بالفعل إنَّه سؤال يطرح نفسه بقوة، من بين جميع فئات المجتمع لماذا يدخن الأطباء مع أنَّهم يعرفون أكثر من غيرهم مخاطر التدخين وأضراره الكبيرة التي يُلحقها بالجسم.

هذه القضية تلفت أنظار الكثيرين وتدفعنا للتساؤل حول قدرة الأطباء المدخنين على مكافحة هذه العادة القاتلة ومساعدة مرضاهم على الإقلاع عن التدخين وتنبيههم لمخاطره.

في آخر إحصائيات نشرتها منظمة الصحة العالمية، أكَّدت أنَّ أكثر من 5 ملايين إنسان يموتون سنويًّا بسبب التدخين، ومع أنَّ التبغ ومشتقاته هي مواد منتشرة ومسموحة البيع في كل دول العالم ولكن الجميع يعلم أنَّها سموم بكل ما للكلمة من معنى.

تختلف نسبة المدخنين بين الكادر الطبي من دولة لأخرى فمثلًا في إيطاليا تبلغ قرابة 44% أي أكثر بضعفين من نسبة التدخين بين عامة الشعب !!!

وإذا أردنا تفاصيل أكثر سنجد :

  • نسبة الأطباء المدخنيين 33%
  • نسبة طلاب الطب المدخنيين 35%
  • نسبة طلاب الطب المدخنيين في سنة التخرج 52%
  • نسبة الممرضين المدخنيين 48%

قد تكون أعداد المدخنين بين الأطباء في دول أخرى أقل أو أكثر تبعًا لأسباب عديدة ويمكننا تقسيم الدول التي تم إجراء إحصائيات مماثلة فيها إلى ثلاثة أقسام :

  • دول نسبة المدخنين بين الأطباء فيها قليلة جدًا (أقل من 10%) وأقل من نسبة المدخنين بين فئات المجتمع الأخرى: كالولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.
  • دول نسبة المدخنين بين الأطباء فيها متوسطة (25%) وتماثل بقية فئات المجتمع: كفرنسا وألمانيا واليابان.
  • دول نسبة المدخنين بين الأطباء فيها مرتفعة (أكثر من 50%) وأكثر من بقية فئات المجتمع: كالهند والصين وتركيا.

مع هذه الأرقام الكبيرة عدة نقاط وأسئلة هامة تطرح نفسها، وقد أوضحت دراسات عديدة عن هذا الموضوع بعضها: فالطبيب المُدخِّن لا يُقدِّم نموذجًا جيَّدًا لمرضاه يدفعهم لترك التدخين كما أنَّ الأطباء المدخنين بحسب العديد من الاستبيانات لا يوصون مرضاهم بترك التدخين ولايشرحون لهم مخاطره، وإن فعلوا فإنَّ نسبة حصول ذلك أقلُّ بكثير ممَّا يفعله الأطباء غير المدخنون.

لبُّ الموضوع أو السؤال الجوهري هنا هو: لماذا يُدخن الأطباء ؟؟؟

البعض أكَّد أنَّ عددًا كبيرًا من الأطباء وطلاب الطب والمُمرضين لايعرفون مخاطر التدخين بشكلٍ كافٍ لأنَّ ذلك بعيد عن اختصاصهم ربما، والبعض يُقلِّل أو غير مُقتنع بهذه الأضرار والمخاطر ولكن تبقى نسبة هؤلاء قليلة جدًا، ويمكننا القول أنَّ الغالبية العظمى من الأطباء المدخنين يدخنون رغم أنَّهم يدركون حقَّ الإدراك أضرار التدخين ومخاطره الكبيرة والأمراض القاتلة الناتجة عنه، والسبب في ذلك أنَّ التدخين أصبح بالنسبة لهم عادة ونمط حياة يصعب تركه والابتعاد عنه مثله مثل الكثير من العادات الصحية السيئة في حياتنا، ولكن بقي أن نُشير إلى أنَّ التدخين وبدون أدنى شك هو أخطر هذه العادات وأكثرها ضررًا على الإطلاق.


  • إعداد : د. محمد الأبرص.
  • تدقيق: رؤى درخباني.
  • تحرير: عامر السبيعي.
  • المصدر