دلائل جديدة على دور الإنسان والتمدن في التطور السريع للأحياء.


ساد اعتقاد لفترة طويلة بأن البشر والمناطق الحضرية التي أنشأها يؤثرون على التطور تأثيرًا قد يكون له آثار كبيرة على استدامة النظم البيئية العالمية.

أُجريت دراسة جديدة من قبل عدة مؤسسات بالإضافة لجامعة واشنطن والتي تضمنت 1600 حالة عالمية للتغيرات الشكلية – تغيرات يمكن ملاحظتها كالحجم والتطور والسلوك – والتي تظهر بوضوح أكثر من أي وقت مضى أن التحضر يؤثر على التكوين الجيني للأنواع والتي تعتبر مهمة لصحة النظام البيئي ونجاحه.

وجد الباحثون تغيرًا مظهريًا ملحوظًا للأنواع التي تعيش في المناطق الحضرية مقارنة بالأنواع التي تعيش في مناطق غير حضرية.
كما ألهمت النتائج أمالًا جديدة لتعزيز فهمنا حول دور الإنسان في تطور الأرض من خلال ربط التنمية الحضرية بالصفات الوراثية والتي تؤثر على وظيفة النظام البيئي، ويمكننا تعيين الآثار المترتبة على التغير في الصفات – بفعل الانسان – على النظام البيئي وعلى البشر.

وجد الباحثون أن التحضر السريع يشكل تحديًا للأنواع فبعضها سيتكيف وبعضعها سيغير مكانه وبعضها لن يتمكن من النجاة.من خلال هذه الدراسات سعى الباحثون لمعرفة اي علامات للتغيرات التي حدثت بفعل البشر يمكن اكتشافها من خلال دراسة الأنواع في النظام البيئي الحضري وإلى أي مدى تُسرّع هذه التغييرات بفعل الإنسان والمجتمعات والمدن.

ومن خلال دراسة التغيرات المظهرية لـ 1600 عينة من أماكن وبيئات مختلفة لملاحظة التغيرات التي حصلت بفعل البشر أو بفعل الطبيعة، حيث قُيّم الأثر النسبي لعدد من الاضطرابات بفعل الإنسان مثل زيادة حموضة البحيرات أو تلوثها بفعل المخلفات ونقل الحيوانات ودرجة الحرارة والنفايات السائلة المرتبطة بمحطات توليد الكهرباء والحصاد طويل الأمد لبعض النباتات الطبية وحتى تأثير الاحتباس الحراري على أنماط الإنجاب عند الطيور.

يفترض الباحثون أن التطور الحضري سيؤثر على الإستدامة ليس فقط في النظام البيئي الحضري وإنما يتسع ليشمل الأرض بأكملها.
إن أهمية هذه التغييرات أنها تؤثر على وظائف النظام البيئي، فقد تحول دون انتشار حبوب اللقاح أو قد تؤدي إلى تعرضنا لأمراض معدية أو حتى تغير في أنماط الهجرة لبعض الأنواع.

ومن الأمثلة على هذه التغييرات :

ظاهرة الاحتباس الحراري والتي بفعل تغير المناخ تتم عملية التزاوج مبكرًا عند حوالي 65 نوع من الطيور المهاجرة في أوروبا الغربية.

استخدام أبراج نقل الطاقة الكهربائية المطلية بالزنك التي تؤدي لخلق بيئة تتسم بقابليتها على تحمل تركيز عالي للزنك كما في عدد من النباتات.

حاجز السمك – أو درج السمك – تؤثر على حجم سمك السلمون البني المرقط والذي يؤثر لاحقًا على الحيوانات المفترسة والفرائس .

ويضيف كلاً من John Marzluff بروفيسور في علوم البيئة والغابات و Victoria Hunt من قسم التصميم والتخطيط العمراني : تشير المعطيات إلى تكيف كبير لمعظم النباتات والحيوانات مع التحديات التي تواجهها من أجل البقاء في عالم تزداد فيه المناطق الحضرية والتي تشير إلى قوة الإنتقاء الطبيعي في المكان الذي نعيش فيه، وأضافا أن الأبحاث ت آمالًا للمهتمين بالحفاظ على التنوع البيولوجي ، كما ويدعوان إلى تعاون جديد بين علماء الأحياء التطورية وعلماء الأحياء المحافظة – حماية الحيوانات المهددة بالإنقراض – وأساتذة التطوير والتخطيط العمراني لفهم كيفية تأثير الإنسان على العمليات التطورية والوصول الى استراتيجيات للحفاظ على الكائنات المهددة وتوجيه هذه التأثيرات للوصول لمستقبل أفضل.

يقول تشارلز داروين :«لانرى شيئاً من هذه التطورات البطيئة التقدم، حتى من ناحية الوقت فقد انقضى وقتًا طويلاً من أعمارهم ».

أما الآن فلدينا وجهة نظر مختلفة تمامًا فالتطور السريع يحدث في كل مكان من حولنا والعديد من الأمثلة لهذا التطور حدثت بفعل البشر والتي تؤكّد أن البشرأعظم قوة تطورية على الأرض.


ترجمة :بشار الجميلي
تدقيق : أسمى شعبان
المصدر