ميل أربطة حذائك لأن تنحل من تلقاء نفسها بشكل عجيب يمثل شعورًا بالضيق مألوفًا لنا جميعًا، لكن يعتقد العلماء الآن أنّهم اكتشفوا الحل العلميّ لهذا اللغز: ويتلخص الأمر في حركة القدم الاندفاعية وصدمها الأرض.

في الواقع، تكشف الدراسة الجديدة عن انحلال رباط الحذاء، أنّ القوى المؤثرة على رباط الحذاء مُحكم الربط يمكن أن تكون أكبر من القوى التي يشعر بها الأشخاص وهم على متن أصعب قطار ملاهي (قطار الموت – Rollercoaster) – لذلك فإنّه من المنطقي أن تميل الأربطة للانزلاق عن بعضها.

لفهم لغز أربطة الحذاء المفكوكة بشكل أكبر، قام العلماء بدراسة حركة عدّاء على جهاز للسير وقدم اصطناعية مُبرمجة على أن ترتفع وتحُط على الأرض كما تفعل اقدامنا.

اكتشفوا أنّ هناك مجموعة من القوى المؤثرة على الأطراف الحرة من رباط الحذاء تعمل تدريجيًا على فك العقدة القوية في المنتصف – حتى رغم تركيز اهتمامك على عقدها بقوّة – وبمجرد أن تبدأ عملية الفك هذه، لا يمكن إيقافها.

أخبر (أوليفر و. رايلي-Oliver O’Reilly)، أحد أفراد فريق البحث، هانا ديفلين من صحيفة (The Guardian): «إنّه أمر غير مُتوقَع لكن عندما يحدث، ما هي إلّا خطوتين أو ثلاثة و يتحول الأمر لكارثة لا توجد طريقة لتفاديها».

اكتشف الباحثون من خلال ملاحظاتهم، أنّه عندما نقوم بجولة هرولة حول الحيّ أو الجري سريعًا للحاق بالحافلة، تضرب أقدامنا الأرض بقوة تفوق 7 أضعاف قوة الجاذبية.

يجعل هذا الأمر، الأطراف الحرة لأربطة الحذاء تلتف حول نفسها – لكن ما يحدث في الحقيقة هو أنّ الأربطة تتمدد ثم ترتخي مرة أخرى أثناء الجري أو السير.

بينما ترتفع الساق لأعلى مرة أخرى، تُمسِك قوة القصور الذاتي بالأربطة عكس هذه الحركة، وتسحبها للأطراف حتى نهاية الخيوط.

تجعل حركة القدم التي تحط على الأرض وحركة الارتقاء، العقدة تنحل، وقبل أن تدرك الأمر، فإنّك تحاول ألّا تتعثر بقدمك وتقع.

بمعنى آخر، تشد قوى الجاذبية والحركة أطراف رباط الحذاء تمامًا كما تفعل أيدينا.

اكتشف الباحثون أنّ السير على الأرض بشكل ثابت، أو تأرجح ساق من على كرسي لم يكن له نفس التأثير، لذا فإنّ الجري أو السير، ومجموعة معينة من القوى هي التي تبدو السبب الرئيسي لذلك.

نظرت الدراسة أيضًا إلى الاختلافات بين ما يُسمى (عقدة الجدة – Granny Knot) و (العقدة المربعة – Square Knot)، مكتشفين أنّ العقدة المربعة فشلت فقط في نصف المرات أثناء الاختبارات بينما فشلت عقدة الجدة باستمرار.

طبقًا للمعطيات يبدو أنّ (العقدة المربعة – Square Knot) مقاوِمة أكثر للقوة التي تضرب بها أقدامنا الأرض – لكن الفريق مازال غير متأكد بالضبط ما هو السبب.

يقول الباحثون أنّه يمكننا تعلم الكثير من هذه الدراسة، بجانب كم مرة يجب علينا إعادة ربط أحذيتنا: حيث يمكنها أن تُعَمِّق فهمنا لكل أنواع العُقد المهمة، من ميكانيكا الكم وصولًا إلى (الحمض النووي – DNA).

يقول (كريستوفر دايلي دايموند- Christopher Daily)، فرد آخر من الباحثين: «عندما نتحدث عن البنيات المعقدة، إذا بدأت في فهم رباط الحذاء، حينها يمكنك تطبيق ذلك على أشياء أخرى مثل الحمض النووي و البنيات المجهرية، التي تفشل تحت تأثير القوى الديناميكية».

ويضيف: «إنّها الخطوة الأولى ناحية فهم لماذا تُعَد عُقَد معينة أفضل من غيرها، الشيء الذي لم يتمكن أحد من فعله حقًا».

نُشر البحث في صحيفة Proceedings of the Royal Society A (A هو القسم المختص بنشر الأبحاث المتعلقة بالعلوم الفيزيائية).


  • ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر