لن تقرأ عن روبوت أصغر من هذا في الوقت القريب، فهو يتألف من طاقٍ وحيد من الحمض النووي (DNA) فقط، ويتحرك بخطوات صغيرة بطول ستة نانومترات؛ أي ما يقارب مئة مليون جزء من حجم خطوة الإنسان، ويستطيع الروبوت التقاط حمولة مجهرية وإيصالها، فيأمل مخترعوه أن يُستخدَم يومًا ما لنقل الأدوية للخلايا المريضة الفردية، أو المساعدة في جمع المركبات الكيميائية صعبة الصنع.

مثلما أَرسِلت الروبوتات لأماكن أبعد من أن يزورها البشر -كالكواكب الأخرى- فإن البراعة في الروبوتيات الجزيئية قد تمكننا من إرسالها إلى أماكن ربما تكون أصغر بكثير من أن يصل إليها البشر، مثل مجرى الدم مثلًا، وهو ما تقوله لولو تشيين (Lulu Qian) من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا.

 

لكن بالرغم من وجود الكثير من الروبوتات الصغيرة واستخدام بعضها في مجرى الدم أيضًا، توجّب أن تكون أكبر حجمًا من طاق الحمض النووي (DNA) بكثير حتى تكون مفيدة، فتقول تشيين: «تعتبر هذه إحدى أولى الخطوات نحو تطوير روبوتات (DNA) عامة الأهداف».

يتألف الروبوت من ساق بقدمَين ملتصقتين بذراعين لحمل الحمولة، ولاختباره، اخترعت تشيين سطحًا مستويًا بقياس 58×58 نانومتر بعتبات وثب صغيرة من الحمض النووي (DNA) ليقفز بينها، وبينما تهبط إحدى القدمين، ترتفع الأخرى، ما يجعله يتحرك بشكل عشوائي من عتبة إلى أخرى، إلى أن يصل لتماس أخيرًا مع الحمولة المطلوبة، فيقوم بحملها ويستمر بالقفز حتى يجد نقطة تفريغ الحمولة.

 

وتتم برمجة الأشياء الملتَقَطة ونقطة تفريغ الحمولة مسبقًا بوساطة التركيب الكيميائي للروبوت، ما يجعله يرتبط بمواد معينة، فبالرغم من عشوائية الطريق الذي يسلكه، تكون الوجهة الأخيرة متوقعةً. وفي التجارب، استطاع الروبوت التقاط ستة أصبغة متألقة -ثلاثة صفراء وثلاثة أخرى زهرية- ونقلها لإحدى وجهتين اثنتين بنجاح.

تعزيز السرعة

قد يبدو كل هذا القفز سريعًا، لكن خطوة وحيدة بين العتبات تتطلب خمس دقائق مطولة، ما يعني أن تغطية كامل السطح يتطلب يومًا بطوله، وتقول تشيين وزملاؤها أن بإمكانهم زيادة السرعة بإضافة إنزيم لتقديم دفع زائد، أو إعطاء الروبوت محرّكًا كيميائيًا، أو يمكن إضافة المزيد من الروبوتات، إذ تنطبق مقولة (الأيدي الكثيرة تجعل العمل أسرع) على المقياس النانوي أيضًا.

 

ويقول روبرت كروس (Robert Cross) من جامعة وارويك في المملكة المتحدة: «يعدّ هذا المثال المطلق على الروبوتيات الصغيرة، ومع ذلك ما زال قابلًا للبرمجة والتوقّع»، وسيكون ذلك مهمًا للطب فائق الدقة؛ فلحظة وصول الروبوتات الجزيئية لمجرى الدم، يمكن استخدام إشارات أو واصمات معينة لجعلها توصل دواءً ما إلى الخلايا التي تبدي علامات المرض فقط، ما يؤدي لعلاجات أكثر فعالية.

ويعتقد كروس أن البحث قد يكون مفيدًا أيضًا في بناء أشياء بالمقياس النانومتري -مثل المركبات الكيميائية- ويقول: «سيتيح ذلك المجال لإجراء تجمع مركّز».

 


  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: ياسمين عمر
  • المصدر