ماذا لو تخلصنا من القمر؟
هل نحتاج له لنبقى على قيد الحياة؟


نحن في عام 2113، حيث قضت الإنسانية المئة عام المنصرمة في تخزين رؤوس القنابل النووية، ليس القليل منها، بل 600 مليار من أكبر وأضخم والأكثر دمارًا مما استطاعت البشرية صنعه على الإطلاق، شيء من قبيل القيصر الروسي بومبا (أكبر قنبلة نووية انفجرت على الاطلاق) ولكن، 600 مليار منها.

لماذا؟ لاننا قررنا تفجير القمر، وللقيام بهذا، سيتطلب ذلك مايعادل 30 تريليون ميجا طن من مادة تي إن تي شديدة الإنفجار.

عندما نقول تفجير، لا نعني بذلك تقسيم القمر إلى شظايا، لأنه من المرجح أن تتجمع معًا مكونةً قمرًا جديدًا. بالتاكيد لن يبدو جميلًا مثل القمر الحالي، لكن سيكون لجاذبيته تأثير مشابه على الأرض. نحن نعني طمس القمر تمامًا.

 

 

التخلص تمامًا من القمر هو هدفنا حينها، لذا، أعد العلماء صواريخ متعددة لتنطلق من الأقمار الصناعية وتضرب القمر من جميع الجوانب، لتحوله إلى قطع صغيرة، في واحدة من أعظم وأغرب التجارب العلمية في التاريخ.

بتحوُّل القمر إلى فتات، لن تستطيع الجاذبية ضمه معًا، فيبدأ بالانتشار والتمدد. سيتجه عدد كبير من الفتات نحو الأرض، لتمطر السماء صخورًا منصهرة، فتُدمّر مدن وتُمسح بلدان من الخريطة، ونبدأ في التساؤل عما إذا كان تفجير القمر فكرة رائعة؟!

يدخل ما تبقى من القمر مدار كوكبنا ويشكل حلقة حوله، مثل تلك التي حول كوكب زحل. قد يحب بعضنا منظر الأرض الجديد، ولكن الخبر السيء أنه كما الحال في كوكب زحل، فإن شظايا القمر لن تستقر حول المدار فقط، فنحن الآن تحت القصف المستمر من شظايا القمر لبقية حياة الأرض، إنه انتقام القمر على مايبدو.

 

 

ليس هذا فحسب. هل سبق ولاحظت ان القمر مغطى بالحُفر؟ حسنًا، هذا لأنه يُقصف بالنيازك بصفة دورية، فيحمي الأرض من بعض الصخور المتجهة نحونا، أما الآن فنحن أكثر عرضة للقصف من صخور الفضاء.

بالتأكيد، فإن واحدة من آثار القمر الاشد وضوحًا هي (أو كانت) المد والجزر. مع اختفاء القمر، ستصبح محيطات الأرض هادئةً جدًا. بالطبع ستظل متأثرة بالشمس في ظاهرة معروفة باسم »المد والجزر الشمسية»، لذلك، لن تصبح الأسطح المائية خاليةً تمامًا من الامواج، ولكنها ستكون هادئة إلى حدٍ كبيرٍ مقارنةً بماضينا مع القمر.

 

 

سيكون تأثير هذا خطيرًا على الحياة على الأرض، فعندما تشكّلت الحياة لأول مرة على الأرض في أحواض المد والجزر، كانت بفضل جاذبية القمر، فكانت المياه قادرة على اجتياز تضاريس الأرض والانتشار في جميع أنحاء الكوكب. أما الآن، فإن الحياة الموجودة في المحيطات لم تعد قادرة على التحرك بسهولة كالسابق بسبب تزبُّد المحيط (يصبح سريان المحيط كالزبدة)، وبالتالي يصبح تبادل المغذيات داخل المحيطات صعبًا جدًا، وفي النهاية ينقرض الآلاف وربما الملايين من أنواع الحياة.

لم ينتهِ القمر منّا بعد، إذ تصِل كتلته إلى 1/80 من كتلة الأرض. وفقدان القمر يؤثر بشكل مباشر على مدار الأرض حول الشمس، فالقمر يحافظ على توازن الأرض في مدارها، وبدون القمر تبدأ الأرض بالتأرجح أكثر وأكثر، وتصبح مواسم المناخ مضطربة جدًا إلى ان ينتهي شكل مدارنا حول الشمس من بيضاوي قليلًا ليصبح بيضاويًا بشكلٍ كبيرٍ. نحن الآن نتارجح حول الشمس في مدار هائج، ومتقلب، وغير مستقر.

 

 

وبما أن العالم يعرب عن أسفه وندمه الشديدين بسبب قراره الغير حكيم، فقد فات الأوان فعلًا للقيام بأي شيء. ربما إذا نجت البشرية من القصف المستمر لبقايا القمر، إلى جانب قصف صخور الفضاء الأخرى، بالإضافة إلى معظم الأنواع الحية التي سيكون قد تم القضاء عليها، والتغيرات المناخية الكارثية المتوقعة، فسيكون امامها الوقت للتفكير، هل كان تفجير القمر فكرة سيئة.

وإلّا، فبدلًا من ذلك، لماذا لا نتخلص من الشمس؟


ترجمة: يوسف الدسوقي
تدقيق: وائل مكرم

المصدر