رقة وجاذبيّة تلك الروبوتات قد تجعلنا نتنازل عن بعض من الحسّ الأمني لدينا تجاه تلك الروبوتات أو نتناسى أهميّة الشعور بالخصوصيّة والأمان.

شيري لاسي (على اليسار) و كاثرين كودويل تتفاعلان مع فاربي

أخيرًا وبعد كثير من التأجيلات والتأخيرات، يُتوَقع أن تظهر تلك الروبوتات الاجتماعية في الأسواق لأول مرة نهاية العام الجاري.

لا توجد لهذه الروبوتات تفاعلات اجتماعية مُنظمة أُعدت مُسبقًا، فهي ليست بتلك الروبوتات التقليديّة، بل أنها صُممت لتجعلك تشعر بالرفقة الجيدة، فهي تتعرف على الوجوه خاصة وجوه أفراد العائلة والأشخاص القريبين منها، وتُحسن أيضًا الإهتمام بك، يُمكنك أن تسمع منها بعض النكات المُضحكة، وتستمر في التعلم من كل تفاعل اجتماعي يحدث حولها، بل أنهم يشتركون في صفة أساسيّة بينهم، فتم إعدادهم ليكونوا لُطفاء بشكل غير عادي ولديهم القدر الكافي من الجاذبية.

في هذا المقال نستكشف كيف يُمكن لجاذبية تلك الروبوتات أن تؤثر على علاقتنا معهم، بالإضافة إلى المخاطر التي تُصاحب وصولهم غير المسبوق لمعلوماتنا الشخصية.

قوة تأثير الجاذبية

الروبوتات المنزليّة الاجتماعية صُممت لتقوم بالمهام المنزلية وأيضًا المشاركة في العلاقات الاجتماعية في المنزل، فتم إعدادها لتكون مرتبطة دومًا إلكترونيًا بشبكة الإنترنت وأجهزة المنازل الذكيّة، كما أنها تَستخدم الكاميرات والأصوات لتدعم تفاعلاتها الاجتماعية العاطفية.

يدرس الباحثون كيف يُمكن لتصميماتها الجذابة أن تقلل من المخاطر المُحتملة المُرتبطة بتلك الرفقة.

المنشور الأخير لعالم وسائل الإعلام الرقمية لوك ستارك (Luke Stark) بجامعة نيويورك يتحدث فيه حول أن علاقتنا بالروبوتات المنزلية أمرًا نسبيًا يتوقف على مدى شعورنا نحوهم، فكلما شعرنا بالعطف والحنان تجاههم، كلما تجاهلنا الكثير من حدود الخصوصية التي وضعناها مُسبقًا.

الحالة التي تكون مشاعرنا عليها هي التي تُشكل تصرفاتنا الفطرية التي نعتبرها مناسبة لرغبتنا في الشعور بالخصوصية.

حتى الآن وجداننا وشعورنا تجاه واجهات الأجهزة الإلكترونية هي بالضبط ما يدفعنا لنكون أقل وعيًا واهتمامًا بأكثر العناصر الحرجة في سرية المعلومات، كمحتويات أجهزتنا، أو مسارات البيانات العادية أو الوصفية المحفوظة بها.

بحث عن الجاذبية

نحن بصدد التحدث عن أحد أهم مجالات البحث الناشئة حديثًا والتي تُدعى (دراسات الجاذبية – Cute Studies)، لكي نتناقش بشأن إذا كانت جاذبية تلك الروبوتات أُعدت لكي تستفز مشاعرنا الداروينية على حد قول شيري تاركل (Sherry Turkle)، فالروبوتات الجذابة تظهر وكأنها ضعيفة قد تُجرح مشاعرها وفي حاجة دائمة للحماية.

نحن نؤمن أن تلك الخصائص الجديدة للروبوتات لن تُشجع المُستهلك فقط لتبني إحداها كفرد جديد من أفراد العائلة، ولكن يبدو أنها ستُنشيء سُلطة واضحة ديناميكية بين الروبوت والبشري المُستخدم له، سيكون الروبوت الطرف الأقل سُلطة، درس الباحثون العديد من الروبوتات بما فيهم (جيبو) و(كوري) لاكتشاف التشابه بينهم وهو أنهم جميعًا يتعمدون الظهور بدور الضعيف الرقيق المغلوب على أمره بشكل ما، بعض منهم ليس لديه أطراف والبعض الآخر لا يمتلك القدرة على الكلام والآخرون لا يستطيعون الحركة، ليس من بينهم من يستطيع فعل كل شيء بالمنزل، حتى ولو كان ممكنًا ذلك من الناحية التقنية الهندسية.

(فاربي) هو أحدث نُسخ الروبوتات الاجتماعية الجذابة

الوجه العاطفي للبيانات الشخصية

تحتاج تلك الروبوتات للعديد من الإدخالات من قِبَل مُستخدميها حتى تستطيع أن تُقدم المُساعدة المطلوبة على أكمل وجه، جاذبيتهم المُفرطة تظهر بشكل جليّ من خلال لمبات مُصممة لديهم لتقوم بدورها في إظهار قلة الحيلة والضعف، هناك الكثير من الأسباب الواضحة التي تجعل المُعادين للروبوتات في رغبة دائمة لجعل مخلوقاتهم الصغيرة تظهر بشكل ما أضعف من البشر، وأخيرًا إذا كنا قد تعلمنا شيئًا من ثقافاتنا الشعبيّة فهو أن نكون متوخين الحذر الكافي حينما نفتح أبواب منازلنا للروبوتات.

يتزايد الاهتمام بتلك الروبوتات المنزلية الجديدة يومًا بعد يوم، ونتيجة للقدرة غير المسبوقة لتلك الروبوتات على الولوج للمعلومات الشخصية فإنها ستكون أهدافًا سهلة واضحة لقراصنة المعلومات، كما أنَّ مُعظم بنود التعاقد والعديد من المعلومات التي يوقع عليها العميل غير متاحة عند شرائه لإحدى تلك الروبوتات.

زاد الحديث أيضًا عن الجزء الأخلاقي، ماهيّة تعريف الروبوت المنزلي الجديد وسط عائلته الجديدة، هل سيكون بمثابة حيوان أليف أم طفل أم صديق أم محب أم خادم أم عبد أم سيصبحون تطورًا جديدًا لفصيلة لا نعرفها.

السعي وراء الجاذبية (على الأقل في السلع الأخرى في الأسواق) عُمره قصير أي لحظي فقط، فالسلع ذات المظهر الجذاب معروفة بقدرتها على لفت نظر المُستهلك لحظيًا، وبعض الدراسات ربطت بين جاذبية المظهر والرغبة للشراء.

جوناثان شابمان (Jonathan Chapman) وصف الجاذبية على أنها نوعًا من المُغازلة للمستهلك، وشبه الشيء الجذاب بالفيلم ذو الافتتاحية المشوِّقة، الذي تكتشف فيما بعد أن أحداثه مكررة ومملة، قد يؤدي بنا هذا إلى ظهور بعض المشاكل على المدى الطويل في العلاقة الاجتماعية بين الإنسان والربوت، هذا يعتمد على قدر المشاعر والمواقف التي تم مشاركتها بين الروبوت المنزلي والأسرة التي يعيش وسط أفرادها على المدى الطويل.

نحن نعلم من خلال دراسات (شابمان) في تلك النقطة الخاصة بالتصاميم العاطفية المستقرة أنك إذا أردت صناعة اتصال عاطفي طويل المدى بين شيءٍ ما والمستهلكين، فعلى تلك الأشياء أن تكون بكل بساطة ذات مظهر جذاب عاطفي، تحتاج تلك الأشياء لتصنع القليل من المكائد والخدع ولكي تستطيع ذلك فسوف تتظاهر بشيء من الصفات الغيرية، لكن هذا يتطلب من الروبوتات أن تتعدى الحدود التي وضعت عن طريق جاذبيتها وجمالها، ولكن لذلك الأمر القدرة على هدم القيود التي وضعت للحفاظ على التسلسل الهرمي بين الروبوت والمُستخدم.

تعقيد آخر يلوح بالأفق حول العلاقة بين التكنولوجيا ودوام تلك الروبوتات المنزلية، حيث أن عقول تلك الروبوتات مربوطة بشبكات الإنترنت فإنها ستكون بمثابة الأشياء المُخلدة بالنسبة إلى المواد التي صُنعت منها أجسام تلك الروبوتات، ستنشأ فجوة زمنية بين المعلومات «المُخلدة» التي جمعها الروبوت حول كل فرد من أفراد العائلة وتكنولوجيا المواد «الزائلة» التي صُنعت منها تلك الروبوتات.

سرعة تأثر الروبوتات المنزلية بتقادم الأجزاء الإلكترونية خاصتها وأمنيات الوصول إلى صداقة حميمية حقيقية كلا الأمرين يمثلان وعودًا بتكنولوجيا اجتماعية جديدة.


ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق: صهيب الأغبري
تحرير: سهى يازجي
المصدر