تخيّل لو أن عَملك كان يتطلّبُ أن تزيد من قدرة حركة الطيران الذي يُحلِّق داخل مدينة طوكيو وخارجها، للوهلةِ الأولى قد يجول في ذهنِك أن تزيدَ عدد المَدارِج في المطارات القائمة، لكنَّ الأمر ليس بهذه السهولة فهنالك الكثير من المباني المُحيطة بالمطارات، يُضاف لذلك عدم توافر الأراضي المستوية والملائمة لبناء المدارِج.
إذًا فما الحل؟ ما رأيكَ ببناء مطارٍ عائمٍ على المياه، فإنَّ البحرَ ليس مُلكًا للسفن فقط!

إذا ما أمكنكَ بناءُ منشأ كبير بما فيه الكفاية، فإنَ أمواج البحر العاديّة لن تؤثّرَ عليه، لكنكَ بحاجةٍ لتجعله يرتكزُ على أرضٍ للحفاظ عليه في مكانه الصحيح.
سيكون هذا تحديًّا هندسيًّا ومُكلفًا في الوقتِ ذاته، ولكنّه قد يكون بديًلا عن هدمِ وجرف العديد من الأبنية المُجاورة للمطارات لبناء مَدَارِج جديدة.

إنها فكرةٌ كان قد خطط لها المهندسون لعقود، ربما كان الاقتراح الأقرب ما نُشرَ عام 1930 في مجلّةٍ تضمّنت مقالًا يشير إلى أنَّ المطاراتِ المُنشأة على أعمدةٍ طويلة يمكنها أن تمتدَّ على طول (643 كم) من المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى أنَّ الركائزَ ستحمل المطارَ لما يصلُ (24 مترًا) فوقَ الأمواج.

وبالرغم من أنّنا لم نصل أبدًا لبناء تلك المطارات، إلا أنّ الناس ما زالوا يملكون أفكارًا مماثلة، ففي عام 1995 شكّلت شركات طوكيو جمعيَّة البحوث التكنولوجيّة لمدارج الطيران، وقامت هذه الجمعيّة بتمويل هيكل النموذَج المنشود؛ وهو عبارةٌ عن مدرجٍ على جزيرة اصطناعيّة عائمة ب 1000 مترٍ في خليج طوكيو.
تتكوّن الجزيرة من قِطعٍ متشابكة أبعادها ( 300×60 )مترًا، ويمكنها الصمود أمام تأثيرات الأمواج والحرائق، حتّى أنّه تمت فيها عِدّة اختبارات ناجحة للإقلاع والهبوط.

أُطلق على هذه الجزيرة اسمُ (ميغافلوت – Megafloat) وكان المقصود منها أن تكونَ اختبارًا، ولكنَّ للفريق هدفٌ أكبر بكثير ألا وهو بناءُ منشأ أكبر، وهذا لم يحدثُ بعد، ولكنّ الفكرة مازالت قائمةً ولم يتخلَّ عنها أحد.

في ذلك الوقت، كان السياسيون في المملكة المتحدة يتحدثون عن نهجٍ مماثلٍ لزيادة قدرة حركة الطيران في لندن، وهذا من شأنهِ القيام ببناء جزيرةٍ اصطناعية في مصبِّ نهر التايمز.
لن يكونَ هذا المطارُ العائم كقدرةِ ” Megafloat” ولكن من الممكن أن يساعد على تخفيف مشاكل الملاحة الحالية في لندن، في الواقع، ووفقًا لمؤّيدينَ للفكرة فإنَّ المطارَ الجديد من شأنه أن يُلغي الحاجة لمطار (هيثرو – Heathrow)، وبالتالي بإمكان لندن أن تُعيدَ استخدام الأرض.

ولكن في الوقت ذاته لابدَّ من وجودِ مُنتقدين لتلك الخطة، حيث يخشى خُبراء البيئة من أن يكون للمشروع أثرٌ سلبي على الحياة البريّة والنظم البيئيّة في مصبِّ نهر التايمز، ومن الواضح أنَّ المسؤولين في مطار هيثرو لا يؤيدون الخطّة.
تم اقتراحُ خطة مماثلة لِ سان دييغو في الولايات المتحدة، حيثُ أن المدينة بحاجة لمطارٍ أكبر ولكن ما من مساحة متوفّرة لتوسيع مطارَ سان دييغو الدولي، وهذه مشكلةٌ لأن المطار يحتوي على مدرجٍ واحدٍ فقط وهو أكثرُ مدارج المطارات ازدحامًا في البلاد.

وقد اقترحت شركتانِ حلًّا لمشكلة مطار سان دييغو عن طريق المطار العائم، حيثُ قدَّم أحدهم من شركة ” Float Inc” تصميمًا يعود لعام 1993 ( قبلَ جزيرة ميغافلوت ببضع سنوات)، وقد ناقش مسؤولو المدينة هذه الخطّة وتجاهلوها إلى حدٍّ كبير، حتّى رفضوا الاقتراحَ كُليًّا بعد عشر سنوات.

في حين قدّمت الشركة الأخرى والتي تُدعى ” Euphlotea” خطةً أطلقت عليها اسم (O-Plex 2020)، إذا ما بُنيَت فستكونُ مُنشأةً عائمة بأربعةِ طوابقٍ، ولا تشملُ المطار فقط وإنما مساحةً لمكاتب وفنادق وغيرها من الممتلكات، وسيكون للمطار المُقترح مدرجان ونظامٍ للسكك الحديدية الخفيفة تحت الماء لنقل المسافرين من وإلى المُنشأة (وفي اقتراحٍ بديل تم إدارج عبّاراتٍ عالية السرعة لنقل المسافرين).

ووفقًا لشركة ” Euphlotea”، فإنَّ التكلفة النهائيّة ستبلغُ 20 مليار دولار، وهذا مبلغٌ ضخم جدًا، ولكنَّ مُمثلي الشركة يدَّعونَ أن سان دييغو ستخسر 100 مليار دولار في نموّها الاقتصاديّ إذا لم تقم بتوسيع مطارها بحلول عام 2020م.

من الصعب أن تبدأ مثل هذه المشاريع الضخمة حتّى ولو تمَّ البناء على أرضيّةٍ صلبة، وقد لا نرى مطارًا رئيسيًا عائمًا، ولكن بما أنَّ مُشكلةَ التوسّع تُصبح أكثرَ إلحاحًا، سيكون لدينا فكرةً أفضل إذا ما قام أو غرق هذا المفهوم.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر