كلما ارتفعت أسعار المواد البترولية، كلما اتجه رُوَّاد صناعة السيارات إلى الاهتمام أكثر بتصميم سياراتهم لتُصبح أقل استهلاكًا للوقود وأعلى كفاءة.

الميزات التي توفر تصميم جيد للديناميكا الهوائية (ايروديناميكس)

تتشارك السيارات الحديثة جميعها في طرق التصميم الشائعة لأنَ مُعظم المُصنعين على اختلافهم توصُّلوا إلى نفس النتائج من أبحاث مختلفة. لاخلاف الآن أنَّ بعض الأشكال المحددة والخصائص الشكلية تُعطي أفضل تصميم ايروديناميكي لذلك فنجد أن مُعظم السيارات الحديثة تبدو متشابهة إلى حد كبير.

أحد طرق التصميم والتي تلعب دورًا هامًا في توفير استهلاك الوقود هي (الكفاءة الايروديناميكية – Aerodynamics efficiency).

بمعنى آخر هي ضمان أن مقاومة الهواء الذي يواجه السيارة أثناء حركتها أقل مايمكن.

كلما زادت الكفاءة الايروديناميكية للسيارة كلما قلَّ استهلاك الوقود اللازم لحركة السيارة بأي سرعة كانت. تزداد أهمية سرعة السيارة لضمان بقاء مقاومة الهواء وكبحه للسيارة في أقل قيمة لها.

مُعامل الكبح

تُقاس الكفاءة الايروديناميكيه لشكل السيارة عن طريق مُعامل الكبح الخاص بها (في العادة يُعرف بـ Cd). مثال لذلك معامل الكبح لطبق مُسطح في وضعية مُثلى أمام تدفق الهواء هو 1.25، في حين أنَّ معامل الكبح لأعلى السيارات كفاءة تم انتاجها حتى الآن هو 0.28.

ومع ذلك فلا يُمكننا الاعتماد على مُعامل الكبح فقط في حساب الكبح الايروديناميكي لأنه لايأخذ في الحسبان المساحة الأمامية للسيارة. المساحة الأمامية للسيارة هي مساحة المقطع العرضي للسيارة أو هي مجموع المساحة التي تشغلها السيارة حينما ننظر إليها من الأمام.

النموذج المُصغر للسيارة والسيارة بحجمها الحقيقي كلاهما يمتلكان نفس مُعامل الكبح، لكن النسخة الأكبر تحتاج لطاقة أعلى لتُدفع إلى الأمام بسرعة عالية ذلك لأنَّ مساحتها الأمامية أكبر.

سيارات زلقة مع الهواء أكثر وأكثر

مع كل التشديد على الالتزام بالتصاميم الايروديناميكية، يحاول دومًا مُصنعي السيارات جعل كل سيارة يتم تصنيعها أكثر انزلاقًا مع الهواء (الايروديناميكية) من سابقتها.

سيارة الجاغوار XJ6 مثال على ذلك، مُعامل الكبح للنسخة الجديدة من هذه السيارة هو 0.38 أما للنسخة القديمة فهو 0.44. ومع ذلك فالنسخة الجديدة لديها مساحة أمامية أكبر من القديمة، 22.17 قدمًا مربعة مقابل 21.3 قدمًا مربعة للقديمة.

ومن ثمَّ فإن الجاغوار الحديثة لديها (CdA) (معامل الكبح مضروبًا في المساحة الأمامية)= (0.38 x 22.17)=8.42 مقارنة بـ 9.37 للنسخة القديمة. هذا يعني أن النسخة الجديدة تحتاج طاقة أقل للوصول إلى سرعة مُعينة، وبنفس القدر من الطاقة ستصل إلى السرعة القُصوى لها. لهذا السبب فإن العامل الأهم هنا هو (CdA) والذي يُعطينا مجموع قوى الكبح التي تؤثر على جسم السيارة.

لذا إذا كنت تريد المقارنة بين سيارتين فعليك معرفة مُعامل (CdA) وليس (Cd) لكل واحدة.

الأنفاق الهوائية

يستخدم مُصنعي السيارات الأنفاق الهوائية لملاحظة كيفية تعامل النماذج المُصغرة لسياراتهم مع تدفق الهواء داخل تلك الأنفاق. يتم تثبيت نموذج السيارة داخل النفق الهوائي، ثم يتم الدفع بالهواء الجاري في مواجهة النموذج المصغر للسيارة لتتم محاكاة الظروف التي ستواجهها السيارة أثناء حركتها بسرعة للأمام.

يتصل نموذج السيارة ببعض المعدات التي تُسجل قوى الرفع والخفض عند مقدمة ومؤخرة السيارة. يُمكن جعل الهواء المار خلال نموذج اليارة مرئيًا عن طريق لصق بعض خُصلات الصوف على جسم السيارة، أو عن طريق مزج الهواء المُستخدم ببعض الأدخنة الملونة. في كلا الحالتين يُمكن تحديد مسار الهواء عن طريق رؤية تأثيره على خصلات الصوف أو الدخان الملون المستخدم.

الدخان الملون يوضح لنا سلوك الهواء أمام وخلف السيارة. أما خصلات الصوف فتنتظم في خطوط طولية في نفس اتجاه سريان الهواء على جسم السيارة ولكنها لن تتمكن من عرض سلوك الهواء أمام أو خلف السيارة.

يُمكن تحريك السيارة أو نموذجها المُصغر لأكثر من زاوية مختلفة داخل النفق الهوائي ليستطيع المهندسون دراسة سلوك جسم السيارة في حالة الرياح الجانبية.

اتزان السيارة

مركز الضغط هو تلك النقطة التي تقع على جسم السيارة الخارجي وتؤثر فيها الرياح. وضع مركز الضغط للسيارة بالنسبة لمركز ثقلها (النقطة التي تقع داخل جسم السيارة وتؤثر بها الجاذبية) حرجٌ في تحديد مدى اتزان السيارة واستقرارها.

مثال لذلك: إذا كان مركز الضغط يقع أمام مركز ثقل السيارة فإن الرياح الجانبية بالطبع ستتسبب في دوران السيارة لجهة اليمين.

السيارة تُصبح أكثر اتزانًا حينما يقع مركز الضغط للسيارة إلى الأمام قليلًا من مركز ثقلها، كما في حالة السيارات ذات الدفع الأمامي حيث يكون معظم وزن السيارة في الأمام.

الارتفاع النسبي لهاتين النقطتين مهم أيضًا. في حالة أن كلا المركزين مرتفعين أعلى السيارة، فإن الرياح الجانبية قد تجعل السيارة تميل بشدة على إحدى جانبيها وفي الحالات القصوى قد تنقلب على إحدى جانبيها.

يتغير مركز الضغط للسيارة بتغير سرعتها وفي بعض الأحيان قد يصبح أمام السيارة نفسها.

حل تلك المشكلة يكمن في التأكد من أن مركز ثقل السيارة للأمام بشكل جيد. يُعتبر هذا أحد أسباب تفضيل معظم شركات تصنيع السيارات للتصميم ذو الدفع الأمامي الذي يجعل معظم ثقل السيارة في الأمام.

الكبح والسرعة

أصبحت السيارات أكثر سرعة على مر السنوات الماضية، فأصبحت الكفاءة الايروديناميكية عاملًا مهمًا لأن الطاقة التي تحتاجها السيارة لتُدفع إلى الأمام بسرعة عالية تتناسب مع مكعب تلك السرعة. فكلما أردت التحرك بسرعة كلما كان احتياجك للطاقة أكبر.

مثال لذلك سيارة (Ford Sierra) ذات محرك سعته لتران يُنتج قوة مقدارها (100bhp)( Brake Horsepower – هي قدرة المحرك كاملة دون حساب أي فقد في صندوق التروس أو مضخة الماء أو أي ملحقاته) يمكنها الوصول إلى سرعة (115mph). يمكنك حساب الآن سرعة سيارة لديها ضعف قدرة هذا المحرك مع إهمال مقاومة الهواء.

الجذر التكعيبي لـ ((2=(1.26)، سرعة السيارة الجديدة = 1.26 * 115= (145mph) تساوي تقريبًا السرعة القصوى الفعلية للسيارة (Ford Sierra Cosworth) ذات قدرة 200bhp.

تقليل الكبح

القرص الدواريسمح للسيارة بأن تواجه تدفق الهواء بأكثر من زاوية

بمجرد إعداد السيارة داخل النفق الهوائي، يمكن حساب كبحها للهواء عن طريق قياس مجموع القوى التي تؤثر بها السيارة على نقاط تثبيت العجلات الخاصة بها أثناء مواجهتها لاتجاه تدفق الهواء. أثناء القيام ببعض التعديلات على السيارة يمكن حساب كبح السيارة في كل مرة.

عادةً ما يقوم مصمموا السيارات بتصميم نموذج مصغر للسيارة يبدو للوهلة الأولى وكأنه سينزلق بكل سهولة ويسر مع تدفق الهواء المقابل له. لكن بمجرد إضافة بعض الأشياء للسيارة كمداخل الهوء أو مقابض الأبواب تقل كفاءة السيارة بشكل كبير.

يمكننا رؤية بعض الميزات المثبتة على بعض السيارات كسيارة (Vauxhall Astra) والتي تساعد في سريان الهواء على جسم السيارة الخارجي بسهولة ويسر.

تمتلك تلك السيارة مقدمة منخفضة ومنزلقة للأمام كي تخترق الهواء بسهولة، وحاجب للرياح وزجاج جانبي ينسابون مع جسم السيارة الخارجي حتى لايتسببوا في اختلال سريان الهواء المنتظم.

الاهتمام الشديد بالتفاصيل الدقيقة مثل إخفاء مقابض الأبواب داخل جسم السيارة أو جعل المرآة الجانبية أكثر انسيابًا مع اتجاه سريان الهواء يساعد على تقليل الكبح الايروديناميكي عن طريق السماح للهواء بالتدفق بسهولة ويسر وتقليل احتمالية تكوُّن الدوامات الهوائية.

تُستخدم بعض التقنيات في السيارات الحديثة كإخفاء مساحات حاجب الرياح داخل كوة أسفل غطاء المحرك في حالة عدم استخدامها، أو وجود مصابيح أمامية متحركة تتم محاذاتها بجسم السيارة في حالة عدم استخدامها، أيضًا منع استخدام المجارير البارزة أعلى سقف السيارة.

بالاهتمام بتلك التفاصيل الصغيرة يمكننا أن نجعل سريان الهواء يترك عدسات المصابيح الخلفية للسيارة نظيفة.


  • ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: أميمة الدريدي
  • المصدر