إنّ من غرائب علم الفسلجة (علم وظائف الأعضاء) أنّ البشر لايستطيعون دغدغة أنفسهم.

تقترح دراساتٌ أنّ السبب ينبع من قدرة الدماغ على التنبؤ بالأحاسيس الصادرة من الحركات الخاصة بنا، وبذلك حذف عامل المفاجأة المطلوب لـ(دغدغة جيدة).

لكن جورج ڤان دورن (George Van Doorn)، عالم نفسي في جامعة الإتحاد (Federation University) في النمسا، أراد أن يعرف ما إذا كانت القدرة التنبؤية للدماغ تستطيع حقًا أن توضح لماذا لانستطيع أن ندغدغ أنفسنا.

السؤال فعلاً مهم، حيث أنّ الدغدغة يمكن لها أن تُعطينا فكرةً عن الطريقة التي يعالج الدماغ بها الأحاسيس، وتستطيع أيضاً أن تقوم بتعليمنا القليل عن الأمراض العقلية.

(الأشخاص المصابون بالفصام، مثلًا يستطيعون دغدغة أنفسهم لأسبابٍ غيرِ معروفةٍ).

يقول ڤان دورن (Van Doorn): “النظرية المهيمنة تقترح أيضاً أنه في حالات المفاجئة الشديدة، سيكون الشخص قادراً على دغدغة نفسه بنفسه.”

حيث تصبح قدرات الدماغ التنبؤية ضعيفة المستوى في تلك الحالات.

ولتحفيز ذلك في المختبر، أجرى ڤان دورن وزملاؤه تجربةً يجلس فيها المتطوع والمُختبِر على جانبين متقابلين من عود فيه فـوم (مادة رغوية) عند طرفاه.

كلا الشخصين يستطيعان تحريك العـود، بذلك تكون المادة الرغوية على تماسٍ خفيفٍ مع الكف الأيسر للشخصين.

سيرتدي المشاركون في الدراسة نظاراتٍ متصلةٍ بكاميرا على خوذة.

عندما يرتدي المـُخـتبـِر الخوذة، يصبح المشارك هو من يرى منظور المـُختـبـِر.

هذا الأمـر خلق مايسميه الباحثون “وهم تغيير الجسم” (body-swap illusion) عند المشاركين.

ڤان دورن موضحاً “شـعروا بأن أيديهم كأنها أيدي المُـختـبـِر” مما سمح للمشارك بمفاجأة نفسه.

“أنت تدغدغ نفسك، لكنك تشعـر وكأن شخصًا آخرًا هو من يقوم بذلك” يقول ڤان دورن: “طبقاً للتفكير الحالي، الأشخاص في هذا الموقف يجب أن يكونوا قادرين على دغدغة أنفسهم، لكننا اكتشفنا عكس ذلك”.

دغدغة النفس لم تكن موجودة في كل مرة، حتى عند إدراج التأخيـر البصري، للتأكـد من أنّ الدماغ لم يكن متكيّفاً مُسبقًا مع الخدعة، لم تحدث الدغدغة أيضًا.

“نتائجنا تتحدى النظرية المقبولة على نطاق واسع عن كيفية عمل الأدمغة” كما أضاف.

وهي أيضاً توفر الدليل الأول لدعم النظرية البديلة للدغدغة المسماة الإستدلال الفعلي (active inference)، والتي تقترح أن الدماغ ببساطة يعمل على تثبيط جميع المدخلات الحسية خلال أي حركة، بما في ذلك الدغدغة، لضمان التفاعل الأفضل مع الأحاسيس الخارجية الأخرى الجديدة.

يتطلب الأمر المزيد من الاختبارات لتحديد أيّ النظريتين ستضحك أخيـراً.


  • ترجمة: وميض علاء
  • تدقيق: عمرو خالد
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر