عقب فترة وجيزة من إطلاق اللعبة ذائعة الصيت «بوكيمون غو» في تموز/يوليو 2016، أجرى باحثون إعلاميون من جامعة «Wisconsin-Madison» دراسةً نُشِرت في دورية بحثية لعلم نفس الوسائط، تُفيد بأن مستخدمي تلك اللعبة أظهروا ميلًا للإيجابية واللطف والنشاط البدني.

وعبَّر (جيمس أليكس بونس- James Alex Bonus)، خريج من نفس الجامعة ودارس للإعلام التربوي بها والقائم على الدراسة، قائلًا: «كنت من ضمن الأعداد الهائلة التي تقضي وقتًا حافلًا مع تلك اللعبة عند إطلاقها، لكن ما أثار دهشتي صخب التغطية الإعلامية حولها، فقد كانت التغطية تنقل صورةً سلبيةً عن ممارسي اللعبة بتقديمهم كأشخاص شاردي الأذهان، يركضون باتجاه الأشجار، أو يندفعون بقوة شرودهم عبر الطرقات».

كما أضاف: «لكن لابد أن مَنْ نقل تلك الانطباعات قد رأى بنفسه أناسًا قضوا وقتًا ممتعًا بالخارج».

وبحسب ما قاله مصمم لعبة بوكيمون غو أنه يوجد حول العالم حوالي 65 مليون مستخدم ثابت للعبة، وأكثر من 650 تحميل لها، وحتى في بواكير إطلاق اللعبة كان اللاعبون يصطادون كائنات البوكيمون الثمينة والطليقة في أماكن عدة كالمنتزهات والمباني العامة ويقتادونها إلى معارك ضد خصومهم الذين يلتقون بهم على الأرصفة.

من ضمن العينة المنتقاة في البحث الذي أجراه بونس ومعاونته الطالبة في السنة الأخيرة بنفس الجامعة (آلانا بيبلز- Alanna Peebles)، ظهر جليًا أثر الألعاب المحاكية للواقع على مستخدميها، فكانت بوكيمون غو من الألعاب ذات السطوة التي تفرض قواعد العالم الافتراضي على عالم الواقع بقوة.

ويقول بونس: «هناك فكرة سائدة حول وجود تلك الألعاب على هاتفك بأنها تُعرِّضك للعزلة الاجتماعية واللامبالاة تجاه الأشياء، ولكن لم تكن هناك فرص كافية للالتقاء بأعداد وافرة من فئات الاستطلاع «اللاعبين» لتقصي حقيقة تلك الفكرة.

ومن ضمن القائمين على الدراسة أيضًا (إيرين سارمينتو- Irene Sarmiento) طالبة في السنة الأخيرة بالجامعة، والبروفيسور (ماري لويز مارس- Marie-Louise Mares) أستاذة لفنون التواصل، وقد أجروا استطلاعًا وسط عينة من 400 شخص عقب ممارستهم للعبة بثلاثة أسابيع، وتمحورت أسئلة الاستطلاع حول الحياة الاجتماعية والعاطفية ومستوى النشاط البدني للأشخاص قبل ممارستهم للعبة.

وكانت أكثر من 40 % من الإجابات تُفيد بأن ممارسي اللعبة أصبحوا أكثر ميلًا لممارسة الرياضة والسير برشاقة، فضلًا عن اكتساب المشاعر الإيجابية وما تثيره اللعبة من شجن وحنين نحو الماضي الذي ظهرت فيه كمسلسل كرتوني.

ويُعلِّق بونس عن عينة الاستطلاع قائلًا: «إن أهم ما كان شائعًا بين أفراد العينة هو أنهم تحدثوا عن مُعززات إيجابية في حياة كل منهم، وأنهم أضحوا أكثر رضا عن حياتهم. كما أن اللعبة قد أضفت على مسلكهم في العيش درجة من المرونة، فضلًا عن كونهم أكثر اجتماعية من أقرانهم الغير ممارسين لتلك اللعبة، بالإضافة لزيادة رغبتهم في إنشاء صداقات جديدة وتعميقها».

وأكمل قائلًا: «فكلما انخرط ممارسو تلك اللعبة أكثر في ممارستها كلما نما لديهم السلوك الذي يُعزز التواصل مع الاّخرين (كبناء صداقات على الفيس بوك)، وتقديم أنفسهم لشخص جديد، وتبادل أرقام الهواتف للتعارف، أو قضاء أوقات مع أصدقاء قدامى ومعرفة ما استجد في عالمهم».

ويضيف: «والمثير للدهشة في تلك الدراسة، وهي أن المصابين بالرُهاب الاجتماعي لم يكونوا أقل انخراطًا في اللعبة من أقرانهم الأكثر اجتماعية على الرغم من أن مضمون اللعبة يُعزز الاحتكاك والتفاعل مع الاّخرين طوال الوقت».

ونتائج كتلك الواردة في الدراسة تقلب الطاولة على الرأي السائد والتوقعات المُجهَّزة سلفًا لدى معظم الباحثين عن الانخراط في الألعاب، مما دفع بونس بجدية لإيجاد طرق مبتكرة للتقصي الإعلامي.

فيُعلِّق بونس على ذلك قائلًا: «نحن لا ننظر إلى الإعلام بالطريقة التي ينبغي النظر بها إليه، فنُصب تركيزنا على الإعلام العنيف والعدائي، لكن هناك العديد من الفرص التي يخلقها الإعلام ليُساهم في تحسين مستوى الحياة».


ترجمة: عمار عزيز
تدقيق: هبة فارس
تحرير: محمد سمور
المصدر