المثليون وثنائيو الميول الجنسية هم الأكثر عرضة لمحاولات الانتحار والنجاح فيها.

ويبحث الرجال المثليون وثنائيو الميول الجنسية عن الرعاية الصحية النفسية أكثر من متغايري الميول، ومن المرجح أنهم يحاولون الانتحار وينجحون في محاولاتهم أكثر من المتغايرين.

وقد ارتفعت معدلات الانتحار في الولايات المتحدة لتسجل أعلى مستوى منذ حوالي 30 عامًا، وقابل هذا الارتفاع عند الرجال انحدارًا شديدًا عند النساء، إلا أنه ازداد وبشكل كبير بالنسبة للأمريكيين في منتصف العمر «وهم مجموعة من السكان التي بقي معدل الانتحار فيها ثابتًا منذ الخمسينيات».

غالبية الرجال مثليو الجنس أو ثنائيو الجنس يحافظون على صحتهم العقلية والنفسية بشكل جيد، ولكن مقارنة بغيرهم من الرجال الآخرين فهم عرضة وبشكل أكبر للإصابة بالمشاكل النفسية.

فقد وجدت مجموعة من الباحثين أن 12% من الرجال المثليين ثنائيي الميول الجنسية في المناطق الحضرية قد حاولوا الانتحار، بمعدل أعلى بثلاث مرات من المعدل الإجمالي للرجال الأمريكيين الذين حاولوا الانتحار.

وقد أفاد نصفهم بمحاولتهم الانتحار لعدة مرات.

والشيء المشترك الذي ميز جميع محاولات الانتحار الناجحة هو الشعور باليأس والعجز.

الانتحار في الحالات الصعبة:

وصف بعض الأطباء النفسيون هذا النوع من الانتحار في غياب الحالات النفسية التي يمكن تشخيصها طبيًا، بأنه عبارة عن ظروف تواجه الشخص ولا يستطيع أن يجد منفذًا أو مهربًا مقبولًا منها، كالخسارة المالية والزواج القسري.

فالقرارات التي تُتخذ في منتصف العمر قد تمثل مأزقًا بالنسبة للكثيرين، فالرجال الأكبر سنًا قد يشعرون بأنهم يُضحون بكل ما كانوا يقدرونه ويؤمنون به وبأنه لا يوجد أحد يستطيعون التحدث إليه بهذا الشأن.

فتقول (ويتني كارلسون- Whitney Carlson) طبيبة نفسية وأخصائية علم نفس الشيخوخة المقيمة في سياتل: «قد يقرر بعض الأفراد بأن هذا أقصى ما يمكن لهم الوصول إليه في حياتهم، والكثير منهم يكون عقلاني ودقيق في تقييمهم لأوضاعهم، فإذا كانوا محظوظين كفايةً فسيجدون شخصًا يساعدهم على اجتياز هذا الطريق الصعب في حياتهم، وبالنسبة للبعض الآخر فإن الانتحار لا يعتبر اكتئابًا بل قرار عقلاني وحسب».

وقد أجريت معظم البحوث عن الانتحار في السنوات الأخيرة على الشباب مع التركيز بشكل كبير على ظاهرة التنمّر ودورها في ذلك، ولكن نسبة قليلة جدًا من الأبحاث حاولت استكشاف الانتحار في عالم المثليين والرجال في منتصف العمر والعلاقة فيما بينها.

وهنالك العديد من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار بالنسبة للصحة النفسية للرجال البالغين من مثليي الجنس:

  • رهاب المثلية، الوصم بالعار والتمييز في المعاملة.
  • العزلة الاجتماعية.
  • انعدام الثقة في مقدمي الرعاية الصحية.
  • انخفاض الدخل.
  • إدمان الكحوليات وتعاطي المخدرات.
  • الإصابة بفايروس نقص المناعة البشرية المكتسبة.

كما ووجدت إحدى الدراسات بأن العمر الذي تتم فيه محاولات الانتحار الخطيرة من قبل الرجال المثليين/ثنائيي الميول الجنسية، قد تزامن مع الوقت الذي تحتم عليهم فيه أخذ قرارات مصيرية وهامة.

ومتى بدأ الشخص في التشكيك بميوله الجنسية لأول مرة فإن هذا النزاع يكون قد لعب دورًا أساسيًا في الفترة التي سبقت محاولة الانتحار.

وعند التوصل وتحقيق الأهداف في عمرٍ لاحق فإن أول محاولة انتحار لهؤلاء الرجال المثليين/ ثنائيي الميول، المتسائلين عن ميولهم تحدث في عمرٍ أكبر.

الحصول على مصادر الدعم الصحيحة:

معظم الرجال المثليين يمكنهم مواجهة الأمر إذا تمكنوا من الحصول على مصادر الدعم المناسبة، كالمعالجين الذين لديهم دراية كافية والذين تتوفر لديهم خبرات علاجية مناسبة، في حين أن استشارة المعالجين الذين يركزون على تغيير الميول الجنسية أو تشجيع إخفاءها غير مفيدة بل وأحيانًا تكون مضرة.

بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يسعون للحصول على المشورة من المستشارين الدينيين والذين يَعتبرون المثلية الجنسية خطيئة كبرى مُعرَّضون لمحاولة الانتحار بشكلٍ أكبر مقارنة بأولئك الذين يحصلون على الاستشارة من الجماعات الدينية.

وقد وجدت دراسة حديثة أن الالتزام الصارم بالقواعد الذكورية له العديد من الآثار السلبية التي تنعكس على نتائج الصحة النفسية وتضمنت: الاكتئاب، القلق، تعاطي المخدرات وتردّي شكل الجسم.

وأكثر ثلاثة خصائص ارتباطًا بضعف النتائج السابقة هي: الاعتماد على النفس، التسلط على المرأة والنشاط الجنسي غير الشرعي.

حيث يُعلَّم الصبيان بأن يعتمدوا على أنفسهم فقط وأن يتصرفوا كالرجال وألا يتجاوزوا هذه القاعدة، ولكن بالنسبة للرجال المثليين فإن هذا الأمر غالبًا ما يكون مصحوبًا بالإحساس بالخزي: أنا سيء لذلك لا أستحق المساعدة من أحد.

وهناك علاقة ثابتة بين العِرق والعوامل الاجتماعية والاقتصادية.

فالذين ينحدرون من أقلية عرقية أو يعيشون في ظروف فقيرة تكون نتائجهم أضعف وترتفع لديهم مخاطر محاولات الانتحار الناجحة.

كما أن العديد من التحديات التي تقود هؤلاء الرجال للانتحار غير قابلة للتغيير، ومع ظهور المزيد والمزيد من البشر في السنوات الأخيرة، فقد تغيرت مواقفهم تجاه المثلية الجنسية وإن لم يكن هذا التغيير بالتغيير الكبير.

ومن أهم التغيرات الضرورية التخلص من شرط الاعتماد على الذات وبناء شعور جديد بالذكورة.

الخروج من الحالة عبارة عن عملية:

وكما وصفت ويتني في كتابها: «وأخيراً في الخارج: التخلي عن الحياة كغيري الجنس»، إن الخروج من الحالة عبارة عن عملية وليس حدثًا، ولا يمكن للجميع الخروج في أي ظرف، فوجود مجموعة داعمة من العائلة والأصدقاء مهم جدًا، وفي حالة العائلات التي لا تتقبل الموضوع فمن الأساسي الحصول على عائلة من اختيارك، وقد ساهم الإنترنت في مساعدة الرجال المعزولين في المناطق الريفية أو في الثقافات المتحفظة ضد المثلية الجنسية، وسمح بحدوث مناقشات مجهولة بين أشخاص مجهولين فيما يتعلق بموضوع الجنس.

ويمكن الإشارة إلى إمكانية استخدام أدوية خاصة إذا كان هناك أرق كبير أو فشل في العمل في معظم مجالات حياة المرء.

كما قد تكون المشورة مفيدة ولكن يجب اختيارها بعناية.

فلن يقوم المعالِج الجيد بفرض قيمه على مستشاريه.

وكثيرًا ما يتخوَّف طالبو الرعاية النفسية من تصورهم لوجود خلل في التوازن في العلاقة الإرشادية، وبالتالي يجب مقابلة المعالِج لفهم مواقفهم والتدريب قبل الالتزام ببدء المعالجة.


  • ترجمة: علي حسن بيشاني.
  • تدقيق: هبة فارس.
  • تحرير: عيسى هزيم.

المصدر