دراسة في علم الوراثة تحدد أربعة عشر اضطراب نمو جديدًا في الأطفال


دراسة تكشف عن أن 400 ألف طفل يولَدون باضطرابات في النمو كل عام على مستوى العالم

التاريخ: 25 يناير 2017

المصدر: معهد «ويلكم ترست سانغر»

ملخص: أكبر دراسة على الإطلاق تُجرَى على الأطفال المصابين باضطرابات نادرة في النمو لم يتم تشخيصها من قبل تكشف عن 14 اضطراب نمو جديدًا.
قدم البحث أيضًا تشخيصات لحالات نادرة لما يزيد عن ألف طفل وأُسرهم.
وتسمح هذه التشخيصات للأُسر ذات الحالات الوراثية المماثلة بالتواصل معًا والحصول على الدعم، بالإضافة إلى المساعدة في تحسين الإدارة السريرية للحالات.

الآباء والأمهات الأكبر سنًا أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين باضطراب في النمو بسبب طفرة
وراثية جديدة.
مصدر الصورة: © سيرجي نيفينز / فوتوليا

كشفت أكبر دراسة جينية أُجريت على الأطفال المصابين باضطرابات نادرة في النمو عن 14 اضطراب نمو جديدًا لم تُكتشف من قبل.

قدم هذا البحث، و الذي أجراه العلماء بمعهد «ويلكم تراست سانغر» ونُشِر يوم 25 يناير 2017 في مجلة «نيتشر»، تشخيصات لحالات نادرة لما يزيد عن ألف طفل وأُسرهم.

تسمح هذه التشخيصات للأُسر ذات الحالات الوراثية المماثلة بالتواصل معًا والحصول على الدعم، بالإضافة إلى المساعدة في تحسين الإدارة السريرية للحالات.

تزيد الدراسة أيضًا من سرعة البحث في آليات المرض وسبل العلاج الممكنة
.
يولَد كل عام آلاف من الأطفال الذين لا ينمون نموًا طبيعيَّا بسبب أخطاء في تكوينهم الوراثيّ، مما قد يسفر عن حالات مرضية مثل الإعاقة الفكرية أو الصرع أو التوحّد أو أمراض القلب.

ويوجد ما يزيد عن ألف سبب وراثيّ معروف لهذه الحالات، لكن الكثير من اضطرابات النمو الفردية نادرة للغاية حتى أن الأسباب الوراثية لها مجهولة.

وتهدف دراسة «كشف أسرار اضطرابات النمو» إلى التوصل إلى تشخيصاتٍ للأطفال الذين يعانون من أمراض نموٍ غير معروفة بعد، وإثبات أن التقنيات الجينومية الحديثة يمكن أن تقدم اختبارات تشخيصية مُحسَّنة.

بالتعاون مع 200 عالم وراثة سريري من هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، فحص الباحثون 20 ألف جين بشري من أكثر من 4000 أسرة من جميع أنحاء المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا لديهم طفل واحد على الأقل مصاب باضطراب في النمو.

وركز الفريق على طفرات وراثية تلقائية تنشأ أثناء نقل الحمض النوويّ (DNA) من الآباء والأمهات للأطفال.

كما تمّ تقييم حالات الأطفال سريريًّا، وجمع الفريق النتائج للجمع بين الأطفال ذوي الاضطرابات المماثلة لتشخيص حالاتهم.

تمكّن فريق الدراسة من تشخيص حالات الأطفال الذين كانت لديهم طفرات وراثية جديدة في جينات مرتبطة بالأصل باضطرابات في النمو، وبلغ عدد تلك الحالات ربع عدد المرضى في الدراسة.

علاوة على ذلك، تعرّف فريق البحث على 14 اضطراب نمو جديدًا نشأت جميعها نتيجة لطفرات وراثية تلقائية ليست موجودة لدى أيٍ من الوالدين.

يقول الدكتور «جيريمي ماكراي»، الباحث الرئيسيّ من معهد «ويلكم تراست سانغر»: «إن كلًا من هذه الاضطرابات نادر للغاية، لذا كان من المهم تشخيص هذا العدد الكبير من المرضى الذين ضمتهم هذه الدراسة.

بإمكان أي طبيب أن يفحص حالة واحدة فقط، لكن عن طريق التعاون مع المئات من العاملين والباحثين التابعين لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، تمكّنّا من الربط بين أطفال من عيادات بجميع أنحاء الجزر البريطانية.

وسمح ذلك للفريق بالجمع بين الأطفال ذوي الاضطرابات المشابهة داخل المشروع وتشخيص حالاتهم».

ويقول البروفيسور«ديفيد فيتزباتريك»، وهو باحث مشرف من وحدة علم الوراثة البشري بمجلس البحوث الطبية في جامعة «إدنبرة»: «تبحث الأسر عن تشخيص وراثيّ لأطفالهم، لأن ذلك يساعدهم في فهم سبب الاضطراب الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال.

ويمكن أن يساعد ذلك الأطباء في التعامل على نحو أفضل مع حالة الطفل، وأن يقدم أفكارًا لإجراء مزيد من الأبحاث من أجل العلاج المستقبليّ.

علاوة على ذلك، يمكن أن يسمح التشخيص للآباء والأمهات معرفة ما يخبئه المستقبل لأبنائهم، وتحديد احتمالية إصابة أيٍ من حالات الحمل التالية بنفس الاضطراب، مما قد يساعد بشكل كبير في اتخاذ القرار في حال أراد الوالدين إنجاب المزيد من الأطفال».

في المجمل، قدّر الباحثون أنه في حالة 42% من الأطفال في الدراسة، من المرجح أن تكون طفرة وراثية جديدة في جين ما ذي أهمية للنمو الصحي هي السبب الأساسي لحالة هؤلاء الأطفال، وتشير تقديرات الدراسة أيضًا إلى أن طفلًا واحدًا من بين كل 300 طفل يولَدون في المملكة المتحدة يكون مصابًا باضطراب نمو نادر سببه طفرة وراثية جديدة. مما يجعل إجمالي عدد هؤلاء الأطفال 2000 طفل سنويًّا في المملكة المتحدة.

أثبت الباحثون أيضًا أن الآباء والأمهات الأكبر سنًا أكثر عرضة لإنجاب أطفال مصابين باضطراب في النمو ناجم عن طفرة وراثية جديدة.

إذ ارتفعت فرص إنجاب طفل مصاب باضطراب نمو نادر من 1 من بين كل 450 لآباء وأمهات يبلغون من العمر عشرين عامًا، إلى 1 من بين كل 210 لآباء وأمهات يبلغون من العمر 45 عامًا.

بناءً على ذلك، توصل الباحثون في حساباتهم إلى أن نحو 400 ألف من بين 140 مليون مولودًا في العام بجميع أنحاء العالم سيكونون مصابين باضطراب في النمو ناجم عن طفرة وراثية جديدة تلقائية لا يحملها أيٌ من الوالدين.

ويقول الدكتور «مات هورلز»، الذي قاد الدراسة من معهد «سانغر»: «هذه الدراسة تضم أكبر مجموعة من هذه الأسر في العالم، وتستغل قدرات هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، إذ اشتملت على 200 عالم وراثة سريريّ و4000 مريض.

وما كان من الممكن التوصل للتشخيصات التي أجريناها إلا بفضل هذا الجهد التعاوني العظيم.

بإمكان التوصل لتشخيص أن يكون مصدر ارتياح كبير للآباء والأمهات، كما يُمكّنهم من التواصل مع أسر أخرى تعاني من اضطراب مماثل.

إنه يسمح لهم بالحصول على الدعم، والانضمام لشبكات اجتماعية، والمشاركة في مشروعات بحثية تتعلق بهذا الاضطراب على وجه التحديد».


ترجمة: أميرة علي عبد الصادق
تدقيق: أحمد اليماني
المصدر