تصنّع أغلب الأجهزة الذكية الحالية من السيليكون ومركبات أخرى ذات تكلفة مرتفعة ويسهل كسرها، إلا أن الشركات المصنعة التي سوّقت العام الماضي نحو 1,5 مليار هاتف ذكي حول العالم تسعى لتطوير مادة أكثر متانة وأقل تكلفة.

يعمل الدكتور «إلتون سانتوس» من كلية الرياضيات والفيزياء في جامعة كوينز، مع فريق مكوّن من نخبة من علماء جامعات ستانفورد وكاليفورنيا وولاية كاليفورنيا والمعهد الوطني لعلوم المواد في اليابان، لابتكار أجهزة ديناميكية هجينة خفيفة الوزن ومتينة ويسهل تصنيعها في محطات توليد الطاقة بمواد شبه موصلة على نطاق واسع، قادرة في الوقت ذاته على توصيل الكهرباء بسرعات لم يسبق لها مثيل.

توصل الفريق إلى أن دمج جزيئات «C60» شبه الموصلة للكهرباء مع مواد طبقية كالجرافين ومادة «hBN» يمكن أن ينتج مادة تقنية فريدة قد تحدث ثورة في مفهومنا للأجهزة الذكية.

يعود الفضل في فاعلية هذا المركب إلى مادة «hBN» التي تمنحه الاستقرار والتوافق الإلكتروني، فضلًا عن تأمين العزل التام للجرافين بينما تحوّل جزيئات «C60» ضوء الشمس إلى كهرباء.

لذا فإن أي جهاز ذكي يُصنع من هذا المركب سيستفيد من هذه المميزات الفريدة التي لا يمكن أن تتوفر في المواد بشكل طبيعي.

تتيح هذه العملية للمركبات إمكانية الاندماج معًا بطريقة محددة مسبقًا.

يوضح الدكتور سانتوس قائلًا: «تُظهر نتائجنا أن للمادة المعجزة الجديدة خصائص مادية مماثلة لتلك التي يمتلكها السيليكون، إلا أنها تتفوق عليه بخواص الاستقرار الكيميائي والخفة والمرونة.

لذا يمكن الاستفادة منها في صناعة الأجهزة الذكية لتصبح أقل عرضة للانكسار.

علاوة على أن استخدام هذه المادة في صناعة الأجهزة الذكية سيوفر من استهلاك الطاقة أيضًا، ما يؤدي بالتالي إلى إطالة عمر البطارية وتقليل تعرضها للصدمات الكهربائية.

تمكنا من جمع علماء من شتى أنحاء العالم، متخصصين في الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد للعمل معًا واستخدام المحاكاة للتنبؤ بكيفية عمل المواد عند دمجها، وبالتالي معرفة كيفية العمل عليها واستغلالها لحل المشاكل اليومية».

تنبأ الدكتور سانتوس بأن مثل هذا المركب من الجرافين ومواد شبه موصلة «hBN» وجزيء «C60» من الممكن أن يتمخض عن مادة صلبة ذات خصائص فيزيائية وكيميائية جديدة وملحوظة.

من ثم تناقش مع معاونيه، البروفيسور «أليكس زيتل» والدكتورة «كلوديا أوجيدا-أريستيزابال» من جامعة كاليفورنيا، حول النتائج التي توصل لها.

إذ لوحظ رابط قوي بين النظرية والتجارب التي أجريت أثناء المشروع.

قال دكتور سانتوس: «يعتبر هذا المشروع كالحلم لأي باحث، فالدقة التي حصلنا عليها في الاختبارات تطابقت بشكل ملحوظ مع توقعاتي، وهو أمر ليس شائع الحدوث.

فضلًا عن تقديم النموذج لافتراضات عديدة أثبتت تمامًا صحة ما اعتقدته».

نشرت نتائج هذه الدراسة في المجلة العلمية «ACS Nano»، ومن المتوقع أن تفتح آفاقًا واسعة لاكتشاف المزيد من المواد الجديدة.

إلا أن المعضلة الوحيدة التي ما زال يواجهها الفريق في أبحاثه، هي أن تركيبة الجرافين والمادة الجديدة تفتقر إلى «فجوة النطاق» التي تمثل مفتاح التشغيل والإطفاء في الأجهزة الكهربائية.

لذا انتقل فريق دكتور سانتوس إلى مواد شبه موصلة «TMDs» للبحث عن حل محتمل لهذه المعضلة، ويبدو أنها خيار مناسب باعتبارها مواد مستقرة كيميائيًا، وتنتج من مصادر كثيرة وتحتوي على فجوة النطاق بشكل ينافس السيليكون.

وأوضح قائلًا: «نحن نؤسس الآن للقالب الأساسي باستخدامنا للنتائج التي توصّلنا لها، لكننا نأمل بالمستقبل أن نضيف مميزات أخرى باستخدام مواد شبه موصلة «TMDs».

والآن بعد أن تخطينا عقبة فجوة النطاق، نحن على وشك ابتكار مقاوم حقيقي من أشباه الموصلات».


  • ترجمة: آلاء أبو شحوت
  • تدقيق: جعفر الجزيري
  • تحرير:رغدة عاصي
  • المصدر