قد تكون النباتاتُ الإقليميّة قادرةً على تمييز أصوات المياه المتدفِّقة أو مضغِ الحشرات: بقلم «مارثا زاراسكا» في 17 أيّار عام 2017

ادّعتِ المزاعم العلميّة الزائفة على مدى عقودٍ أنَّ الموسيقى تساعد على نموِّ النباتات، على الرغم من هشاشة أفضل الأدلّة.

ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى قدرة بعض النباتات على استشعار الأصوات، مثلَ خريرِ الماء المتدفِّق عبر الأنبوب أو طنينِ الحشرات.

وفي دراسةٍ حديثةٍ، وضعت «مونيكا غاغليانو» -وهي عالمة الأحياء التطوّريّة في جامعة غرب أستراليا- وزملاؤها شتلاتِ البازلّاء في أوانٍ بشكل حرف Y مقلوبٍ رأسًا على عقب. وُضعتْ ذراعٌ واحدةٌ من كلِّ وعاءٍ إمّا في علبةٍ من الماء أو في أنبوبٍ بلاستيكيٍّ مُنحنٍ تتدفَّقُ المياه من خلاله، أمّا الذراع الأخرى فقد كانت تحوي ترابًا فقط. نمَتِ الجذورُ نحوَ ذراع الأنبوب المملوءةِ بالسّائل، بغضّ النظر عمّا إذا كان الوصول إليه سهلًا أو كان مخبَّأً داخلَ الأنبوب.

تقول «غاغليانو»: «لقد عرفَتْ أنَّ الماء كان موجودًا، بالرغم من أنَّ الشيءَ الوحيدَ الذي يمكنُ تمييزه هو صوتُ تدفُّقِه عبرَ الأنبوبِ».

ولكن عندما أُعطيتِ الشّتلاتُ حريّةَ الاختيار بين أنبوب المياه أو بعضِ التربةِ الرطبة، فضَّلتْ جذورُها الخيارَ الثاني.

تفترضُ «غاغليانو» أنَّ هذه النباتاتِ تستخدمُ الموجاتِ الصوتيّةَ للكشف عن المياه على مسافةٍ ما ولكن تتبعُ مدروجَ الرطوبةِ لتنمو على هدفها عندما يكون أقرب.

هذا البحث -الذي ذُكرَ في وقتٍ سابقٍ من هذا العام في «أويكولوجيا»- ليس أوَّلَ بحثٍ اقترح أنَّ تلك النباتاتِ يمكنها الكشفُ عن مثل هذه المعلومات وتفسيرُها.

وأظهرت دراسةٌ عام 2014 أنَّ نباتَ «روك كريس أرابيدوبسيس» -وهو أحد أقارب الملفوف- يمكنه التمييز بين أصوات مضغ يرقات الفَراشِ واهتزازات الرياح؛ فقد أنتج هذا النبات سمومًا كيميائيّةً أكثرَ بعد «سماع» تسجيلٍ لحشراتٍ وهي تتغذى.

يقول «هايدي أبل» وهو مؤلِّفُ الدراسة الرئيسيّ وعالم البيئة الحاليّ في جامعة «توليدو»: «نحن نميل إلى التقليل من شأن النباتات؛ لأنَّ استجاباتهم تكون عادةً أقلَّ وضوحًا بالنسبة لنا.
ولكنْ يبدو أنَّ الأوراقَ أصبحت كاشفاتِ اهتزازٍ حساسةً للغاية».

وهناك فكرةٌ أخرى، وهي أنَّ النباتات يمكن أن تسمعَ ما ينتجُ عن ظاهرة «التلقيح الطنَّان»، والتي أظهرت أنَّ طنينَ النحل بتردُّدٍ معيّنٍ يعمل كمُحفِّزٍ لإطلاق حبات الطَّلع.

وقد وجدت تجاربُ أخرى أنَّ الأصواتَ يمكن أن تسبِّيَ تغييراتٍ هرمونيّةٍ في النباتات وتؤثِّرَ على امتصاص الأكسجين وتغيِّرَ معدّلاتِ نموِّها.

كما أظهرت دراسةٌ نُشِرت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام أنَّ الموجاتِ الصوتيّةَ يمكن أن تؤثِّرَ حتّى على التعبير الجينيَ في نبات «أرابيدوبسيس».

ويعتقد «مايكل شونر» -وهو عالم الأحياء في جامعة «غرايفسفالد» في ألمانيا والذي لم يشاركْ في البحث الجديد- أنَّه قد يكون للنباتاتِ أعضاءٌ تستطيع أن تصوِّرَ الضوضاء.

ويقول: «يمكن أن تؤدّيَ الاهتزازاتُ الصوتيّةُ إلى استجابة النبات عن طريق مستقبلاتٍ ميكانيكيّةٍ يمكن أن تكونَ دقيقةً جدًّا أو ذاتَ بُنيةٍ شعريّةٍ أو أيَّ شيءٍ يمكن أن يلعبَ دورَ غشاءٍ».

يثيرُ هذا البحثُ تساؤلاتٍ حولَ ما إذا كان التلوُّث الصوتيُّ يؤثِّرُ على النباتات وكذلك الحيوانات، وتقدِّمُ «غاغليانو» ملاحظةً مفادُها: «يمكن أن تحصرَ الضوضاءُ قنواتِ المعلوماتِ بين النباتات عندما تحتاج إلى تحذير بعضها البعض من الحشرات على سبيل المثال».

لذلك؛ فكِّر بالزنابقِ الموجودةِ في حديقتك عندما تشغِّل منفاخَ الورق الصاخبَ أو مشذِّبَ الشجيراتِ في المرّة القادمة.


  • ترجمة: كمال الدين أحمد سعيد
  • تدقيق: اسماعيل اليازجي
  • تحرير: محمد سمور
  • المصدر