يتسبب الانحياز الذهني بعرقلة الأمن في المطارات وها هي التقنية التي ستحل هذه المشكلة


نقطة تفتيش في مطار دالاس الدولي 2 تموز 2007 في دالاس بولاية فرجينيا.

قد يكون من الممكن استخدام تقنية جديدة في المطارات في المستقبل تجعل عملية التفتيش أسرع وأكثر أمانًا. تقلل محطات المراقبة عن بعد من الانحياز المعرفي غير المعروف والتي تُدعى (satisfaction of search) (SOS).

كما يقول المثل، دائمًا ستجد الحل في طريقة لم تفكر بها بعد2، إلا أن (SOS) تصف تلك الحالات التي لاتجد فيها الحل. وفقًا لدراسة نُشرت عام 2015 في الاختبار الداخلي من قبل أمن هوملاند (Homeland) أظهر البحث باستمرار بأن الأشخاص لديهم مشكلة في تحديد الأغراض الثانية والثالثة في التفتيش وذلك على الأغلب لأسباب متعددة، من المحتمل أن تكون عاملًا مسببًا لفشل الكشف عن 95% من الأخطار في إدارة أمن المواصلات.

تهدف برامج الطَّيار في بروكسل (Brussels) وبريستول (Bristol) وانكلترا بالإضافة لتسهيل جديد لمطار كالجاري (Calgary) الدولي في ألبيرتا (Alberta)، إلى تحسين أماكن التحكم عن بعد من ناحية الكفاءة والأمن، حيث يتواجد فيها العملاء منعزلين عن صخب وضجيج نقطة التفتيش وذلك وفقًا لمقياس أوصى به باحثو (SOS). ممَّا أدى إلى تَحَسُّن معدَّل النجاح بنسبة 16% في بروكسل، وعزا خبراء الأمن هذا النجاح للتركيز المحسَّن. إلى أنْ افترضَ خبراء SOS احتمالية وجود عوامل أخرى.

 

 

الانحياز الذهني:

يمكن أن يكون أول كشف في مجال الطب الإشعاعي حيث يتم الكشف عن العيوب في تصوير الأشعة السينية مسألة حياة أو موت، يشير باحثو (SOS) للحالة التي يشعر فيها الطبيب “بالرضا”، أي عندما يجد المشكلة عند المريض ويصبح بإمكانه الانتقال للخطوة التالية (للصورة التالية).على سبيل المثال، فقد وجد الأطباء أن الالتهاب الرئوي لا يستبعد إصابة المريض بورم خبيث أو غيرها وكذلك إلغاء الكشف في وقت مبكر قد يؤدي لضرر جسيم.

لا يزال من المتوقع الوصول إلى متدربين محترفين بينما لا زال التغلب على تأثيرات (SOS) متضمن فيتدريب الطب الإشعاعي. اكتشفت دراسة أُجريت عام 2000م في صحيفة أميركية لعلم الأشعة أن بمعدل 12 من بين 15 طبيب أشعة لا يواجهون مشاكل في التعرف على شذوذ واحد في صور الأشعة السينية، بينما فقط نصف هذا العدد استطاع التعرف على أكثر من شذوذ بشكل متسلسل في الصورة نفسها. أصدر علماء تقريرًا عام 1997م في صحيفة (Emergency Radiology) بأن ثلث الأخطاء في الطب الإشعاعي يمكن إرجاعه لـ (SOS). تقترح هذه التجربة الصامدة لسنين أنه من الممكن أن يكون (SOS) راسخًا أيضًا.

 

 

تجادل العالم المعرفي ستيفن ميتروف (Stephen Mitroff) في جامعة جورج واشنطن حول مفهوم “الرضا” ذاك ليس سوى جزء من مفهوم أوسع من التشويش الذهني الذي يؤدي لأخطاء في عملية البحث. أطلق فريق ميتروف على هذا الانحياز “النقاط غير المكتشفة التسلسلية في البحث” (SSM) إذ يعبر هذا المفهوم عن أسبابه المختلفة. فقد اتَّضح بأن الباحثين غالبًا ما يسترجعون باستمرار أول شيء اكتشفوه لذلك تبين أن الصيغة التقليدية لـ SOS ليست كافية لتوضح تأثير الانحياز بعيد المدى.

التفسير الآخر لعدم ملاحظة الباحثين أهداف متعددة هو استنفاذ المصادر. فبعد أن تكتشف شيئًا أثناء التفتيش عليك أن تتذكر ما هو وأين وجدته وهذا الشي يشتت انتباهك. صرَّح ميتروف لموقع (Live Science) بقوله: «عندما تكتشف غرضًا ما فإن ذلك يستهلك قدراتك الذهنية المحدودة وتركيزك بالإضافة لعمل الذاكرة، ستعيد البحث هذا مرارًا لكن سيتم بيد واحدة مقيدة خلف ظهرك».

 

 

«بالإضافة لذلك، إيجاد هدف واحد يجعل العقل أكثر انتباهًا له بالتالي سينحاز الدماغ للتعرف على هذا الهدف أو أي شيء متعلق به سواء بالشكل أو ارتباطات أخرى. قد تكون هذه الحالة مفيدة في بعض الحالات إلا أنه عندما يبحث الباحثون في أهداف مختلفة في صور الأشعة سواء في الطب الإشعاعي أو في الأمن فهذه مسؤولية صعبة بالنسبة لهم. ففي حال ظهر ورم خبيث آخر لمريض بورم خبيث، لن يلاحظ الطبيب العظمة المكسورة لديه».

الحد من أخطاء البحث:

يموّل جيش الولايات المتحدة بالإضافة لإدارة أمن المواصلات عمل ميتروف حيث يهدف للحد من أخطاء SSM. بالشراكة مع شركة لعبة مشهورة للهواتف تدعى (Airport Scanner)، حيث استطاع قياس مدى انتشار التأثير في البحث بالأشخاص مع محاكاة تفتيش الحقائب للأغراض الممنوعة، كالأسلحة أوالبحث ضمن أغراض مشتتة للانتباه. لقياس تأثير SSM قارن ميتروف أرجحية الدراسة المشتركة في حال تم اختبار احتمال اكتشاف غرض موجود بشكل منفرد مع احتمال اكتشاف الغرض للمرة الثانية (مُكتشف مسبقًا).

فبعد كل هذا فإن اكتشاف غرض ما للمرة الثانية أصعب بمقدار 14% من اكتشافه عندما يكون بشكل منفرد. حتى في حال كان الهدفان المراد البحث فيهما متطابقان. على سبيل المثال، ليكن لدينا فأسان لونهما أزرق، الفأس الثاني تم اكتشافه بنسبة 6% وارتفعت هذه النسبة إلى 20% عندما كانا مختلفين. والأكثر قلقًا من هذا العناصر النادرة كالقنابل اليدوية حيث من الصعب جدًا اكتشافها عندما تتواجد مع عناصر مشابهة لها كزجاجات المياه.

 

 

خلال ذلك قامت مطارات في الولايات المتحدة وإدارة أمن المواصلات بمليوني عملية بحث يوميًا. اقترح ميتروف خلالها عددًا من التوصيات لتحسين الأمن وذلك بإنشاء مراكز للمراقبة عن بعد كما في بروكسل وكندا إذ تخفف من ضغط العمل على الموظفين بالوقوف في صفوف التفتيش أو في أنظمة متفرقة لتسجيل المعلومات حيث يتم تفتيش الحقيبة ذاتها عدة مرات من قبل عدد من الموظفين.

على الرغم من أن البحث البصري أسهل طريقة للدراسة؛ إلا أنه من الأرجح تطبيق هذه الظاهرة في العديد من الملابسات كتصحيح الأخطاء المقروءة وحل المشاكل الحاصلة. «النقطة الأساسية لذلك هي في حال نجحت بشكل أولي ثم واجهت مشكلة، يعود هذا إلى الآلية المؤدية لذلك وقد تعود للمصادر التي تتعلق بالانتباه. وكل هذا يمكننا الاستفادة به في أي عملية تتطلب البحث عن أغراض مجهولة في هدف ما».

1. (satisfaction of search) (SOS): المعنى الحرفي له هو الرضا بالبحث.

2. دائمًا ستجد الحل في طريقة لم تفكر بها بعد: It’s always in the last place you look.


ترجمة: براءة علي كللي
تدقيق: دانه أبو فرحة

المصدر