ما مدى موثوقية المواقع الإلكترونية التي تصل إلى الطلاب؟


عندما يتعلق الأمر بتقييم المعلومات التي تتدفق عبر القنوات الاجتماعية أو التي تنشر عبر محرك البحث غوغل، فيمكن أن ينخدع الشباب بسهولة، وفقًا لما جاء به تقريرٌ جديد للباحثين في مدرسة ستانفورد للخريجين-Stanford Graduate School of Education.

يقول التقرير المنشور من قبل Stanford History Education Group (SHEG): “يبدي الطلاب عدم مقدرةٍ على إعمال عقولهم فيما يخص المعلومات التي يجدونها على الإنترنت، فيجدون مثلًا صعوبة في تمييز الإعلانات عن مقالات الأخبار أو تحديد مصدر المعلومات”.

“يعتقد الكثير من الناس أن كون الشباب ماهرين في وسائل التواصل الاجتماعي فهم مدركين لما يجدونه هناك” وفق البروفيسور سام وينبرغ Sam Wineburg الباحث الذي قاد التقرير ومؤسس SHEG. ويضيف قائلًا: “يظهر عملنا صحة العكس”.

بدأ الباحثون عملهم في كانون الثاني 2015، قبل آخر جدلٍ حول الأخبار المزيفة وتأثيرها على الانتخاب الرئاسي.

 

عالج الباحثون السؤال “إعمال عقل المواطنين في المعلومات الموجودة على الإنترنت” بسبب وجود بعض الطرق لتقدير كيفية تقييم الطلاب للمعلومات الإلكترونية ولتحديد طرق لتعليم المهارات الضرورية للتمييز بين المصادر الموثوقة من غير الموثوقة.
ويبدي الباحثون قلقهم من أن الديمقراطية مهددةٌ بسبب سهولة انتشار المعلومات المضلِّلة.

“الكثير من المواد على الإنترنت كانت شبيهةً بالتحف الفنية (state-of-the-art) قبل 1999. لكن تغير الكثير منها مع أنَّ الكثير من المدارس لا تزال عالقةً في الماضي،” تقول جويل بريكستون Joel Breakstone، مديرة SHEG، التي صممت منهاج دراسةٍ اجتماعيةٍ يُعلِّم الطلاب كيفية تقييم المصادر الأولية. حُمِّل المنهاج 3.5 مليون مرة، واستُخدِم من قبل مدارس قطاعات متعددة.

يغطي التقرير الجديد أخبار الثقافة، بالإضافة إلى قدرة الطلاب على الحكم على أخبار الفايسبوك والتويتر، التعليقات المنشورة في المنتديات أو في مواقع الأخبار، المنشورات اليومية، الصور والرسائل الرقمية التي تصنع رأي العامة.

يعكس التقييم مبدأً ضروريًّا مفاده أنَّ الطلاب يجب أن يكونوا قادرين على إيجاد كاتب القصة أو الخبر وفيما إذا كان المصدر موثوقًا. استند واضعوا الدراسة إلى خبرة المدرسين، باحثي الجامعات، المخبريين وخبراء الأخبار ليخرج ب 15 اختبارًا حسب العمر، خمسة منهم للمدارس المتوسطة، الثانوية والمستويات الجامعية.

 

يقول البروفيسور سام وينبرغ: “في كل قضيةٍ وعلى كل مستوى، كنا نواجه نقصَ تحضير الطلاب.”

يطلب أحد التقييمات من طلاب مدارسَ متوسطةٍ أن يفسروا لماذا قد لا يثقون بمقالٍ عن التخطيط المالي كُتِب من قبل مصرفٍ تنفيذيٍّ ومُوِّلَ من قبل بنك. وجد الباحثون أنَّ الكثير من الطلاب لا يعتبرون أنَّ مصدر تمويل العمل أو المقالة هو عاملٌ رئيسيٌّ لعدم تصديق هذا المقال.

جعل تقييمٌ آخر طلَّاب المدارس المتوسطة يتصفَّحون موقع Slate. سُئِلوا بخصوص تحديد بعض القطع من المحتوى التي ليست قصصَ أخبارٍ ولا إعلانات. كان الطلاب قادرين على التفريق بين إعلانٍ تقليدي –إعلان مع رقم قسيمة-وقصة إخباريةٍ بسهولة. لكن 80%من الطلاب ال 203 الذين عاينوا المعلومات، صدَّقوا أنَّ إعلانًا موصوفًا أنه (محتوًى ممول) كان قصةً إخباريةً حقيقية.

على مستوى المدارس الثانوية، اختبر أحد التقييمات فيما إذا كان الطلاب متآلفين مع اتفاقيات وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتضمَّن إشارة التحقق الزرقاء التي تشير إلى أنَّ الحساب معرفٌ بشكلٍ قانوني من قبل تويتر والفايسبوك.

 

طُلِب من الطلاب أن يُقيموا منشورين على الفايسبوك يعلنان عن ترشُّح دونالد ترامب للرئاسة. صمَّم أحدهما حساب Fox News المؤكد والآخر حسابًا يشبه Fox News. فقط ربع الطلاب تعرفوا وفسَّروا أهميَّة إشارة التحقق الزرقاء. وأكثر من 30% من الطلاب جادلوا بأنَّ الحساب المزيف كان أكثر جدارةً بالثقة بسبب بعض العناصر والصور المهمة التي تضمنها.

“يشير هذا الاكتشاف إلى أنَّ الطلاب قد يركزون أكثر على محتوى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي من مصدرها”، كتب واضع البحث: “على الرغم من إتقانهم لوسائل التواصل، فإنَّ الكثير من الطلاب غير مدركين للاتفاقيات الأساسية لتحديد هوية المعلومات الرقمية.”

ركَّز التقييم الذي أجري على مستوى الجامعات على إعمال العقل في المعلومات المعقدة. احتاج الباحثون طلابًا لتقييم المعلومات التي تلقوها من البحث في محرِّك بحث غوغل، واستنتج التقييم أنَّ البحث على غوغل يظهر نتائج متناقضةً حيث يتم عادةً دمج الحقائق بشكلٍ خاطئ.

في أحد الاختبارات، كان على الطلاب أن يحددوا فيما إذا كانت مارغاريت سانغر Margaret Sanger، مؤسسة Planned Parenthood، مؤمنةً بالموت الرحيم المشروع في بعض الولايات. يُظهر بحثٌ نمطيٌّ على غوغل العشرات من المواقع التي تعرض الموضوع من زوايا متعاكسة.
“يكون الحصول على نتيجةٍ منطقيةٍ من البحث أصعب في المواضيع السياسية”، بحسب الباحثين، “ويحتاج طالب أدبٍ رقميّ المعرفة والمهارة ليتصفح النتائج المدموجة ليجد معلومات موثوقةٍ ودقيقة.”

 

في تقييم آخر، كان على طلاب الجامعة أن يقَيِّموا المواقع الموثوقة. وجد الباحثون أن التقييمات الإيجابية، ترتبط بمنظماتٍ إخبارية ذات سمعة وصيتٍ واسع وتمتلك هذه الصفحات القدرة على دفع الطلاب إلى التصديق بغضِّ النظر عن محتوى الموقع.

أعطيت التقييمات لطلابٍ في 12 ولاية. عمومًا، جمع الباحثون وحللوا 7.804 إجابة. تضمن الاختبار الميداني في المدارس ذات الدعم المنخفض في لوس أنجلوس والمدراس ذات الدعم المرتفع في ضواحي مينابولس-Minneapolis. وأعطي التقييم الجامعي في ست جامعات مختلفة.

قال وينبرغ أن الخطوة التالية في بحثه تتضمن مساعدة المعلمين على استخدام هذه الاختبارات لحمل الطلاب على فهم وتعديل المعلومات. ويقترح أيضًا تطوير المنهاج من أجل المدرسين، وقد بدأت the Stanford History Education Group بإعطاء خطط دروسٍ في المدراس الثانوية المحلية.

أخيرًا، يأمل الباحثون في أن ينتجوا مقاطع فيديو تظهر عمق المشكل وتثبت الصلة بين الثقافة الرقمية والمواطنة.

يقول وينبرغ: “كما تظهر العناوين الأخيرة، فإنَّ هذا العمل هو مهمٌّ جدًّا أكثر من أي وقت مضى. نتطلع في الأشهر القادمة لمشاركة تقييماتنا والعمل مع المعلمين لخلق موادّ تساعد الشباب على تصفح بحر المعلومات التي يجدونها على الإنترنت.”


المترجم : عبدالمنعم نقشو
تدقيق بدر الفراك
المصدر