اجتماع المجلس، وفقًا لما ذكره بيان صادر عن البيت الأبيض: “إن القمر سيكون حجر الزاوية، وهو ميدان تدريبٍ، ومكان لتعزيز شراكاتنا التجارية والدولية، إذ نعيد تركيز برنامج الفضاء الأمريكي على استكشاف الفضاء البشري”.

لقد نُشرت الدراسة على الإنترنت في 17 أكتوبر، في مجلة رسائل البحوث الجيوفيزيائية (journal Geophysical Research Letters)


  • ترجمة: أحمد صفاء.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير:عيسى هزيم.
  • المصدر