للمرة الأولى، قام العُلماء بتخزين (معلومات قائمة على الضوء – Light-based information) في صورة موجات صوتية، على شريحة كمبيوتر – وهو شيء يُشبِّهه العُلماء بعملية التقاط البرق كأنّه رعد.

ربما يبدو ذلك غريبًا قليلًا، إلا أنّ ذلك التحويل يُعدّ مصيريًا إن أردنا الانتقال من أجهزتنا الإلكترونية غير الكفؤة إلى حواسيب قائمة على الضوء، تستخدم الضوء في نقل البيانات.

لدى الحواسيب القائمة على الضوء أو الحواسيب الضوئية، القُدرة على العمل أسرع 20 مرة من حاسوبك المحمول (اللابتوب)، بدون ذِكر حقيقة أنّها لن تُنتِج حرارة أو تستهلِك طاقة مثل الأجهزة الموجودة حاليًا. ذلك بسبب أنّها، نظريًا، ستقوم بمُعالجة البيانات في صورة فوتونات وليس إلكترونات.

 

ونقول نظريًا لأنّه بالرغم من سعي شركات مثل IBM وIntel للحواسيب الضوئية، إلا أنّ عملية النقل أسهل على حد القول لا الفِعل.

عملية ترميز المعلومات إلى فوتونات سهلة بدرجة كافية، نحن نفعل ذلك بالفعل عندما نُرسِل معلومات بواسطة الألياف البصرية. لكن إيجاد طريقة لجعل شريحة الكمبيوتر تُعالج وتستَرجع المعلومات المُخزّنة في الفوتونات، أمر شاق على الشيء الذي يجعل من الضوء شيئًا مُلفِتًأ: إنها سريعة للغاية على الرقائق الحالية لتقرأها.

ذلك هو السبب في تحويل المعلومات الضوئية، التي تسري خلال كابلات الإنترنت حاليًا، إلى إلكترونات بطيئة. لكن هُناك بديل أفضل يُمكنه إبطاء الضوء وتحويله إلى صوت.
هذا بالضبط ما فعله الباحثون بجامِعة سيدني في أستراليا الآن.

 

يقول بيرجيت استيلر، المُشرِف على المشروع:« تُسافِر المعلومات الموجودة على شريحتنا الصوتية بسرعة أبطأ بمقدار 105 منها في النطاق الضوئي. ما يُشبِه الفرق بين البرق والرعد.»

هذا يعني أنّه يُمكن للحواسيب أن تستفيد من البيانات المُنتَقِلة بواسطة الضوء – سرعات عالية، عدم تولُّد حرارة من المقاومة الإلكترونية، وعدم وجود تشوّش من الإشعاع الإلكتروني – لكنّها أيضًا ستكون قادرة على إبطاء تلك البيانات بدرجة كافية لتقوم شرائح الكمبيوتر بعمل شيء مُفيد بها.

يقول مورتِز ميركلين، أحد باحثي الفريق:«لتُصبِح الحواسيب الضوئية شيء حقيقي في المعاملات التُجارية، يجب أن يتم إبطاء البيانات الضوئية حتى تتم مُعالجتها، نقلها، تخزينها، والوصول إليها.»

وأضاف بنجامين إجليتون، عضو في الفريق:« إنها خطوة مُهمّة للأمام في مجال مُعالجة المعلومات البصرية حيثُ يُلبّي ذلك المفهوم كل مُتطلِّبات أنظمة الاتصال البصرية للجيل الحالي والمُستقبلي.»

قام الفريق بعمل ذلك من خلال تطوير نظام ذاكرة ينتقل بدقّة بين الضوء وموجات الصوت على شريحة ضوئية – هذه الشريحة هي التي ستُستخدم في الحواسيب الضوئية.

في البداية، تدخل المعلومات الضوئية إلى الشريحة على صورة نبضة ضوئية (باللون الأصفر)، حيثما تتفاعل مع نبضة (كتابة – Write) (باللون الأزرق)، مُولِّدة موجة صوتية تُخزِّن البيانات.

 

بعدها تأتي نبضة ضوء أُخرى تُسمّى (قراءة – Read) (باللون الأزرق) وتصِل لتلك البيانات الصوتية ثُم تنتقل في صورة ضوء (أصفر) مرة أُخرى.

عندما يَعبُر الضوء المار في الشريحة خلال 2 – 3 نانو ثانية، بعدما تم تخزينه في صورة موجة صوتية، بالإمكان أن تظَل المعلومات على الشريحة لمُدة 10 نانو ثانية، وهي مُدّة طويلة كفاية بالنسبة للمعلومات ليتم استرجاعها ومُعالجتها.

حقيقة أنّ الفريق كان قادرًا على تحويل الضوء إلى موجات صوتية لم تقُم بإبطاء البيانات فقط، بل أيضًا جعلت استرجاعها أكثر دقّة. وعمل النظام أيضًا عبر تقنية (النطاق العريض – Broad Bandwidth)، على عكس المُحاولات السابقة.

يقول ميركلين:«صُنْع عازل صوتي داخل الشريحة، يُعزِّز من قدرتنا على التحكم في المعلومات بعِدّة قيَم أًسّية.»

 

وأضاف ستيلر: «نظامنا ليس محدودًا بنطاق عريض وضيّق. فعلى عكس الأنظمة السابقة، سمح لنا هذا النظام بتخزين واسترجاع المعلومات بأطوال موجية مُتعدِّدة وفي الوقت ذاته، و زيادة كفاءة الجهاز بشكل هائل».


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: ياسمين عمر
  • المصدر