العالمة آني جمب كانون:
«الحاسوب» الذي صنّف النجوم!


كانت «آني جمب كانون – Annie Jump Cannon» عالمة فلك اشتهرت بنظام التصنيف النجمي المتّبع حاليًا. وهو قائم على تصنيف النجوم بالطريقة التالية: O،B ، A، F،G ،K ،M (حيث O هي النجوم الأكثر سخونة و Mهي الأبرد، علمًا أن الشمس هي ضمن الصنف G). كما أنها ألَّفت جملة لتساعد الفلكيين على تذكر تتابع هذه الحروف وهي بالإنكليزية: «Oh! Be A Fine Girl – Kiss Me!».

بدأت «كانون» مهنتها كواحدة من بين 12 امرأة «حاسوب» (يقصد بهذه الكلمة أولئك الذين كانوا ينجزون الحسابات بأنفسهم) اللواتي وظّفهن مدير مرصد جامعة هارفارد «إدوارد تشارلز بيكرينغ – Edward Charles Pickering» من أجل تحليل الألواح الفوتوغرافية للنجوم (والذي يعتبر عملًا مضجرًا وغير تخصصي). كانت تلك النساء غير معروفاتٍ في زمانهنّ، إلا أنهن قد أصبحن اليوم أكثر شهرةً بفضل مساهماتهن الجوهرية في علم الفلك.

مهنة كانون

وُلدت كانون في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1863 ودرست الفيزياء والفلك في جامعة «وليسلي – Wellesley» وتخرجت عام 1884.

وبعد أن سعت وراء أمورٍ أخرى خلال عدة سنوات (كالتصوير الفوتوغرافي)، أنجزت العديد من الدراسات المتقدمة في علم الفلك في وليسلي كلية «رادكليف – Radcliffe» للإناث التابع لهارفارد.

في عام 1896، انضمت كانون لمجموعةٍ عُرفت فيما بعد باسم «حريم بيكرينغ» (المصطلح الذي قد يُعتبر في يومنا هذا إهانة)، حيث عملت مع غيرها على وضع تصنيف أفضل لأطياف النجوم على الألواح الفوتوغرافية. إحدى أعضاء هذه المجموعة وهي «ويليمينا فليمنغ – Williamina Fleming» جاءت بنظام تصنيف يتراوح بين الحرفين A وQ وذلك بالاعتماد على مدى قوة خطوط طيف الهيدروجين الخاصة بها. ثم تم صقل هذا العمل على يد «حاسوب هارفارد» آخر وهي «أنطونيا موري – Antonia Maury».

لخّصت كانون نظامين سابقين في نظام واحد مازال يستخدمه علماء الفلك اليوم، ويملك تصنيفها سبعة حروف فقط مرتبة حسب تناقص درجات الحرارة (OBAFGKM). وخلال حياتها، صنّفت أطياف ما يزيد عن 350000 نجمًا (كما يُقال عنها أنها كانت تستطيع أن تنظر إلى أي طيفٍ نجمي وتصنفه خلال ثلاث ثوانٍ فقط).

وفقًا لهارفارد فقد نُشرعملها في تسعة مجلدات من فهرس «هنري درابر – Henry Draper Catalogue» المخصص لأطياف النجوم وذلك بين عامي 1918 و1924. كما أنها ألفت فهرس هارفارد للنجوم المتغيرة. وبحلول عام 1911 أرادها «بيكرينغ» أن تكون الوصية على الصور الفلكية إلا أن رئيس هارفارد آنذاك رفض أن تكون ضمن قائمة الفريق.

جاء تنصيب «كانون» رسميًا في عام 1938، وحازت عدة جوائز من ضمنها ميدالية «هنري درابر» للأكاديمية الوطنية للعلوم. تقاعدت كانون في سنة 1940 واستمرت في أبحاثها إلى أن توفيت في العام التالي.

إرث «كانون» العلمي

بينما كانت «كانون» إحدى أشهر «الحواسيب» الإناث، يقول النقاد أن «بيكرينغ» نال فضلًا أكثر مما نلن هنّ، حتى أن هناك فوهات وحفر سُميّت باسمه على كلٍّ من القمر والمريخ. كما أن إنجاز العالمة «كانون» المستمر ليومنا هذا سُمي بـ«نظام هارفارد للتصنيف الطيفي» وليس نظام «كانون».

نظام «كانون» للتصنيف الطيفي مازال مستخدمًا إلى يومنا هذا لكن بشكلٍ مختلف، فالنظام الحالي «مورغان-كينان – Morgan-Keenan» يستخدم أيضًا تتابع الحروفOBAFGKM لكنه يصنف النجوم حسب لمعانها (توهّجها) ليحدد نوع كل نجم بدقة أكبر.

أحد جوانب إرث العالمة كانون هو «جائزة آني جمب كانون لعلم الفلك» التي تقدمها الجمعية الفلكية الأمريكية كل عام لامرأة نالت شهادة الدكتوراه منذ ما لا يزيد عن خمس سنوات مضت. وكانت «كانون» قد أسست رأس المال بنفسها من خلال جائزة نقدية كانت قد ربحتها، وكانت الفائزة الأولى بجائزة «كانون» عام 1934 هي «سيسيليا باين غابوشكين – Cecilia Payne Gaposchkin» والتي أصبحت الأستاذة الجامعية الأولى في علم الفلك في جامعة هارفارد.


ترجمة: سارة عمّار
تدقيق: المهدي الماكي
المصدر