أطلقت الولايات المتحدة هذا الأسبوع تسعة وخمسين صاروخًا مستهدفةً قاعدة جوية في سوريا، ولكن كيف تعمل هذه الصواريخ؟ وكيف استطاعت أن تصيب الموقع بدقة رغم عدم وجود أي طيّار بالقرب منها؟

طويلة المدى، سريعة الانتشار

قال توماس كاراكو (Thomas Karako) أحد الزملاء في برنامج الأمان العالمي أنه قد اسُتخدمت صواريخ توماهوك الجوالة لأول مرة في عاصفة الصحراء (حرب الخليج الثانية) عام 1991، وأصبحت موضع اختيار شائع في عدد من الصراعات، أحدثها في الهجمات ضد ليبيا عام 2011.

ووفقًا للقوات البحرية الأمريكية فإن الميزة الأساسية في هذه الصواريخ هي مداها، تستطيع بعض أصناف الأسلحة أن تسافر مسافة 1350 ميلًا بحريًا (وهو وحدة مستخدمة لقياس المسافة في البحر)، أو ما يعادل 1550 ميلًا أو 2500 كيلومتر.

قال كاراكو لموقع Live Science)):

«تمتلك هذه الصواريخ أرجلًا طويلة نسبيًا.

وبالرغم من أنها لا تمتلك نفس سرعة غيرها من الصواريخ، إلا أن مداها طويل نسبيًا.

يوجد دائمًا مجال جوي محميّ، وليس الهدف هو وضع الطائر في طرق الخطر، وهذا ما يتطلب قدرات ذات طول مدى أكبر».

وأضاف كاراكو أنه في هذه الحالة المدى الطويل هو ما سمح للصواريخ بأن تُطلق من سفينة في البحر الأبيض المتوسط، وهذا أمر طبيعي، نظرًا لأنها محمولة على غواصات أو سفن.

وقال كريس هارمر (Chris Harmer) المحلل البحري في مشروع حماية الشرق الأوسط بمعهد دراسة الحروب:

«من الممكن أن تنتشر هذه الصواريخ بسرعة كبيرة.

أنت ترسل بريدًا إلكترونيًا إلى السفن تقول فيها:

أرسل هذه الأهداف. ثم تضغط على زر فتنطلق. أما في الطائرات التي تحوي أشخاصًا، هناك عملية تخطيط أكثر طولًا».

قيادة متطورة

تستخدم الصواريخ من أجل التنقّل مطابقة مشاهد رقمية وكذلك نظام المواقع العالمي (GPS) لتحدد أهدافها مع أفضل دقة ممكنة.

تأخد مطابقة المشاهد الرقمية صورًا مُلتقطة من قبل الصاروخ نفسه أثناء طيرانه باتجاه الموقع وتطابقها مع صور أخرى مأخوذة ما قبل الإقلاع خلال التخطيط للمهمة.

أما الجانب الآخر من عملية توجيه هذه النظام فهو أداة تُدعى مطابقة خطوط التضاريس.

تقارن هذه الأداة صورًا من خريطة لحدود التضاريس موجودة سابقًا مع القياسات التي يأخذها مقياس الارتفاع الموجود في الرادار الخاص بالصاروخ.

ويستطيع النظام بالاعتماد على الدخل القادم من خوارزمية مطابقة التضاريس أن يحدّث نظام التوجيه خاصته عندما يُصاب بالعطالة -وهو مجموعة من الحساسات، مثل مقاييس التسارع وأجهزة تحديد الاتجاه لقياس الدوران- من أجل أن يعيد توجيه نفسه.

كما تستطيع صواريخ توماهوك أن تجري تحديثات زمن حقيقي لموضعها.

قال هارمر:

«يرسل الصاروخ رسائل البريد الإلكتروني بشكل دائم إلى قسم المراقبة والتحكم، عندها يستطيع الأخير إرسال إرشادات محدَّثة عبر البريد الإلكتروني إلى الصاروخ.

وإذا تغيّر شيء ما على الأرض أو أُلغيت الرحلة، فيعيد المراقبون توجيهه من خلال أمر بسيط».

قد كان نظام وضع الخرائط في الماضي يُنجَز من خلال إرسال طائرة استطلاع قبل المهمة بأسبوع كامل، وكل ما كانت تستطيع القوى العسكرية فعله في ذلك الوقت هي أن تتأمل بأن لا يحدث أي تغيير حتى وقت المهمة.

أما اليوم وبفضل الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار، والتي أصبحت واسعة الانتشار، «فيأخذون تحديثات حيّة ومباشرة إلى أن يصيب الصاروخ الهدف» على حد تعبير هارمر.

يسمح التوجيه التدقيق للصواريخ بأن تطير على علوٍّ منخفض باتجاه الأرض، ما يعني أنه بإمكانها أن تطير بالقرب من الأجسام الأخرى وغالبًا ما تستطيع تجنب كشف رادارات القوى الغريبة لها.

كما أنها تستطيع أن تأخذ طريقًا غير خطي للهدف، مما يمكّنها من تجنب المناطق الخطرة الموجودة على الطريق، كما أن هذا يعني أنه من الممكن إطلاق عدة صواريخ من أماكن مختلفة لتصيب جميعها الهدف نفسه بالوقت نفسه.

ومن الممكن أيضًا أن تُبرمَج هذه الصواريخ لتبقى في منطقة ما لمدة من الزمن دون أن ترمي القنابل.

وقال هارمر أنه في الهجوم الأخير على سوريا، وصلت الصواريخ التسعة والخمسون إلى الهدف بفارق ثانية بين كل صاروخ والذي يليه.

يبلغ طول صاروخ توماهوك حوالي ثمانية عشر قدمًا (5.6 مترًا)، ويستطيع أن يحمل ألف رطل من الرؤوس المتفجرة (450 كيلوغرامًا)، أو ما مجموعه 166 قنبلة صغيرة.

في البداية، يُدفع الصاروخ عن طريق محركه، وسرعان ما يبدأ بالطيران تفتح أجنحته، ويستطيع أن يطير بسرعة أقصاها 550 ميل بالساعة (880 كيلومترًا في الساعة).

تطور حاليًا الشركة المصنعة لصواريخ التوماهوك «رايثيون» نسخة محدّثة من الصاروخ والتي قد تمتلك اتصالًا عن طريق الأقمار الصناعية مع الأجسام على الأرض ذا اتجاهين، كالدبابات والسفن، كما تمتلك أنظمة توجيه أكثر متانة وتطورًا.

قال الكابتن مارك جونسون (Mark Johnson) مدير برنامج صواريخ توماهوك أنه في عام 2016 اشترت القوات البحرية 214 صاروخًا منها، بتكلفة 1.09 مليون دولار للواحد.

ولكن تضمنت هذه التكلفة التطوير والأبحاث الماضية. وقال هارمر أن تكلفة تحليق صاروخ توماهوك واحد جديد هي حوالي 650000 دولار.


ترجمة سارة عمّار

تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر