إن تنظيف القولون أمرٌ ضروري أحيانًا – على سبيل المثال- قبل إجراء طبي معين مثل تنظير القولون، ولكن بعض الناس يفعلون ذلك لاعتقادهم بأن هذه العملية سوف تخلص القولون من السموم الزائدة التي تراكمت على مر الزمن من الأطعمة التي يأكلونها والهواء الذي يتنفسونه والمياه التي يشربونها وأنماط الحياة التي يعيشونها.

ويعتقد عشاق تطهير القولون أن التنظيف الدوري من الداخل إلى الخارج يزيل النفايات العالقة في جدران القولون.

ومن المفترض أن ينتج عن تراكم النفايات باعتقادهم سمومًا تدخل الدم ويمكن أن تسمم الناس ببطء، مما يساهم في مجموعة متنوعة من الأعراض – كالتعب وحساسية الجلد وزيادة الوزن – والمشاكل الصحية والتي تتراوح بين الاكتئاب والحساسية و التهاب المفاصل والسرطان.

يقدم أنصار تطهير القولون طريقتين لتنظيف القولون:

إحداهما تتمثل بأخذ المسهلات -التي تنظف الأمعاء- و المساحيق أو المكملات الغذائية.

كاستخدام الحقن الشرجية أو شرب الشاي العشبي والتي تسهل طرح نفايات القولون وتصريف السموم.

ولكن استخدام هذه الطريقة سيؤدي الى زيادة عدد مرات الذهاب إلى الحمام في حالة مشابهة للإسهال
.
الطريقة الثانية تسمى ري القولون أو العلاج المائي للقولون، حيث يقوم الشخص بتنظيف القولون عن طريق إدخال غالون من الماء إلى الجسم من خلال أنبوب يدخل من خلال فتحة الشرج.

تكون كلفة هذه الطريقة ما بين 80 إلى 100 دولار لكل جلسة.

ولكن هل تنظيف القولون يطرد السموم، كما يعتقد مؤيدوها، أم أنها فقط طريقة لكسب المال ؟

ويقول المختصون الطبيون أن الجسم يأتي مجهزًا تجهيزًا جيدًا بآليات مدمجة للقضاء على المواد الضارة وهذه الآليات في كل من الكبد والكلى.

في الواقع، إن تنظيف القولون الذي يتم القيام به للمساعدة في إزالة السموم هو ممارسة غير ضرورية والتي قد تكون خطرة، وخاصة العلاج المائي للقولون.

تقول الطبيبة جاكلين ولف (Jacqueline Wolf)، طبيبة الجهاز الهضمي في -Beth Israel Deaconess Medical Center- ، في بوسطن ومؤلفة كتاب (دليل المرأة إلى معدة صحية): «كل أسبوع يسألني أحدهم عما إذا كان تنظيف القولون آمنًا وما إذا كان الشخص يجب أن يفعل ذلك أم لا» (Harlequin، 2011).

وعادة ما تخبر مرضاها أن هنالك القليل من الأبحاث حول طرق تنظيف القولون، وأن معظم الأطباء لا يؤمنون بهذه العلاجات أو ينصحون باستخدامها.

وتضيف – Wolf- أن فضول الناس حول التنظيف ربما ينبع من فكرة أن الأمعاء مكان قذر، وأن التخلص من النفايات فكرة جيدة.

وقالت إنها عادةً لا توصي بالعلاج المائي للقولون، ولكنها اقترحت العلاج المائي للقولون لعدد قليل من الناس لاستخدامها كخطوة تحضيرية تسبق تنظير القولون عندما فشلت الطرق التقليدية للتنظير.

وأوصت بها أيضًا للمرضى الذين لديهم إمساك شديد، قبل أن تكون هناك أدوية قوية يمكن أن تساعد في علاج هذه المشكلة.

تقول – Wolf- : «نحن لا نعرف ما يكفي عن تطهير القولون لمعرفة الحقيقة الحقيقية، وتضيف: إنها منطقة يجب أن نعرف المزيد عنها».

أشارت الطبيبو وولف إلى بعض الآثار الجانبية المحتملة ومخاطر طرق تطهير القولون وهي:

• تطهير القولون يمكن أن يسبب أعراضًا جانبية.

تقول – Wolf- : «ليس لدينا بيانات حقيقية عن الآثار الجانبية الصحية أو غير الصحية لطرق التطهير». معظم الآثار الجانبية المعروفة تأتي من تقارير الحالات الموصوفة في النشرات الطبية وليس من الدراسات البحثية، والتي يوجد عدد قليل منها.

وتضيف : إن تطهير القولون باستخدام المسهلات والتركيبات العشبية أو الحقن الشرجية قد يزيد من خطر إصابة الشخص بالجفاف خصوصًا ما إذا كان الفرد لا يشرب ما يكفي من السوائل، ويمكن أن يسبب الإسهال أيضًا تغييرًا في مستوى الألكتروليتات –وهي المحاليل التي تحتوي على أيونات حرة والتي تشكل وسطًا ناقلًا للكهرباء- حيث قد يسبب ارتفاع مستويات الصوديوم الدوار، وانخفاض مستويات البوتاسيوم قد يسبب تشنجات الساق أو إيقاعات غير طبيعية في ضربات القلب.

كما وقد ترتبط بعض المنظفات العشبية بتسمم الكبد وفقر الدم اللاتنسجي -aplastic anemia- وهو اضطراب دم نادر.

تشير التقارير إلى ان العلاج المائي للقولون قد يسبب تشنجات في البطن و آلام في المعدة و إسهال مع الغثيان والقيء.

وقد تشمل المضاعفات الأكثر حدة تثقب الأمعاء والالتهابات الخطيرة والاختلالات في مستويات الإلكتروليتات ومشاكل الكلى وفشل القلب.

• هناك القليل من الأدلة العلمية على أن تنظيف القولون في الواقع يزيل السموم من الجسم أو يحسن الصحة.

وخلصت مراجعة نشرت في عام 2001 في مجلة – American Journal of Gastroenterology – إلى أنه لم تكن هناك دراسات دقيقة تدعم ممارسة تطهير القولون كوسيلة لتحسين أو تعزيز الصحة العامة.

تقول – Wolf- : «ولأن منتجات وأساليب التطهير نادرًا ما تسمي السموم التي من المفترض أن تزيلها من الجسم، لم يكن هناك بحث لقياس مدى فعالية ممارسات التطهير في القضاء على هذه المواد السامة، أو إظهار الفوائد الصحية لإزالتهم».

• التطهير ليس استراتيجية فعالة لفقدان الوزن.

الشخص الذي يقوم بالتطهير قد يفقد في البداية بضعة باوندات، ولكن هذه هي خسارة مؤقتة، ناجمة عن إزالة وزن الماء والبراز، وليس من فقدان دائم للدهون. وعلى الرغم من أنه قد يكون حافزًا لرؤية النتائج في مدة قصيرة، الا أن التطهير ليس حلًا طويل الامد لمشكلة الوزن.

• إن عملية تطهير القولون وري القولون وسائل غير آمنة للجميع.

وقالت – Wolf- أنها قلقة على الناس الذين يعانون من أمراض الكلى أو مشاكل في القلب والذين يحاولون تجربة تطهير القولون، لأن هؤلاء الأفراد لديهم بالفعل صعوبة في الحفاظ على توازن السوائل في أجسادهم، فالتغيير في مستوى الألكتروليتات يمكن أن يسبب مشكلة، وقالت إنها سوف تخبر أيضًا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل مرض كرون-Crohn’s disease- (التهاب يصيب الجهاز الهضمي) والتهاب القولون التقرحي (التهاب في الأمعاء الغليظة) والتهاب الرتج المتكرر (تتكون انتفاخات مجوفة تشبه الجيوب في جدار القولون) لتجنب ري القولون.

إن العلاج المائي للقولون هو أيضًا عامل خطر للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النسيج الضام، مثل متلازمة مارفان- Marfan syndrome- أو متلازمة إهلرز دانلوس- Ehlers-Danlos syndrome- بسبب احتمالية حدوث ثقب في الأمعاء، وكذلك كل من كان لديه جراحة قولون سابقة أو بواسير شديدة.

وينبغي للنساء الحوامل والمرضعات أيضًا ألا يفكّرن بتطهير القولون.

• تأثير التطهير على بكتيريا الأمعاء غير معروف.

إن تريليونات البكتيريا تعيش في القولون، والقضاء عليها أو تغيير نسبة البكتيريا المفيدة والضارة في هذا الجهاز يمكن أن يكون مشكلة.

تقول – Wolf-: «لن يقضي تطهير القولون أبدًا على جميع البكتيريا، ولكن البحوث تشير وعلى نحو متزايد أن الكثير من البكتيريا في القولون صحية جدا». بعض بكتيريا القولون الجيدة تلعب دورًا في إبقاء البكتيريا الضارة في الامعاء.

تقول أيضًا: «العلماء لا يعرفون ما إذا كان تطهير القولون والعلاج المائي للقولون يقضي على البكتيريا في القولون أو يسبب عدم توازن في التجمعات البكتيرية. وأضافت لم تتم دراسة هذه الأمور بعد».


  • تدقيق : أسمى شعبان
  • ترجمة : بشار الجميلي
  • تحرير : رغدة عاصي
  •  المصدر