دراسة أوروبية جديدة تُظهر أنّ الحياة باستطاعتها تحمّل ظروف التنقّل بين الكواكب

هل يُمكن للحياة أن تتحمل السقوط لكوكب الأرض من الفضاء الخارجي؟ حسنًا قد يبدو هذا الطرح و كأنه قصة من قصص الخيال العلمي، لكن التَّبَذر الشَّامِل أو “البانسبرميا – Panspermia”؛ تلك الفرضية التي تقترح أن الحياة يمكن لها أن تنتقل بصورة طبيعية بين الكواكب، تُعتبر فرضية جِدّية بين علماء الكواكب.

الاقتراح القائل بأنّ الحياة لم تنشأ على الأرض بل قدمت من مكانٍ آخر من الكون (من كوكب المريخ على سبيل المثال) هو أحد الصور المختلفة الممكنة لفرضية البانسبيرميا.

من المعلوم أن الكواكب و الأقمار تعرّضت لقصف عنيف و شديد بواسطة النيازك في وقتٍ مبكر من حياة النظام الشمسي.

و نتيجةً لهذة الاصطدامات تطايرت العديد من المواد من سطح تلك الكواكب و عادت للفضاء.

في كثير من الاحيان يتم ايجاد صخور مريخية على الأرض و هذا الامر مستمر إلى يومنا هذا، و لذلك فمن المعقول جدًا بأن أشكال بدائية و بسيطة من الحياة كالخمائر أو البكتريا قد حُملت عليها.

على الرغم من ذلك، لا تزال هناك أسئلة جدّية تواجه العلماء الداعمين لتلك الفرضية.

فهل يمكن حتى لأكثر أشكال الحياة قدرةً على التحمّل أن تنجو من تصادم يقوم بقذف الصخور إلى الفضاء؟ هل استطاعت العيش خلال درجات الحرارة المتجمدة و الإشعاعات القاتلة في الفضاء؟ و السؤال الأهم، كيف تستطيع الدخول إلى الغلاف الجوي و الارتطام بسطح الأرض دون ان تتعرض للموت؟

بحثٌ جديد قُدم في المؤتمر الأوروبي لعلوم الكواكب في UCL (كلية لندن الجامعية) بهدف الإجابة عن السؤال الأخير.

باستخدام عيّنات متجمدة من Nannochloropsis oculata و هي نوع من انواع الطحالب وحيدة الخلية التي تعيش في البحار، قامت دينا باسيني (من جامعة كينت) باختبار الظروف التي كان على الحياة البدائية تحمّلها إذا كانت فعلاً بحاجة للسفر خلال الفضاء، و باستخدام مسدس الغاز الخفيف القادر على تسريع الأجسام إلى سرعات عالية جدًا, قامت باسيني باطلاق كريات متجمدة من الطالحب إلى الماء، بعدها قامت بإجراء الفحوص اللازمة لمعرفة فيما إذا كان قد نجى أيٌ منها.

“و كما هو متوقع فإن زيادة سرعة الارتطام يزيد من نسبة الطالحب الميتة، لكن و حتى عند سرعة 6,93 كيلومتر في الثانية، فإن نسبة قليلة من الطالحب قد نجت.

و هذا النوع من سرعة التصادم سيكون ما تتوقعه أنت إذا قام نيزك بضرب كوكب مشابه للأرض.” كما تقول باسيني.

بالإضافة إلى النجاة من التجمّد و التصادم مثل تلك التي تحدث عندما يتم إخراج الصخور من الكواكب أو عندما تُضرب بها، فهناك أسباب جيدة للاعتقاد بأن المشكلات الأخرى التي تُواجه هذة الفرضية ليست مستعصية على الحل هي الاخرى.

فالجليد و الصخور من الممكن أن توفر الحماية اللازمة ضد الإشعاع، خصوصًا اإنْ كانت تلك الأحياء موجودة عميقًا في جسم النيزك. يبقى أمرٌ آخر و هو الحرارة الناتجة من دخول الغلاف الجوي، فهذة الحرارة لا تقوم إلا بتسخين الطبقة الخارجية الرقيقة من النيزك و التي تُعرف بـ” قشرة الأنصهار”.

هذا البحث يقترح أن فرضية التبذر الشامل، و التي هي بالتأكيد لم يتم إثباتها، إلا أنها ليست بالمستحيلة.

و تختتم باسيني: “بحثنا يُثير العديد من الأسئلة، فإذا وجدنا الحياة على كوكب اخر، فهل ستكون حقًا فضائية، أم انها ستكون ذات صلة بنا؟ و إذا كان الأمر كذلك، هل نحن من أتى منهم، أم هم من أتوا منّا؟ بالطبع لا يمكن لنا الاجابة على تلك الاسئلة الآن، و لكن هذة الاسئلة ليست بعيدة المنال كما يمكن للمرء أن يعتقد”.