العقل البشريّ أفضل بكثير مما نعتقد في مجال اكتشاف واجتناب الأمراض، هذا ما صرّحَت به دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد (Karolinska) في السويد.

ان حاستي البصر والشَّمّ لديك كافيتان لوحدهما لتنبيهك الى أنَّ شخصًا ما لديه مرض قبل أن ينتقل إليك، وهذه التنبيه يجعلُك تتصرّف بطريقة تتجنَّب بها الشخص المريض.

مع أنَّ الجهاز المناعيّ للإنسان فعَّال في مكافحة المرض، لكن لكونه يستلزم صرف كميّة ضخمة كبيرة من الطاقة، فاجتناب المرض جزء من غريزة البقاء التي نمتلكها.

يقول ماتس اولسون (Mats Olsson) البروفسور في قسم العلوم العصبيّة في معهد (Karolinska) أنَّ الدراسة بيَّنت حقيقة قدرة العقل البشريّ على اكتشاف المرض وتحفيز السلوك اجتناب الشخص المريض.

ومن خلال تجربة قام الباحثون بتنشيط الجهاز المناعيّ عند المشاركين من خلال حقن أجزاء جرثوميَّة غير مؤذية، فتطوَّرت لديهم الأعراض الاعتياديّة من المرض كالتعب والألم والحرارة لمدة 3 ساعات وخلال هذا الوقت أُخِذَت منهم عينات لروائحهم كما تمَّ التقاط صور لهم وتصويرهم بالفيديو، تبع ذلك اختفاء المادَّة المحقونة من جسمهم ومعها الأعراض.

في حين تمَّ تعريض مجموعة أخرى من المشاركين لهذه الروائح والصور، وطلب الباحثون منهم تقييم مدى إعجابهم بهؤلاء الأشخاص بينما تُقَاس أنشطة أدمغتهم بماسح (MRI).

كما طلبوا منهم أن يحدّدوا أيًّا من المشاركين يبدو مريضًا، وأيُّهم يعتبرونه جذابًا، وأيُّهم قد يفكّرون بالاختلاط معه، وذلك فقط من خلال النَّظر الى الصُّور.

يقول البروفسور اولسون: «أظهرت دراستنا فرقًا واضحًا فيما يتعلَّق بميل الأشخاص إلى مخالطة أو تفضيل الأشخاص السليمين صحّيًا عن أولئك المرضى، كما أنّنا نرى أنَّ الدّماغ بارع في إضافة إشارات ضعيفة من الأحاسيس المتعددة المتعلّقة بحالة الشخص الصّحيّة».

وهو يرى في ذلك تأكيدًا بيولوجيًّا للحجَّة التي يقول أصحابها أنّ البقاء بشكل طبيعيّ يستلزم تجنُّب العدوى.

ويتابع البروفسور: «تخبرنا الفطرة السليمة بأنّه يجب تواجد ذخيرة سلوكيَّة أساسيّة تساعد الجهاز المناعيّ».

على أيَّ حال، فإنَّ غريزة الاجتناب لا تحدث عندما تكون علاقتك قريبة بالشخص المريض، على سبيل المثال، وبغضّ النَّظر عن أولادك، فهناك عدد قليل من النّاس اللذين قد تقبّلهم عندما تجدهم مصابين بالزكام، أي بكلماتٍ أخرى، دلائل المرض قد تعزّز سلوك الاهتمام عندما يتعلَّق الأمر بالعلاقات المتينة.

ومع هذه الدراسة أثبتنا أنّ الدماغ حسّاس لهذه الإشارات بشكل أكبر ممّا كنّا نتصوَّر.


  • ترجمة: طارق برهوم
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر