أوضح العلم أربعةَ احتمالاتٍ ممكنةً لانتهاء كوننا.

ويطلق على هذه الاحتمالات الأربعة “التّجمّد العظيم”، “الانسحاق الشّديد”، “التّغيّر العظيم” و “التّمزّق العظيم”

كتب بواسطة (آدام بيكر – (Adam Becker

لا داعي للذّعر، لكنّ كوكبنا محكومٌ عليه بالانهيار، إنّها مسألة وقتٍ ليس إلّا، كحدٍّ أقصى بعد 6 مليارات عامٍ من الآن، قد يتبخّر كوكبنا عندما تتضخّم شمسنا الميتة لتصبح عملاقًا أحمرَ وتبتلع الأرض.

لكنّ الأرض مجرّد كوكبٍ واحدٍ من كواكب المجموعة الشّمسيّة، والشّمس هي أيضًا مجرّد نجمٍ من مئات البلايين من النّجوم في المجرّة، وهنالك أيضًا مئات البلايين من المجرّات في الكون المرصود.

فما المصير المنتظَر لكلّ هذه الأشياء؟ كيف سينتهي الكون؟

إنّ العلم ليس متأكدًا كثيرًا بشأن كيفيّة حدوث ذلك.

نحن حتّى لسنا متأكدين ما إذا كانت نهاية الكون حدثٌ محدّدٌ بعينه أم أنّ الكون سيذبل شيئًا فشيئًا.

فهمنا للفيزياء -بأفضل صوره- يقدّم عدةَ اقتراحاتٍ حول خيارات انتهاء الكون. كما يقدّم بعض التّلمحيات عن إمكانيّة النّجاة إن استطعنا.

ما زال كوننا يتوسّع منذ نشأته

تأتي أوّل فكرة حول نهاية الكون من الدّيناميكا الحراريّة -دراسة الحرارة-.

الدّيناميكا الحراريّة هي الوجه الواعظ للفيزياء، مع لافتةٍ كُتب عليها تحذيرٌ بسيط: “إنّ موت الحرارة قادمٌ”.

وإنّ تعبير “موت حرارة الكون” لا يعني جحميًا ناريًّا.

بل موتُ فروقات الحرارة في الكون.

قد لا يبدو هذا مخيفًا، لكنّ موت الحرارة أسوأ بكثير من الاحتراق حدّ التّهشّم.

وهذا لأنّ كلَّ شيءٍ تقريبًا يتطلّب فروقاتٍ حراريّة بشكلٍ مباشر أو غيرِ مباشر.

مثلًا, تعمل سيّارتك لأنّ حرارة محرّكها في الدّاخل أعلى منها خارجًا.

وجهاز الكومبيوتر الخاصّ بك يعمل بالكهرباء المستمدّة من محطّة توليد الكهرباء المحليّة, والّتي على الأرجح تعمل عن طريق تسخين الماء واستخدامه كطاقةٍ لتشغيل التوربينات.

وأنت تستمدّ طاقتك لتعيشَ من الطّعام, الموجود بفضل الفرق الهائل بين حرارة الشّمس وحرارة بقيّة الكون.

سينتهي الكون بأحد أربعِ طرق

وحالما تموت الحرارة في الكون، فإنّ كلّ الأشياء وكلّ الأماكن سيكون لها نفس درجة الحرارة.

وهذا يعني أنّ لا شيءَ مثيرًا للاهتمام سيحدث مرة أخرى.

كلّ النّجوم ستموت، كلّ المادّة تقريبًا ستضمحل، وكل ما سيتبقى هو حساءٌ غيرُ متجانسٍ من الجّزيئات والإشعاعات.

حتّى طاقة هذا الحساء ستضعف مع الوقت بسبب توسّع الكون، تاركةًّ درجة حرارة كلّ ما تبقّى أعلى بكسرٍ صغيرٍ من الصّفر المطلق.

في سيناريو “التّجمّد العظيم”، سينتهي الكون ببرودةٍ موحّدة، ميتًا وخالي.

بعد تطوّر الدّيناميكا الحراريّة في أوائل القرن التّاسع عشر، بدا أنّ موت الحرارة هو الطّريقة الوحيدة الممكنة لنهاية الكون.

لكن قبل 100 سنة، اقترحت نظريّة النّسبيّة العامّة لألبرت أينشتاين مصيرًأ للكون أكثرَ دراماتيكيّة.

المجرّات كمجرّة M74 تتحرّك بسرعة مبتعدةً عنّا

تقول النّظريّة النّسبيّة العامّة إنّ المادة والطّاقة تقومان بلفّ نسيجِ الزّمكان.

وهذه العلاقة بين نسيج الزمكان وبين المادّة وطاقة الأشياء -بين المسرح والممثّلين عليه- تجعل الكون كلّه يتمدّد.

إنّ الأشياء في الكون، وفقًا لآينشتاين، هي من سيحدّد المصير النّهائي للكون نفسه.

تنبّأت النّظريّة بأنّ الكون ككلّ يجب أن يكون إمّا في حالة تمدّد أو تقلّص.

ولا يمكن أن يظلّ بنفس الحجم.

أدرك آينشتاين ذلك في عام 1917، وبما أنّه كان مترددًّا كثيرًا في تصديق ذلك قد راوغ بنظريّته.

في عام 1929، وجد عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل أدلّةً قويّةً على أنّ الكون آخذٌ في التّوسع.

غيّر آينشتاين رأيه، واصفًا إصراره السّابق على ثبات الكون “أكبر خطأ” في مسيرته.

إذا كان الكون آخذًا في التّوسع، فلا بدّ وأنّه كان أصغر بكثيرٍ ممّا هو عليه الآن.

قادنا هذا الإدراك إلى نظريّة الانفجار العظيم: فكرة أنّ الكون قد بدأ كشيء متناهي الصغر وتوسّع بسرعةٍ فائقة.

حتّى الآن نستطيع رؤية شفقِ الانفجار العظيم، إشعاع الخلفيّة الميكروي الكوني، وهي تيار مستمر من موجات الرّاديو، قادمة من جميع الاتجاهات في السّماء.

إشعاع الخلفيّة الميكروي الكوني – THE COSMIC MICROWAVE BACKGROUND

إذًا فمصير الكون، يتوقّف على سؤالٍ بسيطٍ جدًّا: هل سيستمرّ الكون في التّوسّع، وما هي سرعته؟

بالنّسبة لكونٍ يحتوي “أشياء” عاديّة، مثل مادة وضوء، جوابُ هذا السّؤال يعتمد على كميّة “الأشياء” الموجودة.

فالمزيد منها يعني المزيد من الجاذبيّة، والّتي تسحب كلّ شيءٍ وتبطئ التّوسّع.

وطالما أنّ كميّة المادّة لا تتجاوز حدًّا حرجًا، سيستمرّ الكون بالتّوسّع إلى الأبد، وفي النّهاية ستموت الحرارة ليتجمّد الكون.

أمّا إن كان هناك الكثير من المادّة، فإنّ توسّع الكون سوف يتباطأ ويتوقّف.

بعد ذلك يبدأ بالانقباض.

الكون المنقبض سيتقلّص شيئًا فشيئًا، ويصبح أكثرَ سخونةٍ وكثافة، ويتوقف في النهاية كجحيم متراص، وهو نوعًا ما عكس الانفجار العظيم معروفٌ باسم الانسحاق الشّديد.

قد ينهار الكون على نفسه فيما يسمّى بالانسحاق الشّديد

في معظم القرن العشرين، لم يكن علماء الفيزياء الفلكيّة متأكدين أيّ من هذه السّيناريوهات سوف تحصل.

هل سيكون التّجمّد العظيم أم الانسحاق العظيم؟ الجليد أم النّار؟

لقد حاولوا إجراء إحصاء للمادّة والطّاقة في كوننا، وتبيّن أنّنا قريبون جدًّا من الحدّ الحرج، ما يجعل مصيرنا غيرَ مؤكد.

لكن تغيّر كلّ ذلك تغيير في نهاية القرن العشرين عام 1998، قدّم فريقان متنافسان من علماء الفيزياء الفلكيّة إعلانًا مدهشًا: إنّ الكون يتوسّع بشكلٍ متسارع.

إنّ المادّة العاديّة والطّاقة لا يمكن أن تجعلا الكون يتصرف بهذه الطّريقة.

كان هذا أول دليلٍ على وجود نوعٍ جديدٍ من الطّاقة، يطلق عليها اسم “الطّاقة المظلمة”، والتي لا تتصرّف على نحوٍ يشبه تصرّف أيّ شيءٍ آخر في الكون.

تقوم الطّاقة المظلمة بسحب أجزاء الكون إلى بعضها البعض، مازلنا لا نفهم ما هي بالضّبط، ولكنّها تشكّل تقريبًا70٪ من الطّاقة، وهذا العدد يزداد كلّ يوم.

يمكن أن يودي الانسحاق الشّديد بكوننا إلى نهايةٍ ملتهبة

إنّ وجود المادّة المظلمة يدلّ على أن كميّة المادّة الموجودة في الكون لا يمكنها تحديد مصيره.

عوضاً عن ذلك، تتحكّم الطّاقة المظلمة في الكون، مسرعةً توسّع الكون طوال الوقت.

هذا يجعل سيناريو الانسحاق الشّديد أقلّ قابليّة للحدوث.

لكن هذا لا يعني حتميّة التّجمّد العظيم.

هناك احتمالات أُخرى.

أحد هذه الاحتمالات لم ينشأ من دراسة الكون، بل في عالم الجسيمات دون الذّرية.

ربما يكون هذا أغرب مصيرٍ محتملٍ للكون. إنّه أشبه بشيءٍ من الخيال العلمي.

قد يبقى الماء سائلًا في درجةٍ أقلّ من درجة تجمّده

في رواية الخيال العلمي الكلاسيكيّة Cat’s Cradle للكاتب Kurt Vonnegut ، بلّورة الجليد-تسعة هي شكلٌ جديدٌ لجليد الماء مع خاصيّة ملحوظة: أنّها تتجمّد عند 46 درجة مئويّة، لا عند 0 درجة مئويّة.

وعندما تُسقَط بلّورات الجليد تسعة في كوبٍ من الماء، مباشرةً سيتبلور جميع الماء المحيط بالبلّورات في نمطٍ مطابقٍ لها، إذ أنّ لهذه البلّورات طاقةٌ أقلّ من طاقة الماء السّائل.

والبلّورات الجديدة لجليد تسعة سوف تفعل نفس الشّيء للماء المحيط بها، وبمجرّد غمضة عين، ستحوِّل سلسلةُ ردود الفعل هذه جميعَ الماء في الكوب – أو جميعَ محيطات الأرض إلى كتلٍ جليديّة من الجليد تسعة.

يمكن لنفس الشّيء أن يحدث في الحياة الحقيقية مع الجليد العادي والمياه العاديّة.

إذا وضعت ماءًا نقيًّا جدًّا داخلَ كوبٍ نظيفٍ جدًّأ، وقمت بتبريده إلى ما دون درجة 0 مئوية، سصبح الماءُ باردًا جدًّا: ويبقى سائلًا تحت نقطة تجمّده.

لعدم وجود نقطة انطلاق يبدأ منها تشكّل الجليد، لا شوائب في الماء أو على الزّجاج. وإذا قمت بإسقاط بلّورة من الجليد في الكوب، فإنّ الماء سوف يتجمّد بسرعةٍ، بشكلٍ شبيهٍ لجليد تسعة.

قد لا يبدو الجليد تسعة والمياه شديدة البرودة ذوي صلة بمصير الكون.

ولكن شيئًا مماثلًا يمكن أن يحدث في الفضاء نفسه.

الفراغ الخالي قد ينخفض فجأةً إلى مستوى طاقة أقل

تفرض ميكانيكا الكم وجودَ كميّات طاقة صغيرة في الفراغ الخالي تمامًا.

ولكن قد يكون هناك أيضًا نوعًا آخرَ من الفراغ، يحملُ طاقة أقل.

إن كان هذا صحيحًا، فإنّ الكون كلّه أشبه بكوبٍ من الماء شديد البرودة.

وسيدوم فقط إلى أن “تظهر فقاعةٌ” من الفراغ الأقلّ طاقة.

لحسن الحظ، فإنّنا لم نرصد حتّى اليوم مثل هذه الفقاعات.

لسوء الحظ، إنّ ميكانيك الكم تملي بأنّه في حال وجود فراغٍ ذي طاقة منخفضة، فمن المحتّم أن تقفز فقاعة منه إلى مكانٍ ما في الكون.
عندما يحدث ذلك، سيتحوّل الفراغ القديم حول الجديد، تمامًا كما في حالة الجليد تسعة.

وستتوسّع هذه الفقاعة بسرعةٍ تقترب من سرعة الضّوء، أيّ أنّنا لن نراها قادمةً أبدًا.

حتى الفراغ الخالي تمامًا يحتوي على طاقة

داخل الفقاعة، ستختلف الأمور جذريًّا، ولن تكون الفقاعة مضيافة أبدًا.

خصائص الجسيمات الأساسية مثل الإلكترونات والكواركات يمكن أن تكون مختلفة كليًّا، ستعاد صياغة قواعد الكيمياء ومن الممكن أن يمنع ذلك تشكّل الذّرات.

سيتدمر كلٌّ من البشر، الكواكب، وحتّى النجوم نفسها في هذا التّغيّر العظيم.

في عام 1980، وصف الفيزيائيّان سيدني كولمان وفرانك دي لوتشيا، ذلك الأمر بـ “الكارثة البيئيّة القصوى”.

إضافة للضّرر الكبير، سوف تتصرّف الطّاقة المظلمة بشكلٍ مختلفٍ بعد التّغيّر العظيم.

فبدلًا من دفع الكون للتّوسّع بشكلٍ أسرع، سوف تقوم الطّاقة المظلمة بسحب الكون إلى نفسه، مسبّبة انهياره عبر الانسحاق الشّديد.

 

طيف الطّاقة المظلمة قد يدمّر كلَّ شيء

هناك احتمالٌ رابعٌ لنهاية الكون، والطّاقة المظلمة ستلعب مرّة أخرى الدّور الرّئيسي.

تتميّز هذه الفكرة بأنّها تخمينيّة جدًّا وغيرُ محتملة، ولكن لا يمكن استبعادها بعد. يمكن أن تكون الطّاقة المظلمة أقوى ممّا نظنّ وسوف تكون قادرةً على إنهاء الكون بمفردها، دون أيّ تدخّل من التّجمّد، الانسحاق، أو التّغيّر العظيم.

تمتلك الطّاقة المظلمة خاصيّة عجيبة.

رغم توسّع الكون، فإنّ كثافته تبقى ثابتة. هذا يعني أنّها تنبثق باستمرار للوجود، لمواكبة تزايد حجم الكون. هذا أمر غير اعتيادي، ولكنّه لا يكسر أيًّا من قوانين الفيزياء.

من الممكن أن يصبح الأمر أكثر غرابة.

ماذا لو كانت كثافة الطّاقة المظلمة تزداد مع توسّع الكون؟ بعبارةٍ أخرى، ماذا لو كانت كثافة الطّاقة المظلمة تزداد بمعدّلٍ أسرعَ من توسّع الكون نفسه؟

طُرحت هذه الفكرة من قبل روبرت كالدويل من كليّة دارتموث في هانوفر، نيو هامبشِر.

وسمّاها “طيف الطّاقة المظلمة”.

الّذي سيودي بالكون إلى مصيرٍ غريب.

قد يبدأ التّمزّق العظيم بتمزيق المجرّات

إذا كان “طيف الطّاقة المظلمة” حقيقيًّأ، فإنّ الجانب المظلم هو سقوطنا النّهائي، تمامًا مثل ما حذرنا منه حرب النّجوم.

حاليًّا، إنّ كثافة الطّاقة المظلمة قليلة جدًا، أقلّ بكثيرٍ من كثافة المادّة هنا على الأرض، أو حتّى كثافة مجرّة درب التّبّانة، والّتي هي أقلّ كثافةً من الأرض.

ولكن مع مرور الوقت، فإنّ كثافة “طيف الطاقة المظلمة” سترتفع، وتمزّق أجزاء الكون.

في دراسة صدرت عام 2003، حدّد كالدويل وزملاؤه سيناريو أسموه “يوم القيامة الكونيّة”.

بمجرّد أن يصبح طيف الطّاقة المظلمة أكثر كثافة من جسيم محدّد، فإنّ هذا الجسيم يتمزّق.

أولًا، سيسحب طيف الطّاقة المظلمة مجرّة درب التّبّانة، جاعلًا نجومَها الأساسيّة تحلّق بعيدًا.

بعد ذلك سيُحَلُّ النّظام الشّمسيّ، لأن شدّة سحب الطّاقة المظلمة سيكون أقوى من شدّة سحب الشّمس للأرض.

وأخيرًا، سوف تنفجر الأرض خلال دقائق مسعورة.

بعد ذلك ستتحطّم الذّرّات نفسها، قبل جزء من الثّانية من تمزّق الكون. يدعو كالدويل هذا بالتّمزّق العظيم.

التّمزّق العظيم سيسبب تمزّق الكواكب والنّجوم حرفيًّا

سيناريو التّمزّق العظيم “غريبٌ جدًّا”، باعتراف كالدويل، إذ أنّه يبدو جزءًا من برنامج قوى خارقة فكاهي.

يقف طيف الطّاقة المظلمة بمواجهة بعض أهمّ أفكارنا الأساسيّة حول الكون، مثل الافتراض أنّ المادّة والطّاقة لا يمكن أن تتحرّكا أسرع من الضّوء.

وهناك أسبابٌ وجيهةٌ لعدم الاعتقاد بهذا.

استنادًا إلى ملاحظاتنا حول توسّع الكون، وتجارب “فيزياء الجسيمات”، فإنّ التّجمّد العظيم يبدو الأكثر ترجيحًا لمصير الكون في نهاية المطاف، وربما سيكون متبوعًا بالتّغيّر العظيم ثم الانسحاق الشّديد.

ولكن هذه صورة قاتمة بشكل ملحوظ للمستقبل – دهرٌ من الفراغ البارد، يتحوّل عن طريق اضمحلال الفراغ وانفجارٍ نهائيّ إلى العدم.

هل هناك أي طريقة للهروب؟ أم أنّه محكومٌ علينا حجز طاولةٍ في مطعم نهاية الكون؟

كل هذا سيمضي … ولكن ليس لفترةٍ طويلة

ليس هناك بالتّأكيد سببٌ، على الصّعيد الفردي، للقلق حول نهاية الكون.

كلّ هذه الأحداث هي لما بعد تريليونات من السّنوات في المستقبل، مع استثناءٍ محتملٍ للتّغيّر العظيم، لذلك هي ليست بالضّبط مشكلةً قريبة الحدوث.

ذكر الفيزيائي فريمان دايسون من معهد الدّراسات المتقدّمة في برينستون، نيوجيرسي هذا السّؤال في ورقة كلاسيكيّة نشرت عام 1979.

وفي ذلك الوقت، اعتبر أنّ الحياة قادرة على أن تعدّل نفسها لتنجو من التّجمّد العظيم، والّتي كان يُعتقد أنّها أقلّ تحدّيًا من جحيم الانسحاق الشّديد.

لكنّه الآن أقلّ تفاؤلًا، بفضل اكتشاف الطّاقة المظلمة.

يقول دايسون: “إذا كان الكون يتسارع، فهذه أخبار سيئة حقًّا.

إنّ تسارع التّوسّع يعني أنّنا في النّهاية سنفقد الاتصال مع كامل الكون فيما عدا حفنة صغيرة من المجرات، مما يحدّ بشكلٍ كبيرٍ من كميّة الطّاقة المتاحة لنا” وأضاف قائلًا:” إنّها حالةٌ كئيبةٌ نوعًا ما على المدى الطّويل”.

ولا يزال الوضع يتغيّر، .

يقول دايسون: “نحن لا نعرف حقًّا فيما إذا كان التّوسّع سيستمر، لأنّنا لا نفهم سبب تسارعه”، وأضاف: ” انّ وجهة النّظر المتفائلة هي بأنّ التّسارع سيتباطأ مع ازدياد حجم الكون”. إذا حدث ذلك، “سيكون المستقبل واعدًا.”

ولكن ماذا لو كان التّوسّع لا يتباطأ، أو اتضح أنّ التّغيّر العظيم قادمٌ لا محالة؟ طرح بعضُ الفيزيائيّين حلًّا موجودًا في عالم غير منطقيّ.

للهروب من نهاية الكون، يجب علينا بناء الكون الخاص بنا في المختبر، والقفز داخله.

تضخّم الكون بسرعةٍ كبيرة، بعد ولادته مباشرة

أحد الفيزيائيّين الّذين عملوا على هذه الفكرة هو آلان غوث من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، ماساتشوستس، المعروف بعمله على نظريّات الكون المبكر جدًّا.

يقول غوث: ” لا أستطيع أن أقول إنّ قوانين الفيزياء تفترض ضمنًا أنّ ذلك ممكنٌ، وإن كان ممكنًا، فإنّه يتطلّب تكنولوجيا تتجاوز كثيرًا كلَّ ما يمكن توقعه، ويتطلّب كميات هائلة من الطّاقة، يجب على المرء الحصول والسيطرة عليها”.

وفقاً لـ غوث فإنّ الخطوة الأولى هي إنشاء كثافةٍ هائلةٍ من المادّة، كثيفة جدًّا لدرجة أنّها توشك على الانهيار في ثقبٍ أسودَ.

بالقيام بذلك بشكلٍ صحيح، واقتطاع المادة بسرعة هائلة خارج المنطقة الموجودة فيها، فإنّك قد تستطيع إجبار تلك المنطقة من الفضاء على بدء التّوسّع بسرعة.

في الواقع، إنّك بحاجةٍ إلى قفزةٍ للبدء بإنشاء عالمٍ جديد تمامًا.

ومع توسّع الفضاء ضمن هذه المنطقة، فإنّ الحدود سوف تتقلّص، وتؤدي إلى نشوء فقاعةٍ من الفضاء المشوّه حيث يكون الدّاخل أكبر من الخارج.

 

الانفجار العظيم: ولادة الكون

قد يبدو ذلك مألوفا لدى الدكتور «هو-WHO»، ووفقاً لـ غوث، فإنّ مركبة TARDIS”” ربما تكون مقياسًا دقيقًا جدًّا” لنوع تشويه الفضاء الذي يتحدث عنه.

في نهاية المطاف، فإنّ المنطقة الخارجيّة سوف تتقلّص للعدم، وسوف تكون هناك فرصةٌ للكون الوليد لأن يتشكّل من تلقاء نفسه، متجنّبًا أيّ مصيرٍ حدث لكوننا.

ومن غير المؤكد أنّ هذا المخطّط سيعمل فعلًا.

يقول غوث: “يجب أن أقول إنّه غيرُ واضحٍ” ويضيف : “لا نعرف حقًّا ما إذا كان ذلك ممكنًا أم لا”.

ومع ذلك، يشير غوث أيضًا إلى أنّ هناك مصدرًا آخر للأمل بعد نهاية الكون، أو أملٌ من نوعٍ ما.

قد يكون كوننا قابلٌ للظّهور في أيّ وقت

غوث هو أوّل من اقترح أنّ الكون المبكر توسّع بسرعةٍ مذهلةٍ بجزءٍ صغيرٍ من الثّانية، وهذا ما يعرف بـ “التّضّخم”.

ويعتقد كثيرٌ من علماءِ الكون الآن أنّ التّضّخم هو أكثر مقاربةٍ تشرح الكون المبكر، وتعتمد خطّة غوث بإنشاء كونٍ جديد على إعادة خلق هذا التّوسّع السّريع.

للتّضخّم الكونيّ نتيجة مثيرة للاهتمام بالنّسبة للمصير النهائيّ للكون.

تقول النّظريّة إنّ كوننا الّذي نسكنه هو مجرّد جزءٍ صغيرٍ من أكوانٍ متعددة، مع حاضنة أبديّة ضخمة تقوم باستمرارٍ بتوليد أكوانٍ صغيرة مثل كوننا.

يقول غوث: “إذا كان الأمر كذلك، فإنّنا لو اقتنعنا بأنّ كوننا الصّغير سوف ينتهي متجمّدًا، سيستمرّ وجود الأكوان الأخرى المتعدّدة، مع نشوء حياةٍ في كلّ كونٍ صغيرٍ ناشئ، ويضيف قائلًا: ” في هذه الصورة تكون الأكوان المتعدّدة ككلّ هي الأبديّة، على الأقل في المستقبل، حتى بنشأة وفناء الأكوان الصغيرة”.

وبعبارةٍ أخرى، ربما كان «فرانز كافكا -FRANZ KAFKA» على حق عندما قال: “الكثير من الأمل، يعني كميّة مطلقة من الأمل – لكن ليس لنا”.

كان ما سبق قليلًا من الأفكار القاتمة، إن أزعجك هذا، فإليك صورةٌ لقطّة لطيفة.

ابتسم، في الوقت الّذي سيحدث فيه هذا سنكون جميعًا قد رحلنا منذ وقتٍ طويل


  • ترجمة: عامر السبيعي
  • تدقيق: بيان أبو ركبة
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر