يبنى الاعتقاد القديم بأنه يجب عليك انتظار مدة 30 دقيقةٍ على الأقل بعد الأكل وقبل السباحة على فكرة تحويل الدم لمساره بعيدًا عن ذراعيك وساقيك باتجاه معدتك بعد وجبةٍ كبيرة، وإن لم تحصل أطرافك على تدفق دمٍ كافٍ للعمل ستتعرض لخطر الغرق، ولكن هل تلك نصيحةٌ صحيحة؟ أم أنها فقط حجة آباء أردوا أخذ قسطٍ من الراحة للاسترخاء بعد وجبة غداءٍ كبيرة؟ وسيبدو ذلك أبديًا لأطفالٍ شحنوا طاقتهم بعد تلك الوجبة ويريدون العودة للسباحة.

يعيد الهضم توجيه بعض الدماء من العضلات للمساعدة في عملية الهضم، ومع تدفق دمٍ قليل للعضلات من المحتمل أن يقل الأكسجين المتوافر للمعدة، وربما يسبب ذلك تشنجًا – على الرغم من إهمال بعض العلماء لهذه النظرية -والتشنجات هي عبارة عن تقلصات متقطعةٍ لا إرادية للعضلات الهيكلية، وتحدث خلال أو بعد التمارين وترتبط عادةً بالإجهاد، ولكن التشنجات خلال ممارسة  الرياضة تحدث في الغالب بسبب مجموعةٍ من العوامل المختلفة من شخصٍ إلى آخر، كالجفاف وعدم اتزان الكهارل في الجسم (أو الشوارد الكهربية) والتعب العصبي.

والحقيقة أننا نملك دمًا كافٍ لإبقاء جميع أجزاء جسمنا تعمل بعد وجبة كبيرة.

وعامل خطرٍ آخر مقترح للسباحة بعد الأكل هو ما يشار إليه عادةً بالغرزة (أو آلام البطن العابرة المرتبطة بالتمارين الرياضية أو ETAP  رياضيًا: وهو ألمٌ حاٌد تحت القفص الصدري، والغرزات ليست مفهومةٌ جيدًا ولكن يعتقد أنها تحدث بسبب تشنج الحجاب الحاجز نتيجة تدفق دمٍ محدود من ضغط الرئتين في الأعلى والبطن في الأسفل.

من الممكن أن يصاحب ممارسة التمارين القاسية بعد تناول الطعام حدوث بعض الانزعاج أو عدم الارتياح كحرقة  المعدة والتقيؤ، وذلك نتيجة ارتدادٍ غير متوقع، أو ارتجاعٍ لا إرادي، ومن المرجح أن يحدث ذلك عندما يزداد الضغط الخارجي كالضغط المصاحب للغوص.

إذًا ما الذي تقوله المعطيات عن الخرافة؟

فبحسب دراسةٍ لتقارير الجمعية الملكية لإنقاذ الأرواح الاسترالية من الغرق، لم تُذكر أي حالة وفاة لأشخاص بعد تناولهم الطعام على مر السنوات القليلة الماضية، ولم يقدم أي من الأكاديمية الملكية لطب الأطفال ولجنة سلامة المتنجات الاستهلاكية الأمريكية، ولا الصليب الأحمر الأمريكي أية إرشادات أو تحذيرٍ مرتبطٌ بالسباحة بعد تناول الطعام، إذ تعنى هذه المنظمات بخطر الغرق المتزايد نتيجة شرب الكحول، فتُضعف الكحول والمخدرات القدرة على اتخاذ القرار والقدرة الجسدية بشدة، كما وتزيد خطر الإصابة بتشنج الأحبال الصوتية إن دخل الماء القصبة الهوائية.

17% من كل حالات الغرق في استراليا تنسب إلى الكحول أو المخدرات في الفترة ما بين 2010 إلى 2011 المشمولة بالتقرير، وازدادت النسبة إلى 45% بين أفراد الفئة العمرية 18-34، إذًا من المهم جدًا أن تعي مخاطر الكحول والمخدرات عندما تكون في وعلى وحول المياه.

وفي حين يمكن للسباحة ومعدتك مليئة أن يكون غير مريحٍ، وإن كنت مفرطًا في الطعام من الممكن أن يؤدي ذلك للتقيؤ، فإنه من غير المحتمل أن يعرضك ذلك لخطر الغرق، النبأ الجيد للأطفال والسيء للآباء الذين يريديون الارتياح بعد الغداء، غير أن الفطرة السليمة تشير إلى أن السباحة ليست الطريقة المثلى لاستقرار المعدة الممتلئة تلك، ولكن إن كنت حريصًا على الرجوع للماء بسرعة، اختر الأطعمة العالية بالكاربوهيدرات البسيطة، ومع أنها غير جيدةٍ لك، إلا أنها تهضم بسرعةٍ  أكبر بكثيرٍ من الدهون والبروتينات الموجودة في شريحة لحمٍ مشوية.


  • ترجمة: ميس أبوشامة
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر