انتبهي.. أحيانًا يكون الأمر غير طبيعي!

تجربة الطمث تختلف من امرأة لأخرى، فمن الممكن أن تكون خفيفة وغير مؤلمة تمامًا لدى البعض ولكن لدى الأخريات تكون مؤلمة للغاية، أغلب النساء يعانين من بعض التقلصات لمدة يوم أو يومين أثناء فترة الطمث وهذا طبيعي.

الفتيات المراهقات هنّ أكثر عرضة لدورات الطمث المؤلمة بالمقارنة مع النساء البالغات وخاصة النساء البالغات اللائي أنجبن أطفال، ولكن هذه الدورات المؤلمة أثناء البلوغ عادةً ما تتحسن مع الوقت.

على الرغم من ذلك فإن بعض النساء يكون ألم الطمث لديهم غير محتمل ويمنعهن من الذهاب للمدرسة أو العمل.

عندما يصل الألم لهذا الحد فيكون غير طبيعي ويتطلب التقصي حوله.

لماذا يتسبب الطمث في الألم؟

دورة الطمث هي عبارة عن تساقط بطانة الرحم الداخلية، كل شهر، يعدّ الرحم نفسه للحمل عن طريق تنمية بطانة سميكة غنية بالتروية الدموية انتظارًا لزرع جنين.

عندما لا يحدث الحمل، ينتج الجسم دورة طمث كنتيجة لهذه البطانة النامية، في هذا الوقت تنفتح الأوعية الدموية وتتساقط بطانة الرحم الداخلية وتنقبض عضلات الرحم لتطرد الدم والانسجة المتساقطة.

أثناء هذه الانقباضات البسيطة من الشائع أن تشعر النساء بتقلص أسفل البطن، حيث أن مكونات دم الطمث تخرج من جسم الرحم خلال عنق الرحم قبل أن تجد طريقها للمهبل.

يتم تحفيز هذه الانقباضات بواسطة مركبات شبيهة بالهرمونات، ينتجها الجسم وتسمى البروستاجلاندينز وهي المصدر الرئيسي لألم الحوض المرتبط بالطمث.

المستويات الأعلى من البروستاجلاندينز ترتبط بألم طمث أكثر حدة، يكون التقلص في أقصاه خلال أول يوم أو يومين من دورة الطمث، ثم يسكن خلال الأربعة أو الخمسة أيام المتبقية.

يسمّى الألم أثناء دورات الطمث باسم عسر الطمث، وله نوعان: أولي وثانوي

عسر الطمث الأولي، يشير إلى ألم أثناء الطمث يبدأ مباشرة بعد بدء الحيض أثناء البلوغ، هذا النوع يتحسن مع تقدم الفتاة في العمر.

سبب هذا النوع غير معروف ولكن تأرجح الهرمونات من الممكن أن يكون سببًا في ذلك.

الأدوية الرئيسية المستخدمة لعلاج هذا الألم هي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل الايبوبروفين والنابروكسين.

حيث أنها تعمل عن طريق إعاقة عمل البروستاجلاندينز (prostaglandins)، عسر الطمث الثانوي: بصفة عامة، يشير إلى ألم الطمث الناتج عن مشكلة طبية في الجهاز التناسلي.

فبدلًا من أن يتحسن ألم الطمث مع مرور الوقت فإنه يسوء، تتعدد أسباب ذلك ولكن أكثرها شيوعًا هو بطانة الرحم المهاجرة.

ما هي بطانة الرحم المهاجرة؟

بطانة الرحم المهاجرة هي حالة ينمو فيها نسيج خارج الرحم مشابه لذلك الذي يبطن الرحم من الداخل.

من الممكن لهذا النسيج أن ينمو على المبايض أو الأمعاء، وفي حالات نادرة من الممكن أن نجده خارج الحوض تمامًا، في الرئة على سبيل المثال.

تسبب الهرمونات التي تحفز الطمث النزف في تلك الأماكن حيث تتواجد تلك البطانة المهاجرة، وهذا يسبب الألم.

بطانة الرحم المهاجرة عادةً ما تسبب حدوث الألم مبكرًا، ويستمر فترة أطول من المعتاد مع الطمث، وأحيانًا لا يختفي الألم مع نهاية دورة الطمث.

تعاني النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة من ألم وقت التبويض أو ألم أثناء الجماع، مشكلة أخرى ترتبط ببطانة الرحم المهاجرة وهي العقم.

بطانة الرحم المهاجرة مشكلة شائعة تؤثر على 16-61% من النساء في سن الخصوبة، تقريبًا 100 مليون امرأة في العالم تعاني من بطانة الرحم المهاجرة.

النساء أنفسهن من الممكن أن لا يكنّ واعيات لبطانة الرحم المهاجرة، أو يعتقدن أن هذا الألم طبيعي، الكثيرات اعتدن على تحمّل الألم الذي يمكن أن يحدث أثناء المراهقة أو في البالغات صغيرات السن.

بالرغم من أن سبب بطانة الرحم المهاجرة غير معروف، فإن هناك عدد من النظريات لتفسيره، مثل تدفق نسيج بطانة الرحم في الاتجاه العكسي خلال قناتي فالوب، وهذا النسيج يمكن أن يغرس في تجويف الحوض في أماكن خارج الرحم، الطريقة التي تترجم بها الأعصاب الألم في الحوض تلعب دور أيضًا.

إنه مرض غير اعتيادي، حيث أن بعض النساء قد يكون لديهن الكثير من البطانة المهاجرة والقليل من الأعراض، بينما أخريات قد يكون لديهن القليل من البطانة المهاجرة وأعراض شديدة.

الفتيات المتأثرات بالمرض غالبًا ما يواجهن تأثيرات سلبية على تعليمهن أو مسارهن المهني.

من المحتمل أن تقل إنتاجيتهن في العمل أو الدراسة نتيجة للألم وعدم الارتياح بسبب بطانة الرحم المهاجرة، يتضمن العلاج أقراص هرمونات مثل أقراص منع الحمل.

غرس البروجيسترون أو اللولب يساعدا البعض في تقليل آلام الطمث، ولكنها لا تعمل مع الجميع.

كيف ستعرفين إن كنتِ تعانين من بطانة الرحم المهاجرة؟

تشخيص بطانة الرحم المهاجرة يتم فقط عن طريق رؤيتها جراحيًا، إذا وجدت أثناء الجراحة وتمّت إزالتها فإن الأعراض ستتحسن، ولكن من الممكن أن تعود هذه الأعراض مرة أخرى.

وعلى الرغم من أنه ليس مرض مميت؛ فإن الاضطراب الذي يسببه للنساء وللمجتمع محبط، ولأنه مزمن فإنه يستمر مع المرأة حتى بلوغ سن اليأس.

وجدت دراسة أنه في المتوسط يحدث تأخير يقارب الأربع سنوات قبل أن تبحث النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة عن المساعدة الطبية، وهذا التأخير يصحبه المزيد من القلق والألم بسبب شكهن في حالتهن وكيفية علاجها.

الكثير من النساء يتم إخبارهن أن ألم الطمث لديهن طبيعي، ولكن عند الجراحة عدد من هؤلاء النساء اللائي يعانين من ألم الحوض تُكتَشف إصابتهن ببطانة الرحم المهاجرة.

على الرغم من ذلك، فإن اتخاذ قرار الجراحة أمر صعب حيث يحمل ذلك مخاطرة قليلة بإصابة المثانة أو الأمعاء أو الأوعية، وكذلك خطر التخدير، العناية بهؤلاء النساء تحتاج للتخصص وموازنة الأمر بين مخاطر الجراحة وأعراض المرض.

هناك عدد كبير من الحالات التي تساهم في ألم الطمث، تتضمن الألم من الأمعاء والمثانة والكلية والعضلات والعظام (متضمنًا ألم الورك والظهر)، هناك أيضًا الحالات التي تسبب الألم من الأعصاب بالحوض والظهر.

من الممكن أيضًا أن تكون الظروف النفسية مسؤولة أو مشاركة في ألم الحوض أو ألم الطمث.

إذا كنتِ تعانين من ألم طمث شديد يؤثر على دراستك أو عملك أو جودة حياتك؛ فيجب أن تبحثي عن المساعدة الطبية عن طريق استشارة طبيبك العام.


  • ترجمة: محمد السيد الشامي
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر