يعرف النمو المحدود أو ما يسمى بـ (داء التقزم Dwarfism) على أنه حالة طبية تتصف بقصر القامة.

أنواع التقزم

  1. قُصر القامة المتناسق: وهو نقص عام في النمو، أي يكون فيه طول الجذع وطول الأطراف متناسبين .
  2. قُصر القامة غير المتناسق: تكون فيه الأطراف أقصر أو غير متناسبة مع أجزاء الجسم الأخرى.

يعاني بعض الأشخاص من ذوي النمو المحدود -إضافة إلى قُصرِ القامة- من مشاكل جسدية أخرى كتقوس الساقين أو انحناء العمود الفقري بشكل غير اعتيادي، غَيْرَ أَنَّ معظم الناس لا يعاني من أي مشاكل خطيرة أخرى، بل يعيشون حياة طبيعية نسبياً و يملكون متوسط العمر المتوقع الطبيعي.

أسباب التقزم

إنَّ السبب الأكثر شيوعا لقصر القامة المتناسق هو الولادة من أبوين قصيرين، لكنه قد يحدث أحيانا نتيجة عدم إفراز الجسم لهرمون النمو بشكل كاف و الذي قد يكون نتيجة وجود مشاكل في الغدة النخامية (ومثل هذه المشاكل إصابات الرأس أو أورام الدماغ أو تعرض الدماغ للعلاج الإشعاعي).

كما ويمكن لبعض المتلازمات الجينية كمتلازمة (تيرنر Turner syndrome ) و متلازمة (برادر ويلي Prader-Willi syndrome) أن تتسبب بالمشكلة أيضًا.

إضافة إلى وجود أسباب أخرى نذكر منها:

  1. العلاج بالأدوية الستيروئيدية لمدة طويلة كعلاج مرض الربو مثلا.
  2. سوء التغذية أو الامتصاص الضعيف للغذاء كالذي يحدث في مرض الداء البطني coeliac disease.
  3. الأمراض طويلة الأمد كتلك التي تصيب القلب أو الرئيتين أو الكليتين.

أما فيما يتعلق بمسبب قصر القامة غير المتناسب، فإنه عادة ما يكون كجزء من بعض الأمراض الجينية أشهرها مرض (الودانة achondroplasia )، قد يولد العديد من الأطفال المصابين بقصر القامة غير المتناسق لأبوين طبيعين من ناحية الطول، و هنا يكون الجين الخاطىء المسبب للحالة حصل عن طريق الصدفة، مع ذلك يمكن للأشخاص المصابين بهذه الحالة تمريرها إلى أطفالهم.

كما أن هنالك أسباب أخرى مثل :

  1. نقص التنسج الغضروفي Hypochondroplasia
  2. مرض عَديدُ السَّكاريد المُخاطِيّ Mucopolysaccharide disease
  3. خلل تنسج ضموري مشوه Pseudoachondroplasia
  4. متلازمة إيليس-فان كريفيلد Ellis-van Creveld syndrome
  5. خَلَلُ التَّنَسُّجِ المُشَاشِيّ المتعدد Multiple epiphyseal dysplasia

أعراض التقزم

في معظم الأحيان لا يمتلك الأشخاص الذي يعانون من النمو المحدود أية أعراض باستثناء قصر القامة، لكَن هذا لا يعني عدم امتلاك بعضهم لمشاكل صحية مرتبطة. ونذكر هنا الأعراض المصاحبة لكلا الشكلين المتناسق و غير المتناسق.

قصر القامة المتناسق:

ينمو المصابون بداء قصر القامة المتناسق بشكل بطيء جداً كما أنهم يتصفون بنقصٍ عام في النمو في جميع أجزاء الجسم. لكن الملاحظة الأهم هنا أن طول الجذع يبقى متناسبا مع طول الأرجل.

قد لا يتم الانتباه إلى الإصابة بقصر القامة المتناسق حتى مرحلة متأخرة من الطفولة أو حين يصل الطفل إلى سن البلوغ، أما بالنسبة إلى الأعراض المصاحبة الأخرى فإنها تعتمد بشكل أساسي على مسبب الحالة منها على سبيل المثال :

  1. يتصف الأشخاص المصابون بنقصٍ في هرمون النمو بامتلاكهم لمستويات منخفضة من الطاقة إضافة إلى زيادة محتوى الجسم من الدهون وارتفاع نسبة الكوليستيرول و هشاشة العظام osteoporosis وجفاف الجلد و ضعف قوة العضلات.
  2. تفتقد النساء والفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر للدورة الشهرية كما لا يستطعن إنجاب الأطفال .
  3. يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة برادر ويلي من الرغبة الدائمة في تناول الطعام كما يعانون من ضعف قوة العضلات إضافة إلى صعوبات التعلم و المشاكل السلوكية.
  4. يمكن للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في بعض الأعضاء كالقلب أو الرئيتين أو الكليتين أن يصابوا بأعراض أخرى متعلقة بقصر القامة.

قصر القامة غير المتناسق:

يتصف بعدم تناسب طول الأطراف مع أجزاء الجسم الأخرى. بينما لا يعاني الأشخاص المصابون بهذه الحالة من أية مشاكل صحية أخرى، يعاني الأشخاص المصابين بمرض الودانة من الأعراض التالية:

  1. تقوس الساقين مما قد يسبب ألم الكاحل أو الركبة.
  2. الحداب Kyphosis أو انحراف العمود الفقري جانبيا Scoliosis.
  3. تراكم السوائل حول الدماغ – استسقاء الرأس Hydrocephalus-
  4. تكرر التهابات الأذن المتوسطة نتيجة العدوى مما قد يسبب صعوباتٍ في السمع.
  5. عدم انتظام التنفس أثناء الليل sleep apnoea ، وهذا قد يعيق النوم أو يسبب النعاس الشديد خلال النهار.
  6. تخدر وضعف الساقين بسبب الضغط المبذول على الحبل الشوكي والأعصاب التي تخرج من العمود الفقري.

كما وتظهر التغيرات الشكلية التالية في المرضى المصابين بداء الودانة (أحد أشهر مسببات قصر القامة غير المتناسق):

  1. قصر طول الذراعين و الساقين مقارنة بطولٍ طبيعي للجذع.
  2. كِبَرُ حجم الرأس مع جبين واضح و جسر أنف مسطح.
  3. يدين و قدمين قصيرة و عريضة.
  4. قُصرُ أصابع اليدين والقدمين.


تشخيص التقزم

يعتمد تشخيص النمو المحدود (التقزم) على كل من الأعراض و تاريخ العائلة و قياسات الطول و الفحوصات.

إذ يمكن أن يتم التشخيص قبل أو بعد ولادة الطفل وذلك اعتمادًا على مسبب الحالة، كما يمكن أن يتم عندما تبدأ مشاكل النمو بالاتضاح أثناء تقدم الشخص بالعمر.

التشخيص المرتبط بنقص هرمون النمو :

يُجرى هذا التشخيص باستخدام اختبارات تحفيز هرمون النمو ويتم ذلك بواسطة حقن الوريد بدواءٍ يعمل على رفع مستويات هرمون النمو في الدم، فإذا كان مستوى هرمون النمو أقل من الطبيعي دلَ ذلك على نقص الأخير. بعد ذلك ، يتم تصوير الدماغ بهدف التأكد من سلامة الغدة النخامية (هي الغدة المفرزة لهرمون النمو) و كشف ما إذا كانت ذات دور في نقص الهرمون.

التشخيص المرتبط بمسببات أخرى :

تُجرى الفحوصات التالية لتشخيص بعض مسببات قُصر القامة:

    1. فحوصات الدم : للكشف عن أي مشكلة في الكبد أو الكليتين أو العظام أو نقص التغذية، كما و قد تجرى اختبارات الدم لتحليل الكروموسومات المرتبطة ببعض المتلازمات الجينية كمتلازمة تيرنر.
    2. فحوصات البول : لتأكيد بعض اضطرابات نقص الإنزيم مثل مرض عَديدُ السَّكاريد المُخاطِيّMucopolysaccharide disease.
    3. اختبارات التصوير مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي للتحقق من وجود أي تشوهات في العظام أو الغدة النخامية.
    4. التشخيص خلال فترة الحمل: يُعرض هذا التشخيص على الوالدين الذين لديهما تاريخًا جينيًا مرضيًا لحالات تسبب قُصَر القامة، إذ قد تتضح بعض المشكلات المحتملة خلال الفحص الروتيني باستخدام الموجات فوق الصوتية، لكن تبقى الحاجة لاجراء الفحوصات المخبرية مثل بزل السائل الأمنيوسي amniocentesis و فحص الزغابات المشيمية chorionic villus sampling ضرورية لتأكيد التشخيص.


الحياة مع داء التقزم

يعتمد علاج الأشخاص المصابين بالنمو المحدود على المسبب وعلى أية مشاكل مرتبطة بالحالة. كما ويشارك العديد من المختصين في مختلف مجالات الرعاية الصحية في العلاج.

من الممكن أن ينتفع بعض المصابين بحالة النمو المحدود من العلاج بالحقن بهرمون النمو فقد يساعد على نمو الطفل بشكل أكبر.

أما في حالة قصر القامة غير المتناسق -والذي يتميز بقصر الساقين- فقد تجرى عمليات إطالة الساقينLeg-lengthening procedure أحيانا على الرغم من عدم التيقن بشأن سلامتها و كفائتها.


  • ترجمة: سيرين خضر
  • المدقق: أسمى شعبان
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر