الألمنيوم كعنصر مفيدٌ جداً لنا نحن البشر ،فبدون هذا المعدن الخفيف لكان وضع الطيران و الطائرات مختلفاً عمّا هو عليه اليوم كما يستخدم الألمنيوم في مجالاتٍ عدّة من صناعة السيارات إلى آلات تنقية المياه فهو أحد أكثر المعادن المستخدم في التقانة.

لكن مؤخراً ثارت شكوكٌ حول مدى سلامة استخدام الألمنيوم بالنسبة لصحة الإنسان ،حيث يمكن أن يكون له دورٌ في الإصابة بسرطان الثدي و الزهايمر.

و في هذه المقالة سنعالج خمسة أسئلة من أكثر الأسئلة شيوعاً حول الموضوع.

كيف يدخل الألمنيوم إلى أجسامنا؟

المصدر الرئيس للألمنيوم في أجسامها هو الطعام ، الألمنيوم هو أحد أكثر العناصر الموجودة في القشرة الأرضية و لهذا يوجد الألمنيوم بكميات لا بأس بها في أغلب المواد الغذائية خصوصاً في الأعشاب المجففة و الجذور بنسبة 145 ميكروغرام من الألمنيوم في كل غرام منها.

كما يوجد الألمنيوم في منتجات الشوكولا بمعدل 33 ميكروغرام في كل غرام ، لكن من هذه الكميات الموجودة في الطعام لا يأخذ الإنسان أكثر 1% على شكل جرعات و عليه فأنّ جزءاً صغيراً فقط من الألمنيوم الموجود في الغذاء يصل إلى جسمنا مباشرةً.

بالإضافة للمواد الغذائية نحصل نحن على الألمنيوم من ماء الشرب كما تؤخذ كميات كبيرة من الألمنيوم من خلال الأدوية.

عند الحديث عن الالمنيوم في الجسم تُذكر مزيلات العرق كأحد مصادره! فهي تحوي مركبات الالمنيوم مثل كلوريد الألمنيوم و هيدروكسيدات كلوريد الألمنيوم المنحلة في الماء.

و مزيلات العرق تشّكل سدادة في الغدد العرقية و هكذا لا يتبقى للعرق منفذاً ينفذ منه إلى الخارج بل بدلاً من ذلك تمتص جدران الغدد العرقية هذا السائل المتراكم و بهذه الطريقة يدخل قسم من الألمنيوم إلى الجسم.

كم من الألمنيوم يدخل جسمنا يومياً؟

تختلف كمية الألمنيوم التي يتناولها الإنسان يومياً بحسب البلد و النظام الغذائي.

بحسب دراسة لمكتب الأمن الغذائي الأوروبي EFSA ، فكمية الألمنيوم المُتناولة تتراوح من 1 إلى 15 ميليغرام يومياً.

حيث يتناول البالغون تقريباً 0,2 ميليغرام من الألمنيوم لكل كيلوغرام من وزنهم يومياً ، الأطفال و الرُضع 0,35 ميليغرام لكل كيلوغرام من وزنهم يومياً.

و بحسب الدراسة أيضاً فإن كمية الألمنيوم غير المؤذية للصحة تقدر بـ 0,143 ميليغرام لكل كيلوغرام من الوزن يومياً ، و هذا يعني أن قسماً كبيراً من البشر يتجاوزون الحد المسموح لكمية الألمنيوم التي يحصلون عليها عبر الغذاء.

رغم ذلك فإن الكمية السامة و القاتلة تتراوح 50 إلى 100 ميليغرام من الألمنيوم لكل كيلوغرام من وزن الشخص يومياً.

يوجد الألمنيوم أيضاً في مياه الشرب بشكل طبيعي ، كما تضاف أملاح الألمنيوم إلى المياه ضمن عميلة تنقيتها لإزالة الشوائب العضوية.

شير دراسات أمريكية ، أن عمليات تنقية المياه لا تغير كثيراً في كمية الألمنيوم في الماء و أنّه عن طريق مياه الشرب يحصل جسمنا على كمية أقل من الكمية التي نحصل عبر المواد الغذائية.

الأشخاص المتعاطون لبعض أنواع الأدوية أو العاملون في بعض مجالات العمل تمتص أجسامهم كمية من الألمنيوم.

فبحسب EFSA يدخل جسم بعض العاملين في معامل صناعات الألمنيوم حتى 40 ميليغرام من الألمنيوم يومياً و بعض الأدوية تحتوي هيدروكسيد الألمنيوم مثل Antacida (الأدوية التي تعدّل حموضة المعدة) و عن طريقها يمكن الإنسان أن يأخذ ما يقارب غرام إلى غرامين من الألمنيوم في اليوم.

و كما ذكرنا سابقاً فمزيلات العرف تحوي الألمنيوم و يمكن للألمنيوم أن ينفذ عبر البشرة السليمة بنسبة 0.5% بينما ترتفع هذه النسبة إلى 18% عبر الجلد المصاب المجروح.

و يمكن للجسم البشري أن يأخذ قرابة 0.143 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزننا في اليوم ما يعني أن مزيل عرق يحوي الألمنيوم قد يزود وحده أجسامنا بالجرعة اليومية من الألمنيوم.

أين يتجمع الألمنيوم في الجسم و كم يبقى داخل جسمنا؟

لا يوجد جواب مطلق على هذا السؤال ، بمجرد دخول الألمنيوم إلى الجسم يتوزع على الأنسجة المختلفة بنسب متراوحة.

تقريباً نصف الكمية تتركز في العظام و الربع في الرئة كما يصل الألمنيوم إلى الدماغ عبر السائل الدماغي الشوكي.

و يرتفع مستوى الألمنيوم في أنسجة الجسم مع التقدم بالعمر و أظهرت التجارب على الحيونات أن نسبة أكبر من الألمنيوم تصل الدماغ عند نقص الكالسيوم و الحديد في الجسم.

هذا التوزيع المختلف للألمنيوم على أنسجة الجسم المتعددة يؤثر بشكل مباشر على مدة بقاء الألمنيوم في الجسم و لهذا تتراوح فترات بقاء الألمنيوم في الجسم ، تُظهر الدراسات قصيرة الأمد حول هذا الموضوع أنّ 60% من الألمنيوم يُطرح خارجاً في غضون يوم واحد.

كما راقب علماء كمية الألمنيوم في دماغ الفئران في دراسات طويلة الأمد ، تطلب الأمر أربع سنين و نصف حتى اختفى الألمنيوم من دماغ الفئران.

هل يسبب الألمنيوم ألزهايمر؟

على الأقل من المعروف أنّ هناك حالة من مرض الخرف تعود أسبابها إلى الألمنيوم ،لكنها تصيب مجموعة محددة من الأشخاص وتسمى الحالة بالاعتلال الدماغي الديالي dialysis encephalopathy.

و هي تصيب الأشخاص المعتمدين على غسيل الكلى نتيجة الفشل الكلوي ، حيث يمتص الجسم الألمنيوم الموجود في سائل الغسيل الكلوي بكميات كبيرة.

احتوى سائل الغسيل الكلوي لفترة طويلة على كميات كبيرة من الألمنيوم لامتصاص الفوسفات الفائض من الجسم ،و بهذه الطريقة يصل قسمٌ من الألمنيوم إلى الدم و منه إلى سائر الجسم و لهذا السبب كان دماغ مرضى الكلى يتضرر إلى حد الإصابة بالخرف.

سبب ذلك لم يتم توضيحه بدقة حتى اليوم ، لكن فرضية تقترح أنّ السبب هو قيام الألمنيوم بإحداث فوضى في تركيز الكالسيوم في الخلايا العصبية.

لكن هذه الفرضية لا تقطع الشك باليقين و مع ذلك لم تعد سوائل غسيل الكلى تحوي أملاح الألمنيوم.

رغم أنّ قدرة الألمنيوم على الإضرار بالدماغ مُثبتة ،لكن هذه الأضرار لا تحدث بحسب العديد من الباحثين إلّا في شروطٍ شديدةٍ و ليس من خلال الكميات التي نتناولها أو يمتصها جلدنا.

الفكرة الشائعة عن وجود رابط بين الألمنيوم و الإصابة بالزهايمر ناتجةٌ أولاً عن التأثير السّمي المعروف للألمنيوم على الخلايا العصبية و ثانياً بسبب التركيز المرتفع للألمنيوم في دماغ المصابين بالزهايمر و في حزم بروتين تاو Tau protein لديهم.

رغم ذلك فإن الدراسات لم تجد أي أدلة على علاقة تناول الألمنيوم و الزهايمر و لهذا يعتبر الكثير من العلماء الفرضية السابقة غير صالحة.

فزيادة تركيز الألمنيوم هو على الأرجح أحد أعراض الزهايمر لا الأسباب و هي ناتجة ربما عن تقلص الدماغ و انكماشه بسبب الألزهايمر.

و هذه النقطة تحتاج لمزيد من البحث بحسب الخبراء.

هل يسبب الألمنيوم السرطان؟

الاعتقاد بأن الألمنيوم له علاقة بالإصابة بسرطان الثدي هو بسبب ملاحظة أنّ سرطان الثدي غالباً ما يحدث في الجزء الخارجي من الثدي أي بالقرب من الإبط حيث تُستعمل بكثرة مزيلات العرق الحاوية على الألمنيوم ، و عليه ظهر الاستنتاج القائل بأن الالمنيوم يسبب سرطان الثدي.

و هذا الاعتقاد قائمٌ على أمرين : الأول ، الفرضية التي تقول أن مزيلات العرق تمنع الجسم من طرح المواد السّامة عن طريقق العرق و أنّه يُعاد امتصاصها من قبل الأنسجة ،لكن الحقيقة هي أنّ العرق مؤلف بشكل كبير من الماء و الملح و البروتينات.

أما الأمر الثاني فهو اعتقاد الباحثين بأنّ التأثير السّمي للألمنيوم هو ما يسبب سرطان الثدي.َ

تُظهر الدراسات حتى الآن خلاف هذا الاعتقاد ، ففي دراستين تعودان إلى العامين 2002 و 2006 لم يجد الباحثون أيَّ رابطٍ بين سرطان الثدي و مزيلات العرق ، بينما وجدت دراسةٌ أُقيمت عام 2003 علاقة الألمنيوم و سرطان الثدي لكن بنسب ضئيلة.

حتى وقتنا الحالي تبدو علاقة الألمنيوم بالإصابة بسرطان الثدي غير محتملة و إن وُجدت فبنسبٍ ضئيلةٍ لا تُذكر.

على أية حال لم يقل العلم كلمة الفصل الأخيرة في هذا الموضوع حتى الآن.


  • ترجمة:راوان خاشوق.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر