نظريّة الألعاب:

هي فرع من الرياضيّات التطبيقيّة والتي توفّر أدواتٍ لتحليل الحالات لكل الأطراف، والذي يُطلق عليهم اسم اللاعبين، بالإضافة لاتخاذ القرارات المترابطة.

هذا الترابط يجعل كل لاعبٍ يفكّر في القرارت المحتملة للاعب الآخر، أو الاستراتيجيات، أو في صياغة استراتيجيته الخاصّة.

ويصفُ حلُّ اللعبة القرارات المُثلى للاعبين، الذين قد يكون لديهم مصالح متماثلة، معارِضة أو مُختلطة، بالإضافة للنتائج التي قد تُسفِر عن هذه القرارات.

وعلى الرغم من أنَّ نظريّة الألعاب يمكن أن تكون استُخدِمت لتحليل ألعاب الصالات، إلا أنَّ تطبيقاتها أوسعُ بكثير.

في الوقع، تم تطوير نظريّة الألعاب في الأصل من قبل عالِم الرياضيّات الأمريكي- المجَريّ (جون فون نيومان – John von Neumann) وزميله في جامعة برينستون الخبير الاقتصاديّ الأمريكي المولودٌ في ألمانيا (أوسكار مورجنسترن – Oskar Morgenstern) ، وذلك من أجل حلِ المشاكل الاقتصاديّة.

ففي كتابهم (نظريّة الألعاب والسلوك الاقتصاديّ – The Theory of Games and Economic Behavior) أكّدَ نيومان و مورجنسترن أنَّ الرياضيّات المتقدّمة للعلوم الفيزيائيّة، والتي تصف أعمال الطبيعة غير المحرّضة، كانت نموذجًا ضعيفًا للاقتصاد، وبالتالي يتطلّب نوعًا يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ اللعبة، حيث يتوقّع اللاعبون تحرُكاتِ بعضهم البعض، وبالتالي يتطلّب نوعًا جديدًا من الرياضيّات، والتي وصفوها بنظريّة الألعاب.

( قد تكون التسميّةُ إلى حدٍ ما خاطئة، فالنظريّة عمومًا لا تشتركُ في المتعة أو التفاهة الموجود في الألعاب).

وقد تم تطبيق نظرية الألعاب لمجموعة واسعة من الحالات التي تتفاعل فيها خيارات اللاعبين للتأثير على النتيجة.

وبالتأكيد على الجوانب الاستراتيجيّة لصنع القرار، أو الجوانب التي يسيطر عليها اللاعبون عوضًا عن الفرصة الصافية، فإن النظريّة تُكمّل النظريّة الكلاسيكيّة وتتجاوز من الاحتمال.

فقد استخدم على سبيل المثال، قوّة الناخب أو كتلة الناخبين وذلك لتحديد ما هي الإئتلافات السياسيّة أو تجمّعات الأعمال التي من المرجَّح أن تُشكّل، والسعر الأمثل لبيع المنتجات أو الخدمات في مواجهة المنافسة، وكتلة الناخبين هم الذين يختارون لجنة التحكيم، الموقع الأفضل لتأسيس الصناعات وسلوك بعض الحيوانات والنباتات في نِضالهم من أجل البقاء.

بل إنه قد استُخدِم بعض نُظم التصويت لتحدّي الشرعيّة.

سيكون من المستغرب أنَّ أي نظريّة واحدة يمكن لها أن تُعالج مثل هذا النطاق الهائل من الألعاب، في الواقع لا توجد نظريّة لعبة واحدة، وقد اقتُرِح عددٌ من النظريّات، كل منها ينطبق على حالاتٍ مختلفة ولكلٍ منها مفاهيمها الخاصّة لما يُشكّل حلًا.

توضَح هذه المقالة بعض الألعاب البسيطة، وتناقش نظريّات مختلفة وتحدد المبادئ التي تقوم عليها نظريّة الألعاب، ويتم التعامل مع المفاهيم والأساليب الإضافيّة التي يمكن استخدامها لتحليل وحلّ مشاكل القرار في تحسين المادّة.

تصنيف الألعاب:

يمكن تصنيف الألعاب وِفقًا لميّزاتٍ معيّنة هامّة، أكثرها وضوحًا هو عدد اللاعبين.

ولهذا يمكن أن تكون اللعبة مُحدَّدة لشخصٍ واحدٍ، أو اثنان، أو لأكثر من ذلك، ولكل فئة من الألعاب لها سماتها الخاصّة.

وبالإضافة لذلك، يجب ألّا يكون اللاعب فرديًّا؛ فقد يكون هنالك أمّة، شركة أو فريقًا يضمُّ العديد من الأشخاص الذين لديهم مصالح مُشتركة.

في الألعاب ذات المعلومات المثاليّة، كالشطرنج، فإنَّ كُلَ لاعبٍ يعلم كل شيءٍ عن اللعبة في جميع الأوقات.

ومن ناحيةٍ أخرى، لعبة البوكر فهي مثالٌ على اللعبة ذات المعلومات المنقوصة لأنَّ اللاعبين لا يعرِفون كُل بطاقات خصومِهم.

مدى تطابق أهداف اللاعبين أو تعارُضها هو أساسٌ آخر لتصنيف الألعاب.

فألعاب المجموع الثابت تُعتبَر من التناقض الكلّي، وتسمّى أيضًا بالمنافسة الخالصة.

كَـ لعبة البوكر على سبيل المثال هي لعبة المجموع المستمر لأن ثروة اللاعبين المشتركة تبقى ثابتة، بالرغم من أنَّ توزيعها يحوّل مسار اللعب.

تتعارض مصالح اللاعبين في ألعاب المجموع الثابت تمامًا، في حين أنَّ ألعاب المجموع المتغيّر قد يكون كلّهم فائزين أو كلّهم خاسرين.

ففي خلافٍ حول إدارة العمل على سبيل المثال، بالتأكيد سيكون هنالك مصالحٌ متضاربة لدى الطرفين، ولكن كِلاهما سيكونُ مستفيدًا إذا ما تمَّ اجتناب الإضراب.

يُمكن تمييز ألعاب المجموع المتغيّر بشكلٍ أكبر بأن تكون تعاونيّة أو غير تعاونيّة.

ففي الألعاب التعاونيّة يمكن للاعبين أن يتواصلوا فيما بينهم، والأهم من ذلك، تكون الإتفاقات المُبرمة مُلزمة؛ على عكس الألعاب غير التعاونيّة حيث من الممكن التواصل بين اللاعبين لكنّهم لا يستطيعون إبرامَ إتفاقاتٍ مُلزمة كعقودٍ قابلة للتنفيذ.

وإذا ما تمَّ الإتفاق على سعرٍ ووقّعوا عقدًا عندها سيشاركُ مندوبٌ لمبيع السيّارات و عُملاء محتملين في اللعبة التعاونيّة.

ومع ذلك، فإنَّ المُساومة التي يقومون بها للوصول إلى هذه النقطة ستكون غير تعاونيّة.

وبالمثل، عندما يقدّم الناس عروضَهم بشكلٍ مُستقلّ في المزاد، فإنّهم يلعبونَ لعبةً غيرَ تعاونيّة، وذلك بالرغم من أنّ المُشارك الذي يعرُض الثمن يوافِق على إتمام عمليّة الشراء.

أخيرًا، يُقال بأن اللعبة تكونُ محدودةً عندما يكون لكل لاعبٍ عدد محدود من الخيارات، وعدد محدود من اللاعبين، وأنَّ اللعبة لا يمكن أن تستمر إلى ما لانهاية.

ألعابٌ كالشطرنج، البوكر، الداما ومُعظم ألعاب الصالات تكون محدودة.

يمكن وصف اللعبة بواحدة من ثلاث طرق: بشكلٍ موسّع، عادي أو مُميّزة من حيث الوظيفة.

يتم الجمع بين هذه الأشكال في بعض الأحيان فمُعظم ألعاب الصالات والتي تسيرُ خطوةً بخطوة (خطوة واحدة في وقتٍ واحد) يمكن تصنيفها على أنّها شكلٌ موسّع من قِبل (شجرة اللعبة)، حيث كل بداية كل دور في اللعبة هو قمة الرأس من الشجرة مع كل فرع، مما يدل على خيارات اللاعبين المتعاقبة.

يُستخدم النموذج العادي (الإستراتيجي) في المقام الأول لوصف الألعاب ثنائيّة الأشخاص.

حيث يتم في هذا النموذج تمثيل لعبةٍ من مصفوفة المُكافئات، وكلُّ صفٍ من المصفوفة يصف استراتيجيّة لاعبٍ واحد في حين أن كل عمود يصف استراتيجيّة لاعبٍ آخر.

دخول المصفوفة عند تقاطع كل صف مع عمود يُعطي نتائج وكلَّ لاعب يختار الاستراتيجيّة المُقابلة، ومُكافآت كلِ لاعبٍ ترتبط بهذه النتيجة فهي الأساس لتحديد ما إذا كانت الإستراتيجيّات مستقرّةً أو في حالة توازن.

عادةً ما يُستخدم الشكل الوظيفيّ وذلك لتحليل ألعابٍ مع أكثر من لاعبين إثنين.

وهو ما يشير إلى القيمة الدنيا والتي يمكن لكل تحالفٍ من اللاعبين -أو حتّى لاعبٍ واحد -أن يضمن لنفسه عندما يلعب ضد تحالفٍ يتكوّن من جميع اللاعبين الآخرين.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: رغدة عاصي
  • المصدر