انتشرت مجموعةٌ مُختلفةٌ من الشائعات، مُرتبطة بالتقويم الأخير لحضارة المايا، حول احتمالية نهاية العالم في 2012م، وأحد أشهر المُرجّحين لتِلك الشائعات، هو: (نيبيرو)، كوكبٌ افتراضيٌ يزعُم البعض بأنّه سيصطدم بالأرض بحلول نهاية العام، وبالرغم من ذيوع الإشاعة، لا يوجد دليلٌ علميٌ يدعم افتراضية وجود هذا الكوكب.

لقد تم ربط كوكب (نيبيرو) بوكالة ناسا بواسطة مجموعة من المُدوّنين، وتم أيضًا الإشارة إليه، أو الخلط بينه وبين (كوكب إكس – Planet X)، وهو كوكبٌ افتراضيٌ آخر، لا دليل على وجوده.

وبسبب الصِلة المزعومة بين كوكب (نيبيرو) ووكالة ناسا، قامت وكالة الفضاء، بإصدار بيان تصرِّح فيه بأنّه لا يوجد أيًا من كوكب (نيبيرو)، أو كوكب (إكس) قادمين لتدمير الأرض عام 2012م، وسنعرف فيما يلي، العلم الحقيقي، وتاريخ كلٍ من تِلك الكواكب الضالة المُفتَرَضة، بمرجعية جسمٍ حقيقيٍ، وهو مُذنَّب (إيلينين – Elenin)، الذي تم إدخاله بطريقةٍ ما في تلك الفوضى.

تصوُّر فنانٍ لكوكب (نيبيرو) الضال، أو كوكب (إكس X- ).

أصل إشاعة كوكب نيبيرو.

بدأت القصة عام 1976م، عندما كتب زيكاريا سيتشن (الكوكب الثاني عشر – The Twelfth planet)، وهو كتاب استخدم ترجمة سيتشن الخاصة للكتابات المسمارية – التي تُكتَب على الأحجار والطين وغيرها- السومرية؛ ليكشف عن كوكب، ذلك الكوكب هو (نيبيرو)، الذي يُكمل دورةً حول الشمس كُل 3,600 سنة، وبعدها بعدة سنين، أعلنت (نانسي ليدر)، الوسيطة الروحانية، أنّ الفضائيين التي زعمت وجود اتصال بينها وبينهم، قاموا بتحذيرها من احتمالية اصطدام هذا الكوكب مع الأرض عام 2003م، وبعد مرور سنة دون اصطدام، تم نقل التاريخ إلى 2012م، الذي كان مُرتبطًا بنهاية حقبة المايا طويلة الأمد.

عندما ظهر مُذنَّب إيلينين عام 2011م، كان الكثير قلقون بأنّ هذا هو الكوكب الغامض، ولكن في صورة مُتخفّية، وبرغم حقيقة أنّ الكواكب والمُذنَّبات تبدو مُختلفةً من خلال التليسكوب – للمُذنَّب غلافٌ غازيٌ وذيلٌ، بينما لا يمتلك الكوكب ذلك-.

وبدلًا من الاصطدام بالأرض، ضلَّ المُذنَّب الطريقَ، مُقتَرِبًا كثيرًا من الشمس، وتحطَّم إلى أجزاءٍ، واستمرّت الشظايا المُتبقية في طريقها إلى النظام الشمسي الخارجي لـ (12) ألف سنةٍ قادمةٍ، طالما أنها حُطام مُذنَّب، وليست كوكبًا مُتماسكًا.

دليل على وجود نيبيرو.

ذَكَر مؤيدو وجود الكوكب الخيالي، أنّه في عام 1984م، نُشِرت ورقة علمية في صحيفة (Astrophysical Journal Letters)، عَرَضت مصادر عديدةٍ بواسطة الأشعة تحت الحمراء دون نظائِر لها، وقامت بعملية مسحٍ للسماء، – تُعدّ عمليات المسح المُماثلة لهذه، شائعةٌ في علم الفلك-، وتتضمّن عادة مُتابعاتٍ تُعطي تفاصيل فرديةٍ حول المصادر المثيرة أكثر للاهتمام، وفي المُتابعة الخاصة بعملية المسح عام 1984م، ظهر أنّ مُعظم المصادر كانت مجرّاتٍ بعيدة، ولم يُصنَّف أيًا منها على أنّه كوكب، وكلا الورقتين مُتاحتين للعامة.

إن كوكبًا بمداريةٍ مُنحرِفةً جدًا كهذا، يستغرق 3,600 عامًا؛ ليُكمل دورةً واحدةً حول الشمس، وبإمكانه صُنع اختلالات داخل النظام الشمسي، الذي يبلُغ عمره 4.5 مليار سنةٍ، وبعد عِدّة جولات، ستكون جاذبيته قد مزّقت الكواكب الأُخرى بشكلٍ كبيرٍ، مع وجود ردة فعلٍ دافِعة من تِلك الكواكب التي ستكون قد غيّرت مدارها بشكلٍ ملحوظٍ.

إن أسهل وأكثر دليلٍ مُثبتٍ يُعارِض وجود الكوكب الافتراضي، يُمكن إثباته من قِبَل أي شخص، فوِفقًا للمعلومات المُتاحة، إنّ كوكبًا بمداريةٍ تبلُغ 3,600 على وشك الاصطدام بالأرض عام 2012م، يجب أن يكون مرئيًا للعين المُجرّدة، وأظهرت حساباتٌ سهلة التنفيذ، أنّه بحلول شهر أبريل / نيسان 2012م، سيكون الكوكب أكثر سطوعًا من أكثر النجوم خفوتًا يمكن مُشاهَدتها من مدينة ما، وسيكون أكثر سطوعًا من المريخ في أكثر حالة مُعتِمة له، ومن ثم، سيجعل ذلك الكوكب مرئيًا لعُلماء الفلك في كل مكان.

يُعدّ النقد الأكثر شيوعًا حول هذا، هو صيحة نظرية المؤامرة، فرغم ذلك، هُناك مئات الآلاف من عُلماء الفلك المُبتدئين حول العالم، كلٌ منهم بالتلسكوب الخاص به، وفوق هذا، إن أغلبية الآلاف من عُلماء الفلك المُحترفون على صلةٍ بالجامعات الخاصة، وليس بالحكومة فقط.

أشار (ديفيد موريسون)، كبير عُلماء معهد الأحياء الفلكية التابعة لوكالة ناسا، أنّ وكالة ناسا والحكومة تستَمِد مُعظم معلوماتها من عُلماء الفلك هؤلاء، وليس العكس.

وشيءٌ آخر، هو أنّه بين عُلماء الفلك المُبتدئين والمُحترِفين، يوجد الكثير من الأشخاص الذين كانوا ليُلاحِظوا أي نجمٍ جديدٍ في السماء.

لا داعي للخوف.

تبُث إشاعات نهاية العالم عبر الإنترنت، الخوفَ بصورة مُتكرِّرة، ومن المثير أن نقول، إنّه ليس شيئًا جديدًا.

إذ يُشهِر الناس خبرَ نهاية العالم لمئات السنين، ودون جدوى.

تنتشر الإشاعات عبر الإنترنت كالنيران الهائجة، وبالمِثل، يُمكن للتكنولوجيا أن تجعل البحث على الأدلّة العلمية، أسهل بكثير عمّا سبق، حول أحداثٍ كهذه.


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر