في نهاية ممر ترابي مظلم في منطقة الأمازون في بيرو، يقف هيكل دائري مع سقف من القشّ يبدو أنّه يتوهج من الداخل، يعرف هذا المكان بمعبد طريق الضوء.

هناكَ أحد المعالجين من السكان الأصليين يدعى أونانيا، يعلّم الزوار حول الاستخدامات العلاجية لشراب أياهواسكا (Ayahuasca)، وهوَ شراب الهلوسة الذي تمّ استخدامه من قبل السكّان المحليين لآلاف السنين.

عبرَ المحيط الأطلسي، يدرس الباحثون في مستشفى برشلونة في إسبانيا الآثار الجسدية للأياهواسكا على الدماغ.

كانَ الفريقان في موقعين متباعدين يدرس كلًّا منهما المخدّر بشكل مختلف جدًّا، لكنّ الباحثين في كلا الفريقين توصّلوا إلى استنتاجات متماثلة حولَ الطريقة التي يؤثر بها أياهواسكا على العقل.

ومن بين المتطوّعين الذين أخذوا أياهواسكا من أجل التجارب، وثّق العلماء ارتفاعًا في بعض السمات الرئيسية تُشابِه تلك الموجودة عند المتأمّلين ذوي الخبرة.

وتشمل هذه التغييرات زيادات في الانفتاح والتفاؤل، وقدرة قوية خاصة تعرف باسم عدم التمركز (Decentering).

تعاونت أماندا فيلدينغ (Amanda Feilding)، المؤسِّسة والمديرة لمؤسسة بيكلي غير الربحية في المملكة المتحدة مع العلماء في جميع أنحاء العالم، من أجل فهم كيفيّة تأثير المهلوسات على الدماغ.

حالة (عدم التمركز) كما وصفتها فيلدينغ هي القُدرة على المراقبة الموضوعيّة للأفكار والمشاعر دونَ ربطها بالهويّة.

حالة عدم التمركز قد تبدو مقتصرة على فئة معينة، لكنّها واحدة من الأهداف الرئيسية للتأمل، وهدف علاجات الاكتئاب الناجحة في بعض الحالات كذلك.

ونجد بعض المتطوعين الذين تعاطوا أياهواسكا كجزء من أبحاث بيكلي.

وارتبطت حالة عدم التمركز مع أعلى الدرجات في الاستبيانات المصممة لقياس الرأفة والسعادة، وانخفاض درجات قياس الاكتئاب أو القلق أو أعراض الحزن.

تقول فيلدينغ: «إنّهُ لمنَ المثير للاهتمام على الرغم من أنّ أبحاثنا في بيرو تستند إلى استطلاعات الرأي وتستند في برشلونة إلى أبحاث علمية أكثر تقليدية؛ إلا أن النتائج في كلا المكانين تظهر زيادة في هذه الصفات».

ويبدو أنّ المرضى قادرون في النهاية على تحرير أنفسهم من الألم العاطفي الذي يعانونَ منه منذ فترة طويلة.

للتفكير بهدوء في الأفكار والمشاعر بطريقة موضوعية من أجل أن تصبح أقل حكمًا وأكثرَ قبولًا للذات.

وبما أن النتائج من بيرو تستند إلى استطلاعات الرأي، فإنها لا يمكن أن تثبت أنَّ أياهواسكا يحدّ من أعراض الاكتئاب والحزن، فقط إنّ هناك علاقة بين الاثنين.

لكن في إسبانيا، كجزء من التعاون بين بيكلي ومستشفى سانت باو، يبحث طبيب الأعصاب جوردي ريبا (Jordi Riba) في نشاط دماغ متطوعي الاكتئاب الذين تم إعطاؤهم أياهواسكا، وتشير النتائج التي توصّل إليها إلى أن الناس ببساطة يبلّغون عن شعور الاكتئاب الذي يتبدد قليلًا بعد تناولهم أياهواسكا، وهناك تغيير عصبي أيضًا يقابلهُ في نشاط الدماغ.
إحدى الدراسات الصغيرة على 17 من المتطوعين المكتئبين الذين أخذوا (أياهواسكا) شهدَت انخفاضًا في نشاط المناطق من الدماغ التي تميل إلى أن تكون مثارة في ظروف معينة، مثل الاكتئاب والقلق.

وتشير دراسة جديدة لمستخدمي (أياهواسكا) بانتظام إلى حدوث تقلّص في هذه الأجزاء من الدماغ، على الرغم من أن هذا العمل لم ينشر بعد.
وتعزّز هذه النتائج من قِبل بحوث أخرى حول الآثار العلاجية المحتملة من المخدّر.

وتشير الدراسات التي أجريت من جامعة نيويورك وجونز هوبكنز إلى أن السيلوسيبين (psilocybin) المهلوس الموجود في الفطر السحري له تأثيرات مماثلة بين مرضى الاكتئاب.

يقول كلارك مارتن (Clark Martin) وهو مريض شارك في إحدى هذه الاختبارات: «مع مخدّر سيلوسيبين (psilocybin)، يمكنك الحصول على شعور كبير بالامتنان -إنّه خارج الزمن- من مجرّد كونكَ موجودًا، وشاهدًا على الحياة والمغامرة، وكلّ ما يحيط بك»

يعمل ديفيد نوت (David Nutt) مدير وحدة علم الأعصاب النفسية في كلية إمبريال كوليدج في لندن مع فيلدينغ، ويقول: «إن أدمغة الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو الإدمان، محاصرة في أنماط التفكير التي يقودها مركز السيطرة على الدماغ»، ويقول أيضًا: «تعرقل المهلوسات هذه العملية، لذا يتمكن الأشخاص من الفرار».


ترجمة: محمد الموشي
تدقيق: لؤي حاج يوسف

المصدر