ما هي الحركة الأبدية؟

كما يُشيرُ الإسم فإنها حركة آلة تستمر إلى الأبد وبلا توقف إطلاقًا، وبالتالي فإذا ما صنعت آلةً مشابهة في يومنا هذا وحركتها، لابد لحركتها أن تستمر حتى (التجمد العظيم -Big Freeze).

وإن التعبير عن تلك المدة ووصفها بأنها (طويلة) في الحقيقة يُعد تقليلًا من قدر آبديتها.

وإن كنت تجهل ذلك ، فإن التجمد العظيم من الناحية النظرية هو نهاية كل شيء، وهو الحدّ الذي يتسع عنده الكون إلى حد تنعدم فيه الطاقة الترموديناميكية الحرة، وبتعبير آخر؛ فهو الحد الذي تتوقف عنده حركة كامل الكون، ويصل كل الزمكان إلى درجة الصفر المطلق ( أبرد درجة حرارة معروفة، والتي تتوقف عندها الحركة).

وباختصار، فإن التجمد العظيم أساسًا هو وقت الظلمة الحالكة والأبدية غير المتناهية، ولحسن الحظ، فإنه لن يحين موعده قبل مئة تريليون سنة تقريبًا.

وبكل الأحوال، فإن ما يهمنا ذكره أنه لابد للآلة أبدية الحركة أن تستمر حركتها كل تلك المدة على أقل تقدير.

ولعلنا قد رأينا بعضًا من تلك التصاميم على الإنترنت والتي يُزعم أنها صممت هيكلة ناجحة لآلة أبدية الحركة، وفي حال تم تصنيع تلك التصاميم بشكل هندسي صحيح فمن غير المستبعد أن تتمكن تلك الآلات من الحركة دون توقف، وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي بنا لمصادر الطاقة الأبدية، بل وأبعد من ذلك إذ أنها ستكون مصادر مجانية.

ولكن لسوء الحظ يعد هذا الأمر مستحيلًا، نظرًا لقوانين الفيزياء الأساسية بهذا الكون.

قد يقول العديد منكم «يتوجب علي الامتناع عن قول -من المستحيل أبدًا- فيما يخص العلم.»

نعم، هذا القول صحيح، وقد نتوصل لعلوم وقوانين جديدة لاحقًا، ولكن حتى يحين ذلك الوقت، يجب على الآلات أبدية الحركة أن تتخطى قوانين الفيزياء المعروفة لدينا لتستمر في حركتها الأبدية، وبالتالي سنكون مخطئين في كل شئ تقريبًا وستكون معظم مشاهداتنا دون أي جدوى.

فإذا لم يكن تحقيقها «مستحيلًا»، فهو أقرب للاستحالة علميًا.

ومن خلال تحليل الآلات أبدية الحركة، سنرى أسباب استحالة صناعتها:

فيزياء الحركة الأبدية:

يُعد القانون الأول في الديناميكا الحرارية (مصونية الطاقة – Conservation of Energy) قانونًا غاية في الأهمية، ينص على أن الطاقة تحفظ دائمًا، إذ إنها لا تفنى ولا تُخلق من العدم، إنما تتحول من شكل لآخر، ولكي تبقى هذه الآلة في حالة حركة مستمرة يجب أن تُبقي طاقتها محفوظة دون أي هدر، وهذا السبب يكفي لجعل تصميم تلك الآلة أمرًا مستحيلًا.

إذًا، ماهي الشروط المتوجب توافرها لنتمكن من صنع هذه الآلة؟

أولًا: أن لا تتعرض الآلة للاحتكاك، ولا حتى جزء بسيط منها، بمعنى أن جزءًا منها يجب ألا يلامس أي جزء آخر لتجنب الإحتكاك الناتج بينهما، لأن الاحتكاك من شأنه أن يبددَ الطاقة ويحولها إلى حرارة.

وأما عن طريقة املاس الأسطح لتتلامس دون تبديد للطاقة، فهذا الأمر مستحيل لعدم توفر جسم ذو سطح أملس مثالي، وستتولد حرارة دائمًا عند احتكاك أي جزئين ببعضهما ( إن عملية توليد الحرارة هنا ما هي إلا انتقال للطاقة ، أي أن الآلة تبدد الطاقة)

ثانيًا: من الواجب أن تعمل الآلة في الفراغ أي في وسط معدوم الهواء، إذ يتعلق هذا الأمر بالسبب الأول، حيث أن عمل الآلة في وسط هوائي من شأنه أن يسبب تبديد للطاقة بسبب احتكاك أجزاء الآلة مع الهواء، وبالرغم من أن مقدار الطاقة المتبددة الناتج عن احتكاك الهواء يعد ضئيل جدًا، ولكن علينا أن نتذكر بأن الحديث هنا عن آلة أبدية الحركة، فإن أي هدر للطاقة وإن كان ضئيلًا، سيؤدي في نهاية المطاف – حتى ولو تطلب الأمر وقتًا طويلًا – إلى فقدان الآلة لطاقتها وتوقفها.

ثالثًا: يُعد الصوت شكلًا من أشكال الطاقة، لذا يتوجب على الآلة ألا تُصدر أي صوت، وفي حال حدث ذلك فهذا يعني أنها تفقد الطاقة.

والآن لنفترض جدلًا أننا قمنا بصنع هذه الآلة، هل سنتمكن من الحصول على الطاقة منها؟

الإجابة هي نعم، ولكن مقدار الطاقة سيكون مساويًا لتلك المبذولة لتبدأ الآلة حركتها، مما يعني أنها ستكون مخزن للطاقة فقط، ويجب أن نتذكر دائمًا القانون الأساسي بأن الطاقة لا يمكن لها أن تُخلق من العدم بل يجب أن تأتي دائمًا وأبدًا من مصدر ما.

وبالتالي، إذا ما صنعت آلة مماثلة في وسط مماثل، فأنت بحاجة إلى بذل طاقة لتبدأ حركتها الأبدية، مقدار هذه الطاقة المبذولة هو المكسب الوحيد الذي ستحصل عليه منها، وكما ذكرنا سابقًا لن تنتج الآلة طاقة جديدة.

إذًا، حقًا هذه الآلات أجهزة عديمة الفائدة.


  • ترجمة: رامي الحرك.
  • تدقيق: قُصي السمان.
  • تحرير:عيسى هزيم
  • المصدر