خلال الكسوف الكلّي القادم في 21 أغسطس سيرى ملايين البشر القمر أثناء مروره ببطئ أمام الشمس ليحجب ضوئها لكن يتوجب عليهم الحذر حتى لا يتسببون بأي ضرر لأعينهم.

من المؤكد أنك سمعت من قبل بأنه من غير الآمن النظر نحو الشمس، وأن مشاهدة الكسوف بدون حماية خاصة للعيون من الممكن أن تسبب العمى؛ وذلك لأن ضوء الشمس قوي لدرجة كفيلة بأن تحرق عينيك حرفيًا حتى خلال الكسوف بينما يكون جزء فقط من قرص الشمس ما يزال ظاهرًا.

إن مساحة صغيرة جدًا من هلال الشمس تظهر من خلف القمر تبعث ضوءًا كافيًا لصهر أو لذع العيون.

ويقول رالف شو (Ralph Chou) وهو أستاذ فخري في كلية علم البصريات في جامعة واترلو في كندا في حديث مع (Space.com): «شهدت بعض الحالات التي تسبب فيها النظر نحو الهلال بحروق في خلفية العين بحيث يمكننا تحديد المرحلة الذي تم النظر خلالها».

كيف تتعرض كرة العين لحروق شمسية:

يلحق ضوء الشمس الضرر بالعين وفق سلسلة من التفاعلات الكيميائية في الشبكية (الجزء الحساس للضوء في خلفية العين)، والتي تحتوي على نوعين من المستقبلات الضوئية: خلايا عصوية مسؤولة عن الرؤية في الظلام وخلايا مخروطية مسؤولة عن تمييز الألوان.

بإمكان موجات الضوء الشمسية الكثيفة أن تلحق الضرر وربما تدمر هذه الخلايا، ويعتمد هذه الضرر على أمرين: مدة النظر نحو الشمس بدون حماية، وموقع الشمس في السماء: فإذا كانت عمودية أو في منتصف السماء ستكون نسبة الضرر أكبر منها إذا كانت في وقت الشروق أو الغروب.

في الحالات الشديدة يمكن أنه تكون هذه الإصابات الضوئية في الشبكية ذات أضرار حرارية أو حروق بكل معنى الكلمة، والتي تدمر الخلايا العصوية والمخروطية في الشبكية.

وتحدث هذه الحروق بالنظر نحو الشمس بشكل متكرر بدون حماية أو لوقت طويل وحتى بلمحة سريعة عبر التلسكوب أو المنظار بدون فلاتر شمسية.

الغريزة مقابل قوة الإرادة:

قال شو: «لا ينظر جميع الناس إلى الشمس لوقت كافي ليتسبب بالعمى، لكن من المؤكد أن الخطر يتفاقم خلال الكسوف.

وأضاف: «في الظروف العادية يكون النظر نحو الشمس لوقتٍ كافٍ لإلحاق الضرر أصعب بسبب ما يسمى بـ (aversion reflex) رد الفعل الذي يدفع الإنسان للإشاحة بنظره فنحن نتعلم في وقت مبكر في حياتنا عدم النظر إلى شيء مشعّ إلى هذا الحدّ لأنه غير مريح، ولأننا لا نستطيع رؤية أي شيء.

والمشكلة في النظر إلى الشمس بينما هي في حالة كسوف جزئي هي معرفتك بالتغيّر الحاصل؛ مما سيدفع إرادتك لتجاوز ردّ الفعل وبالتالي استمرارك بالنظر بلا مبالاة».

ولجعل الأمور أسوأ، فإنه من الممكن النظر نحو الشمس مع إحساس بالراحة المطلقة بينما تكون مغطاة جزئيًا بواسطة القمر، وحتى بينما تكون مغطاة بالكامل فذلك الهلال المتبقي والصغير جدًا يبعث ما يكفي من الضوء لإلحاق الضرر بالعيون وتحديدًا الشبكية.

وقال شو أيضًا: «الأمر الذي يجعل العمى بسبب الكسوف أكثر خطورة بشكل خاص، هو أن الشخص الذي سينظر نحو الشمس لوقتٍ كافٍ لإلحاق الضرر لن يلاحظ أي أثر حتى صباح اليوم التالي.

لنفترض أنك نظرت إلى الشمس بعد الظهر، الخلايا سترهق أو تحمل زيادة فوق طاقتها، وحقيقةً ستبقى قادرة على العمل لبعض الوقت، لكن خلال الليل وبينما تكون نائمًا ستبدأ بفقدان وظيفتها وتموت وفقًا لحجم الضرر الذي ألحق بها، كما يشرح شو.

متى يكون النظر آمنًا؟

بينما يحجب القمر أشعة الشمس بالكامل وتبقى فقط الهالة فإنه من الآمن النظر بدون نظارات أو فلاتر أو أي حماية، وإذا كنت تخطط لرؤية كسوف كلي أو جزئي أو حلقي، عليك حتمًا استعمال حماية مناسبة إذا أردت الحفاظ على عينيك، وإلا فأنت تخاطر بالإصابة بالعمى.

لكن لا تنسَ أن تنزع النظارة في وقت الذروة، أي عندما تُحجب الشمس بنسبة 100% لأنك في هذه المرحلة لن تكون قادرًا على رؤية أي شيء من خلال النظارة.

ويقول خبراء مراقبة الكسوف أنه من الآمن نزع النظارة خلال ثانيتين أو ثلاث قبل وبعد الذروة أو ما يسمى (diamond ring) فخلال هذه المرحلة من الكسوف يشكل ضوء الشمس نقاطًا ضوئية تستمر لبضع ثوانٍ على حواف الحلقة.

نصائح السلامة الأخرى:

يقول شو: «إذا كنت سترصد الكسوف عبر تلسكوب أو منظار أو كاميرا، فمن الأفضل أن تتدرب على استعمال معداتك ولا تنتظر حتى لحظة الكسوف لتعرف كيفية إدخال وإزالة الفلاتر.

وبالنسبة للنظارات، فمن الأفضل التأكد من وضع الفلاتر أمام العيون مباشرة قبل النظر نحو الشمس، وبالنسبة للأولاد فيجب الإشراف عليهم أثناء التدرّب على استعمال الحماية المناسبة وخلال الكسوف».


  • ترجمة: أسامة ونوس
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر