يوفر شيطان ماكسويل هذا طريقةً أفضل للتفكير في سهم الزمن، إذ يشير إلى الاتجاه الذي تُفقد فيه المعلومات ولا يمكن استرجاعها أبدًا.

إن العملية تصبح غير قابلةٍ للانعكاس عندما تُفقَد المعلومات حول التغيير، إذ لا يمكنك تتبع خطواتك، وإذا كان بإمكانك أن تتبع حركة كل جسيمٍ منفردًا، فيمكنك أن تعكس العملية ثم تعود بالجسيم بالضبط إلى حيث بدأت بشكلٍ نظري، ولكن بمجرد أن تفقد بعض هذه المعلومات، تصبح هذه العودة غير ممكنةٍ.

يقول إليس: “إن فقدان المعلومات جانبٌ أساسيٌ، ويصبح بمثابة القانون الثاني للديناميكا الحرارية على المستوى المايكرو سكوبي”، ولا يزال من غير الواضح ماذا يحدث عندما يتم فقدان المعلومات في العالم الكمّي.

يعتقد بعض الباحثين أن فك الارتباط وحده كافٍ، لكن آخرين يقولون إن المعلومات -على الرغم من تلطيخها وتفرقها في البيئة-  لا تزال قابلةً للاسترداد من حيث المبدأ.

وهم يعتقدون أن عمليةً إضافيةً، غامضةً نوعًا ما تسمى: (انهيار دالة الموجة)، فيها يفقد التموج الكمّي بشكلٍ لا رجعة فيه، عندئذٍ فقط – كما يقولون- هل يشير سهم الزمن بشكلٍ لا لبس فيه إلى اتجاهٍ واحد؟.

في كلتا الحالتين، في فيزياء الكم نستطيع أن نقول: إن الحدث قد وقع فقط إذا فقدنا خيار جعله غير واقع، أي: (لم يحدث – unhappen).ويبدو أن سهم الزمن يعكس عملية الكون التي (تلزم ذاتها) بشيءٍ ما، بدلًا من السماح لكثيرٍ من النتائج المختلفة، وهذا هو تبلور الحاضر الكلاسيكي من الماضي الكمي.

ويشرح إليس تلك التي تنتج اتجاه الزمن المناسب، وهذه الفكرة تتناسب بدقةٍ مع واحدةٍ من التجار بالفكر الأكثر شهرةٍ في الفيزياء.

يقول القانون الثاني للديناميكا الحرارية إن الأمور تميل إلى أن تصبح أكثر عشوائية، ولكن فقط لأن العشوائية هي الاحتمال الأكثر شيوعًا، ففي أواخر القرن التاسع عشر، جاء الفيزيائي الاسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل مع ما أصبح وسيلةً للتغلب على هذا.

لقد تخيل ماكسويل وجود قزمٍ ذكيٍ صغيرٍ يمكن أن يرصد الحركة العشوائية للجزيئات، وهذا (الشيطان) يمكن أن يفصل خليط اثنين من الغازات، عن طريق فتح وإغلاق الباب في اللحظات المناسبة فقط.

إن شيطان ماكسويل يبدو كما لو كان ينتهك القانون الثاني للديناميكا الحرارية، وفي الواقع هذا غير يمكن، والسبب هو أن الشيطان يجب أن تتراكم المعلومات في دماغه كلما لاحظ الحركات الجزيئية؛ وللحفاظ على هذا الأمر، يجب أن حذف المعلومات القديمة، وهذا يزيد من الإنتروبيا.

إن فعل المحو هذا، يعد من النسيان، الذي يضمن السهم الزمني للديناميكا الحرارية، ومرة أخرى، الشيء الرئيسي، هو: فقدان المعلومات.

ومع ذلك، إن الصورة الكمّية للسهم الزمني تؤدي إلى شيءٍ غريبٍ للغاية، ففي بعض التجارب، يبدوكما لو أن التأثيرات يمكن أن تعمل إلى الوراء في الوقت المناسب، والمستقبل يمكن أن يؤثر على الماضي، كتجربة الشق المزدوج، حيث يتم إطلاق جسيم الكم مثل فوتون الضوء على اثنين من الشقوق الضيقة في حائل.

لنفترض أننا لا نقيس الطريق التي ذهب من خلالها الجسيم، وقتها لا يمكن أن نقول أي شقٍ ذهب من خلاله، وفي هذه الحالة، سنرى نمط التدخل – سلسلة من الضوء والظلام – عندما تظهر الجسيمات على الجانب البعيد، وهذا يعكس الطابع الموجي للجزيئات الكمّية؛ لأن التداخل هو خاصية الموجة.

ويظل التداخل قائمًا كلما مرت الجسيمات عبر الشقوق في كل مرة، وهذا (المنطقي) هو الحدس إذا كنا نتصور أن كل جسيم يمر لا بد أن يشبه الموجة، من خلال الشقوق في وقتٍ واحدٍ.

والآن، لنفترض أننا وضعنا كشافًا (detector) على طريق الشقوق؛ للكشف عن أي شق سيمر الجسيم، في هذه الحالة يختفي نمط التداخل، وتكون الجسيمات أكثر تشابهًا بجزيئات الرمال التي تطلق من خلال الثقوب، وقياس مسار الجسيمات سيدمر التموجية.

وهنا أمر غريب، إذ يمكننا إعداد التجربة حتى نتمكن فقط من الكشف عن أي شق مرت منه الجسيمات، ومع ذلك لا نرى أي تدخل، إذًا كيف يعرف الجسيم أنه سيتم الكشف عنه بعد المرور عبر الحائل.

إذ عندما يصل إلى الشقوق يعرف ما إذا كان سيذهب من خلال كلا الشقين أو شقٍ واحد فقط؟ وكيف يمكن أن يؤثر القياس اللاحق على السلوك السابق؟

يسمى هذا التأثير بـ: (السببية بأثر رجعي – retrocausality)، وهذا يعني أن السهم الزمني ليس دائمًا في اتجاهٍ واحدٍ كما يبدو، ولكن هل هذا حقيقي يا ترى؟


  • ترجمة: مصطفى العدوي.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • المصدر