في الوقت الذي اعتاد فيه الفزيائيون على توجيه تفكيرهم نحو العالم المنظور فيما يخص نظرية الفوضى، كان للفوضى طريقها الخاص أيضًا على المقياس الكمّي، وبطرقٍ مختلفة، تعد الفوضى الكمّية معقدةً أكثر من تلك الموجودة على المقياس المنظور؛ ولهذا، فإن تكوين العلماء لمعادلةٍ واحدةٍ تتوقع كيفية تصرف الفوضى الكمّية، يعد أمرًا بالغ الأهمية.

تقوم هذه المعادلة وبشكلٍ فعال، بوصف الأنماط الموجودة ضمن الفوضى الكمّية على المقياس الذري، ويمكنها أن تسهم في فهمنا لكل شيء، ابتداءً من جراحة الدماغ، وانتهاءً بنظرية الأوتار، الأمر الذي أدى إلى مفاجأة حتى العلماء الذين قاموا بوضعها، وهو قدرتها على التنبؤ بكيفية تصرف الفوضى الكمّية بهذه الدقة، يقول (Vladimir Osipov)، أحد الباحثين من جامعة (Lund) في السويد: “نعم، نمتلك الآن معادلة دقيقة”، ويضيف: “شخصياً، أنا متفاجئ من أن هذا ممكن”.

وقد حلل الباحثون؛ لتطوير المعادلة، خصائصَ إحصائيةٍ لمستوياتٍ مختلفةٍ من الطاقة في حالة الفوضى الكمّية، ولكن ماذا يعني هذا؟

لفهم ذلك، علينا العودة خطوةً إلى الوراء، والنظر في نظرية الفوضى الاعتيادية، والمعروفة بشكلٍ خاصٍ من مثال: (تأثير الفراشة)، إذ يمكن للتغييرات الصغيرة جدًا، والمضافة على المدخلات، أن يكون لها تأثيرات كبيرة في النتائج، ومن ثم، فإنه يمكن للعالم، والطبيعة أن يكونان غير متوقعان على الإطلاق.

تتبع الفوضى الكمّية المبدأ نفسه، ولكنها تهدف لتفسير الغرابة الحاصلة داخل الذرة، عندما تتصرف البروتونات والنيوترونات على شكل موجات، بدلًا من جزيئات.

وهذا يمكن أيضًا أن ينطبق على تصرف الموجات على مقاييس أكبر، مثل: الحركة غير الاعتيادية للإلكترونات والنواة، بالإضافة لأشياء، مثل: الموجات الصوتية في غرفة مؤثثة، أو موجات الضوء في أداة بصرية، كما أنها تقدم مستوى آخر من التعقيد على رأس نظرية الفوضى التقليدية.

يقول (Osipov): “في نظام الفوضى الكمّية، تقوم مستويات الطاقة بدفع بعضها بعضًا، وتؤثر على بعضها البعض، حتى ولو كانت متباعدة”.

قام العلماء بوضع الكثير من التوقعات حول كيفية تصرف الفوضى الكمّية، وهذا يعد تحديًا؛ لأن الأنظمة الفوضوية، تعد شديدة الحساسية للأرقام الابتدائية، التي يتم إدخالها في الحسابات، مما تعاني الحواسيب أيضًا، لإيجاد أنماط حقيقية.

ولكنهم، قاموا باستخدام حقيقة أن الذرات في حالات الاستثارة، تعطي مستويات من الطاقة يمكن قياسها، وذلك للخروج بقانون موحد، يستطيع التنبؤ بسلوكها على المستوى الذري.

يقول العلماء إن هذه المعادلة الجديدة، تقدم طريقةً عالميةً خاليةً من أجهزة القياس للتنبؤ بكيفية تصرف النظام الفوضوي على المستوى الكمّي: “تعد المعادلة أعقد من إمكانيتنا مناقشتها بالتفصيل؛ لذلك، ولمزيد من المعلومات، يمكنك الطلاع على الورقة البحثية: من هنا

وللآن، لا يزال العمل نظريًا تمامًا، وسيكون هناك تطبيقات عملية للمعادلة، وسوف يتم تطبيقها عند الحاجة؛ لقياس وفهم حالات الفوضى، مثل: أسواق المال، والدماغ البشري، وحتى مفهوم نظرية الأوتار.

ربما لم نستطع أن نفك شيفرة الفوضى الكمّية بشكلٍ كاملٍ حتى الآن، ولكن المعادلة سوف تساعدنا على ضمان أبحاثٍ مستقبليةٍ حول أكثر الأسئلة تعقيدًا، يقول الباحثون: إن معادلتهم سوف تساعد على حساب حالات الفوضى الكمّية بشكلٍ أسهل.

وبناءً على تفسير(Dainiel Kleppner ) من (MIT)، الذي لم يشارك في البحث، تعد: “الذرة ذاتها، غير فوضوية، ولكنك إذا طبقت حولها حقلًا مغناطيسيًا أو كهربائيًا، ستصبح الحركة التقليدية فوضوية”، ويضيف: “المعادلة، عبارة عن ماهيّة التصرّف الكمّي لنظامٍ محددٍ، وهو سؤالٌ مثيرٌ”، والآن نحن لدينا أخيرًا معادلة، تمكننا من الإجابة عن هذا السؤال.

تم نشر البحث في: Physical Review Letters


  • إعداد: أسماء الدويري.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر