معظم الناس قد تعرضوا إلى إصابة واحدة على الأقل في منطقة واحدة من الجسم أو أكثر، وبصرف النظر عن نوع الإصابة سواء كانت حروقًا أو جروحًا أو رضوضًا، فالمصاب غالبًا قد يبكي أو يصرخ من الألم.

والسؤال هو لماذا نفعل ذلك؟ لماذا نبكي أو نصرخ أثناء شعورنا بالألم؟

لا أحد يعرف ما إذا كان المحفّز الذي يسبب الألم يرسل إشارة إلى جزء الدماغ الذي يجعلك تصرخ.

حيّر هذا الأمر العلماء لسنوات، ومع ذلك فهنالك من يؤمن بأن البكاء أو الصراخ أثناء الشعور بالألم هو شيء فطري تطوّري.

ومن المنطقي أيضًا أن البكاء أو الصراخ يعتبر وسيلةً لإخبار الآخرين أنك تتعرض لشيء مؤلم.

لا يبدو أن ردّ الفعل الوحيد على الألم هو الصراخ فقط وإنما التلفّظ بالكلمات النابية، والشتم أصبح أيضًا ردّ فعل مصاحب للألم في السنوات الأخيرة.

ويبدو أيضًا الصراخ كردّ فعل لإخافة المهاجم، حيث يقول عالم النفس ستيفن بينكر (Steven Pinker): «أعتقد أن الصراخ أو استخدام الألفاظ النابية يدخل ضمن ردّ الفعل الدفاعي، فعل سبيل المثال الحيوان المصاب أو المحاصر ينفجر غاضبًا مع أصوات غاضبة وذلك لردع المهاجم».

وفي دراسة نُشرت مؤخرًا في نيوروريبورت (NeuroReport) والتي تهدف إلى قياس المدة التي تستطيع فيها مجموعتين من التلاميذ غمر أيديهم في دلو من الماء البارد.

خلال التجربة سمح للمجموعة الأولى باستخدام ألفاظ نابية وبذيئة مرارًا وتكرارًا، أما المجموعة الثانية فقد سمح لها بتكرار كلمات عادية فقط.

في نهاية التجربة وجد أن المجموعة الأولى قد ذكروا أنهم عانوا آلامًا أقل بكثير من المتوسط، كما تمكّنوا من إبقاء أيديهم في الماء لمدة 40 ثانية أكثر من المجموعة الثانية.

العديد من علماء النفس في الواقع يعتقدون أن الشتائم تقلل من الشعور بالألم.

وبعد إجراء هذه التجربة، لنفكر بشيء آخر قد يكون سببًا لذلك، ولفهم ردود الفعل يجب العودة إلى المصطلحات التطورية؛ فمن المنطقي وبالانتقاء الطبيعي، أن الأشخاص الذين يتوقفون عن فعل أشياء مؤلمة تزيد فرصهم في النجاة، وهذا الأمر ينتقل جينيًا إلى أولادهم وهكذا، فإذا كان هنالك ما يسبب الألم فسيتوقفون عن فعله.

أما إذا كنت في وضع يسبب ألمًا ولفترة طويلة وليست لديك القدرة على السيطرة عليه فالصراخ أمر طبيعي تمامًا.

وهذا يعرف بطريقة الجسم للردّ على الألم، وذلك عن طريق جعل الضجيج في رأسك أكبر من الآلام؛ وبالتالي يقلل من تركيزك على الألم، ما يعطي إحساسًا بتناقص الشعور بالألم.

وبغض النظر عن السبب في إن الصراخ والشتم يؤثر على الألم، فيبدو وبشكل قاطع أن أثرها جليّ وأنها تساعد في التخفيف من الألم إلى حدّ ما.

في المرة القادمة عندما يضرب أصبع قدمك الطاولة أو الكرسي وتصيح بشدة، اسأل نفسك لماذا فعلت ذلك؟


  • ترجمة: بشار الجميلي
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر