الشفق الناتج عن الانفجار العظيم في إشعاع الخلفية الكونية الميكروي يشير إلى وجود موجات جاذبية وفقًا لنتائج الفريق الذي يحلل البيانات من تلسكوب BICEP2.

موجات الجاذبية هي تموجات في نسيج الزمكان التي تنتشر كالموجات، تنتج من تفاعل الأجسام ذات الكتل الكبيرة مع بعضها البعض، وهي آخر تنبؤ تم التحقق منه في النظرية النسبية العامة لأينشتاين عند رصد موجات الجاذبية إثر تصادم ثقبين أسودين في 11 فبراير 2016.

اكتشاف موجات الجاذبية يقدم الدعم لنموذج التضخم Inflation model في علم الكونيات، حيث خضع الكون في فترة وجيزة لتوسعٍ هائل مباشرة بعد الانفجار العظيم، طالما أن نموذج التضخم وحده يمكن أن يضخم موجات الجاذبية من بداية الكون إلى النقطة التي تصبح فيها قابلة للاكتشاف، هذا هو أقوى إثبات حتى الآن لنظرية التضخم الكوني.

طبقًا لافتراضات العلماء بدأ التضخم الكوني بين 10-43 ثانية (أي خلال زمن بلانك من لحظة الانفجار العظيم نفسه) و10-35 ثانية واستمر لمدة زمنية بين 10-33 من الثانية و10-30 من الثانية بعد الانفجار العظيم.

وقد وضع الأفتراض عن مرحلة التضخم الكوني الأولية العالم الفلكي آلان غوث Alan Guth في عام 1981، كأحد الطرق لتفسير معضلتين في علم الكونيات – مشكلة الأفق Horizon والتسطيح Flatness.

عمر الكون لا يتجاوز 14 مليار سنة.

من موقعنا في مجرة درب التبانة، يمكننا أن نلاحظ مشهدًا كرويًا الذي هو الآن حوالي 92 مليار سنة ضوئية من جميع الاتجاهات.

ولكن هناك لغزًا، أينما نظرنا، الكون لديه نفس درجة الحرارة تقريبًا.

لذا تكمن مشكلة الأفق في أن مناطق الكون التي تفصلها مسافات شاسعة تمتلك خصائص مادية متطابقة مثل درجة الحرارة، حيث أن الكون المرئي الذي نراه حاليًا له نفس الخصائص ونفس البنية في جميع أجزائه.

ونظرًا لكون تبادل المعلومات محدد بسرعة الضوء فإن هذا ينبغي أن يكون مستحيلًا.

إذ أن المناطق على جوانب الكون المختلفة لم يكن فيما بينها اتصال خلال حياة الكون.

الكون ليس قديمًا بما فيه الكفاية لكي يقطع الضوء تلك المسافة الشاسعة من أحد جوانب الكون إلى الجانب الآخر، ولم يكن هناك ما يكفي من الوقت للبقع الساخنة والباردة المتناثرة أن تختلط في درجة حرارة واحدة.

على نطاق أصغر، تخيل استخدام تلسكوب للنظر على مسافة ميل في اتجاه واحد.

ترى فنجان قهوة، ومن خلال كمية البخار، يمكنك تقدير درجة حرارته.

وعندما تستدير وتنظر في الاتجاه الآخر ترى فنجان قهوة مماثل، في نفس درجة الحرارة بالضبط.

هل هذه مجرد صدفة؟ ربما.

ولكن إذا كنت ترى أكوابًا مماثلة في كل اتجاه، فسترغب في البحث عن تفسير آخر.

لم يكن هناك ما يكفي من الوقت لحمل فناجين القهوة من مكان إلى آخر قبل أن تبرد.

ولكن إذا كانت كل فناجين القهوة مملوءة بطريقة أو بأخرى من وعاء قهوة واحد، وكل ذلك في نفس الوقت، ربما سنحصل على درجة الحرارة ذاتها.

نظرية التضخم تحل هذه المشكلة التي تقترح بأن الكون توسع 100 تريليون تريليون مرة، في أقل من غمضة عين.

يقول مارك كاميونكوسكي Marc Kamionkowski من جامعة جونز هوبكنز، وهو خبير في بدايات الكون: «هذه إشارة من الكون المبكر جدًا، وترسل برقية مشفرة في موجات الجاذبية».

أما مشكلة التسطيح فهي تتعلق بعدم وجود تفسير لماذا يبدو الكون تقريبًا مسطح على نطاق واسع؟

لماذا يبدو أن كثافة المادة والطاقة مضبوطة بدقة عالية جدًا بحيث لم يكن الكون قد إنهار سريعًا على نفسه بعد وقت قصير من الانفجار العظيم ولم يتوسع بسرعة عالية لدرجة تمنع تشكل المجرات.

في نموذج التضخم يتبين أن التوسع السريع للغاية في بداية الكون ساهم في تسطيح أي تباين واسع النطاق في درجة الحرارة والكثافة خالقًا كونًا كبيرًا من كون أصغر بكثير كان فيما بينهم اتصال مسبق.

يفسر نموذج التضخم أيضًا أصول هيكل الكون واسع النطاق، فقبل التضخم تواجدت هنالك تموجات كمية في الكون المبكر جدًا ثم تضخمت إلى الحجم المجهري وأصبحت فيما بعد المواقع التي تشكلت فيها المجرات وعناقيد المجرات.

بعض النظريات تفترض نشأة أقطاب مغناطيسية منفردة في لحظة الانفجار العظيم، ولكن لم تثبت القياسات الحالية وجود تلك الأقطاب المغناطيسية المنفردة.

ولكن بافتراض أن التضخم الكوني قد تسبب في انخفاض كثافة الجسيمات لتلك الأقطاب سريعًا إلى درجة أصبح احتمال وجود تلك الأقطاب في الكون المرئي صغيرًا جدًا، وهذا ما يتوافق مع النتائج التجريبية.