ابتكر العلماء مادة يمكن أن تتحول بنقرة زر بين طاردة لقطرات الماء أو قابلة لامتصاصها.

هذه المادة النحاسية يمكنها أن تتغير من مادة (شديدة النفور من الماء-hydrophobic) إلى مادة (مسترطبة-hydrophilic) في ظرف ثوانٍ، يمكن استخدامها لتنقية المياه، والأجهزة الطبية الحيوية، والعدسات السائلة والأسطح الذكية ذاتية التنظيف.

إن النفور الشديد من الماء أمر يشعرك بسعادة بالغة عندما تشاهده، ولقد رأينا سكاكين نافرة للماء تقطع خلاله بسهولة، مسببةً ارتداد قطرات الماء عن الأسطح ككرات التنس.

وسوف تكون كاذبا إذا قلت أن مشاهدة مواد شديدة النفور من الماء على اليوتيوب لم يملأ فراغاً في حياتك كنت تجهله.

وعلى النقيض من ذلك، فإن المواد شديدة الاسترطاب تستخدم لجذب مياه الشرب مباشرة من الهواء وتستخدم لصنع زجاج التنظيف الذاتي.

ولكن ماذا عن مادة يمكنها التحول بين هاتين الخاصيتين؟

حاول العلماء سابقًا صُنع هذا النوع من المواد عن طريق معالجته بالحرارة أو تعريض النحاس للأشعة فوق البنفسجية أو أشعة اكس، ولكن عملية المعالجة تستغرق ساعات أو حتى أياما، كما أنها تحدّ بشدة من إمكانيات استعمالها.

هذه الدراسة الجديدة أوجدت مادة يمكنها أن تبدّل خصائصها في ثوانٍ بدل الساعات، وسوف تفاجئك بمدى البساطة التي اتضح أنها عليها.

استخدم العلماء سطح نحاسي يتغير من مسترطب إلى نافر من الماء ببساطة عن طريق تغيير الجهد الكهربائي المطبق عبر السطح.

إن الجهد الكهربائي المطلوب لتغيير خصائص السطح منخفض إلى حد 1.5 فولت، وهو أقل من الجهد الناتج عن البطاريات المنزلية العادية.

«عند تطبيق تيارات كهربائية صغيرة جداً على السطح، بدايةً تتوقف قطرات الماء المتدحرجة، ثم تبدأ الالتصاق به أكثر وأكثر بإحكام».

هذا ما يقوله (بن زاهري-Ben Zahiri)، أحد الباحثين من جامعة كولومبيا البريطانية.

«بتغيير مقدار تطبيق الجهد وفترته الزمنية ، يمكننا التحكم بالزاوية التي تشكلها كل قطرة ماء مع السطح والسرعة التي تحدث بها بسهولة».

يُرسب النحاس على سطح ما من خلال عملية تسمى (الترسيب الكهربائي-Electrodeposition)، مما يؤدي إلى تكتل النحاس كمجموعة من أشجار عيد الميلاد.

وهذا ما يبدو السطح عليه في الشكل أدناه:

تعمل المادة من خلال تغيير حالة الأكسدة للسطح النحاسي، فبينما يفقد النحاس الإلكترونات، يصبح أقل انجذابا للماء.

وعند قيمة جهد تساوي الصفر، تكون قطرات الماء فوق قمة أشجار عيد الميلاد (تكتلات النحاس)، وعند تطبيق الجهد الكهربائي تنساب القطرات فوق سطح الشجرة.

أصبحت الأمور أكثر غرابة عند تغيير الفولتية (التيار الكهربائي ) بينما بقيت قطرة الماء على السطح.

عندما حوّل العلماء المادة من كونها شديدة النفور للماء إلى شديدة الاسترطاب، أصبحت كإسفنجة كهربائية والتي احتفظت بالسوائل على سطحها ثم حررتها بكبسة زر -شئ حقًا مفيد للتعامل مع تسرب المواد الخطرة.

إن سبب إختيار الفريق للنحاس هو رخص ثمنه ووفرته وهو أيضاً أحد أكثر المعادن شائعة الإستخدام في العالم.

يعتقد زاهري بأن التحضيرات الكهروكيميائية للمعادن الأخرى وأكاسيد المعادن، والأكاسيد المختلطة قد تسفر عن نتائج واعدة أيضًا.

وعلى الرغم من أنهم لم يختبروها بشكل مباشر، إلا أن العلماء يقولون بأنه يمكن استخدامها لتحضير أي سوائل موصّلة، والتي تتضمن الدم.

يقول الباحث الرئيسي والتر ميريدا: «هذه النتائج يمكن أن تفتح مجالًاً جديدًا ﻷستكشاف الأسطح الذكية ذاتية التنظيف».


  • ترجمة: همام مهدي.
  • تدقيق: قُصي السمان.
  • تحرير: عيسى هزيم
  • المصدر