أصبح بإمكان العلماء خلق معدة وأمعاء تعمل بشكل طبيعي في المختبر


 

نشر باحثون في المركز الطبي لمشفى Cincinnati للأطفال دراسةً جديدةً تعطي أملًا أوسع للأمراض الهضمية، فقد ذُكر في تقرير في دورية Nature أنَّ العلماء استخدموا الخلايا الجذعية لإنتاج أنسجة المعدة في طبق بتري، تنتج هذه الأنسجة حمضًا وإنزيماتٍ هاضمة.

جاءت الدراسة بعد سنتين من قيام الفريق نفسه بتوليد منطقة مفرزة للإنزيمات الخاصّة بالمعدة تدعى الغار (Antrum).

يعني هذا الاكتشاف أنّه يمكن الآن إنبات أجزاء من المعدة البشرية، ودراسة الأمراض، وإيجاد طرق جديدة للمعالجة، وفهم آلية تطوّر الجسم البشري والصحّة كما لم يحدث من قبل.

يقول جيم ويلز Jim Wells الحاصل على الدكتوراه، والباحث الرئيس في الدراسة وعميد كلية الخلايا الجذعية متعدّدة القدرات في المركز الطبي لمشفى Cincinnati للأطفال: «يمكننا الآن إنبات أعضاء نسيجية صغيرة من منطقتي القاع والغار في المعدة، ودراسة التفاعلات الفيزيائية للأنسجة المعدية البشرية، والاستجابة النوعية للالتهاب، والإصابات أو ردود الأفعال تجاه معالجات دوائية معينة. يعاني ملايين الناس في الولايات المتحدة من أمراض المعدة، ويعدّ سرطان المعدة السبب الثالث للموت المرتبط بالسرطان في العالم.»

أكملت هذه الدراسة سلسلةً من الاكتشافات منذ عام 2010، استخدمت خلالها فرق بحثية (قادها البروفيسور ويلز أو ساعد فيها) الخلايا الجذعية متعدّدة القدرات -التي يمكن أن تتحوّل إلى أيّ نمط من الخلايا في الجسم- لتصميم مناطق في المعدة والأمعاء، وقد استخدموا الأنسجة لتحديد الأسباب وطرق معالجة أمراض السبيل المعدي المعوي عند الإنسان.

ضمّت تلك السلسلة دراسةً نُشرت في 2 تشرين الثاني في دورية Nature Medicine، أنتج فيها العلماء مَعيًا بشريًا مع نظام عصبي معوي، يمكن لهذه الأنسجة ذات الوظيفة القوية أن تمتصَّ المغذيات، وتقوم بالحركات الحوية بوضوح، وهي تقبّضات عضلية معوية تحرّك الطعام من منطقة ما في السبيل المعدي المعوي إلى منطقة أخرى.

التركيز الأول لمختبر البروفيسور ويلز هو دراسة كيفية تشكّل الأعضاء خلال التطوّر الجنيني. ومن هذه الأعضاء: المري، المعدة، البنكرياس والأمعاء. لـ ويلز وزملائه اهتمام خاصّ في إيجاد علاجات جديدة للأشكال الوراثية لأمراض مثل السكري أحادي الجين وداء هيرشبرونغ Hirschsprung (ضخامة القولون الخلقية).

نبدأ من الصفر:

واجه الباحثون تحدّيًا كبيرًا في الدراسة هذه، وهو نقص المعرفة الأساسية في كيفية تشكّل المعدة بشكل طبيعي خلال الحياة الجنينية.

يقول البروفيسور ويلز: «لن نتمكّن من تصميم نسيج معدة على طبق بتري قبل أن نستطيع تحديد كيفية تشكّل المعدة طبيعيًا في الجنين.»

لملء هذه الفجوة، استخدم الباحثون فئران تجارب لدراسة الوراثة المسببة لتطوّر المعدة الجنيني، فاكتشفوا بذلك مسلكًا وراثيًا أساسيًا (WNT/β-Catenin). لهذا المسلك دور أساسي في توجيه تطوّر منطقة القاع في المعدة عند أجنّة الفئران. بعد ذلك استخدم الباحثون الـ (WNT/β-Catenin) في طبق بتري لإثارة تشكّل عضيّات القاع البشري من الخلايا الجذعية متعدّدة القدرات.

كرّر مؤلفو الدراسة هذه العملية، محدّدين جزيئات إضافية ترسل إشارات في المسالك التي تقود تشكّل أنماط الخلايا المعدية في القاع. وهذه الأنماط تتضمّن:
خلايا رئيسة تفرز إنزيم الهضم المفتاحي الذي يدعى الببسين، وخلايا جدارية تفرز حمض كلوريد الهيدورجين الضروري للهضم والعامل المعوي لمساعدة الأمعاء على امتصاص فيتامين B12، وهو فيتامين شديد الأهمية لتصنيع كريات الدم والحفاظ على صحّة الجهاز العصبي.

صرّح ويلز أنَّ الأمر سيستغرق حوالي ستة أسابيع قبل أنْ تتمكّن الخلايا الجذعية من تشكيل الأنسجة الهضمية القاعية في طبق بتري.

نقل الدراسة إلى الفئران:

يخطط الباحثون الآن لدراسة قدرة عضيات نسج المعدة البشرية المصمّمة على إحداث أمراض معدية عند البشر من خلال نقلها إلى نماذج الفئران. إنَّ ويلز ومساعدته يانا زاغروس Yana Zavros، الحاصلة على الدكتوراه، والأستاذة المساعدة في جامعة Cincinnati، يريدان بالتحديد استكشاف كيف تستجيب عضيات القاع بعد أن تُعدى بجراثيم الملتوية البوابية (Helicobacter Pylori). تسبّب الملتوية البوابية التهاب معدة مزمن، وقرحاتٍ معدية، وهي عامل خطورة أساسي في تطوّر سرطان المعدة.

يمكن لعضيات المعدة أن تُستخدم أيضًا بالتعاون مع عضيات معوية لدراسة آلية تحكّم الجسم بعملية الهضم والقبط الملائم للمغذّيات، بالإضافة إلى الحالات الطبية المتنوّعة التي تؤثّر في السبيل المعدي المعوي، كاضطرابات الحركات الحوية الهضمية، والأمراض الالتهابية، وتناول الأدوية، ودراسة الأحياء الدقيقة المساعدة منها (probiotics) والمؤذية.


ترجمة: مصطفى بجود
تدقيق: سيلڤا خزعل

التوثيق:
Cincinnati Children’s Hospital Medical Center. (2017, January 4). Scientists tissue-engineer functional part of human stomach in laboratory: Researchers can grow functional stomach and intestinal tissues to study diseases, new drugs. ScienceDaily. Retrieved January 11, 2017

المصدر