يصنف سرطان الرئة على أنه أكثر السرطانات إحداثًا للوفاة بالإضافة إلى أنه أكثر السرطانات شيوعًا في التشخيص على المستوى العالمي وقد كانت التقديرات بحسب عام 2012 تعادل 13% من جميع حالات السرطان الجديدة عامةً بعدد حالات يساوي 1.825 مليون حالة جديدة منها 1.242 مليون حالة لدى الذكور و584 ألف حالة لدى النساء.

ومن المعتقد على نحو شائع أنّ مجموعة الفيتامينات B ومنها B6 وB9 وB12 تقلل من احتمال خطر الإصابة بالسرطان بالإضافة إلى العديد من المنافع الأخرى ولكن استخدامها بشكل مفرط ولمدة طويلة من الزمن قد يحمل تأثيرات سلبية معاكسة.

خلال السنوات القريبة الماضية؛ قامت العديد من الدراسات على البحث عن علاقة مجموعة الفيتامينات B بسرطان الرئة ولكن لم تكن نتائج أيًّا منها حاسمة بشكل نهائي، وقد يكون ذلك ناجمًا بشكل جزئي عن سوء في التنظيم ذلك أنّ فترات أخذ المكملات في البحث كانت قصيرة وعدد قليل من حالات سرطان الرئة كانت موجودة ضمن التحليل.

مع ذلك وجدت تلك الدراسات ارتفاعًا يقدر بنسبة 21% من خطر الإصابة الكلي بالسرطان بالتزامن مع استخدام مكملات فيتامين B12 و B9وهذا الارتفاع كان بشكل رئيسي مرتبط بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الرئة.

لكن مؤخرًا اجتمع عدة باحثين من معاهد مختلفة لإيضاح تلك العلاقة في دراسة هي الأكثر تفصيلًا من نوعها لغاية الآن، وقد اختبر عملهم المشترك على وجه التحديد الصلة بين مكملات فيتامين B6 وB12 وسرطان الرئة على المدى الطويل وبجرعات عالية.

وبشكل إجمالي تضمنت الدراسة مراجعة بيانات 77118 شخص بدراسة متابعة وصفية بحيث كان جميع المشاركين مسجلين لولاية واشنطن بين عامي 2000 و2002 بأعمار تتراوح بين 50-76 وكل فرد منهم أعطى معلومات استخدامه لمكملات فيتامين B خلال العشر سنوات السابقة.

وفي هذا الشأن يقول البروفيسور ثيودور براسكي «Theodore Brasky» وهو المشرف الرئيسي على الدراسة: «على خلاف معظم الدراسات الأخرى (وتحديدًا في الوقت الحالي)، قمنا بجمع معلومات عن تواتر استخدام المكملات وعن مدة الاستخدام وعن الجرعة الأكثر استخدامًا خلال العشر سنوات السابقة لبداية الدراسة».

قبل التحليل نُظِّمَت الدراسة لتأخذ بالحسبان عوامل عديدة تتضمن: التدخين والعمر والعرق والتعليم وقياس الجسم والتاريخ الشخصي لسرطان الرئة أو أمراضها المزمنة واستهلاك الكحول والتاريخ العائلي لسرطان الرئة واستخدام الأدوية المضادة للالتهاب.

وفي النهاية أظهرت النتائج أنّ استخدام مكملات فيتامين  B6وB12 بجرعات عالية (أي فوق الجرعة المعيارية أو القياسية) على مدى عشر سنوات ترفع خطر الإصابة بسرطان الرئة لدى المدخنين الذكور ولم يوجد أي علاقة مع فيتامين  B9(الفولات أو حمض الفوليك) أو لدى الإناث.

فالمدخنين الذكور الذين يستخدمون 20mg من فيتامين B6 في اليوم على مدى عشر سنوات كانت احتمالية تطويرهم لسرطان رئة أكثر بثلاثة مرات، بينما المدخنين الذكور الذين يستخدمون 55 mg من فيتامين B12 في اليوم على مدى عشر سنوات كانت احتمالية تطويرهم لسرطان رئة أكثر بحوالي 4 مرات.

على الرغم من أنّ النتيجة مقلقة ولكن هذه الجرعات من غير المحتمل الحصول عليها إلا عن طريق استخدام مكملات بجرعات عالية وهذه الجرعات أكثر بعدة مرات من الكمية الغذائية المرجعية الموصى بها في الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول البروفسور براسكي أنه لم يكن متفاجئًا بالموجودات بسبب الدراسات السابقة وطبيعة العلاقة بين التغذية والمرض، ولكنه قلق بقدر حجم تلك الصلة خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار مدى شيوع هذه المكملات، كما أضاف شارحًا أنّ التبغ المحترق عامل مهم جدًا في تطوير سرطان الرئة لدى النساء والرجال وأنّ تلك المكملات ربما تسرع أو ترفع احتمالية تطوير السرطان بين الذكور المدخنين.

ولكن السبب الذي تؤثر فيه هذه الفيتامينات على خطر الإصابة بالسرطان يبقى غير معروف على وجه التأكيد، ويعتقد البعض أنّ لذلك علاقة بكيفية تفاعلها مع ما يدعى بسبيل الاستقلاب أحادي الكربون المهم في الحفاظ على سلامة الحمض النووي وتنظيم التعبير الجيني، بحيث يتضمن هذا السبيل تلك الفيتامينات ولكن الجرعات العالية قد تحمل تأثيرات سلبية مما يحفز التسرطن.

من المرجح أنّ هذه النتائج ستقود إلى دراسات أعمق تبحث عن علاقات مشابهة، وفي الحقيقة د.براسكي يعمل مسبقًا على تحليل آخر لتأكيد هذه النتائج على الرغم من استبعاد فئة من الأشخاص وهم الذكور المدخنين المتقدمين في العمر، وبسبب توافر هذه المكملات الواسع وقلة تنظيمها فالأمر يتطلب المزيد من الفحص والتدقيق.


  • ترجمة: دانيا الدخيل
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر